الثلاثاء ٥ شباط (فبراير) ٢٠١٩
بقلم عمرو صابح

قراءة فى مذكرات الفريق أول محمد صادق

مذكرات الفريق أول محمد صادق وزير الحربية المصرى من 14 مايو 1971 حتى 26 أكتوبر 1972، والتى صدرت منذ أيام بصياغة الكاتب الصحفى عبده مباشر، تحتوى على العديد من المفاجأت.

الفريق أول محمد صادق والذى كان يشغل منصب مدير المخابرات الحربية من عام 1966 حتى عام 1969، ثم تولى منصب رئيس الأركان خلال الفترة من 13 سبتمبر 1969 حتى 14 مايو 1971، لعب دور البطولة فى تثبيت الرئيس السادات على عرش مصر خلال أحداث مايو 1971، ولولا صادق ما تمكن السادات من البقاء فى السلطة.

يؤكد صادق فى مذكراته ان رجال الرئيس عبد الناصر ممن اصطلح على تسميتهم بمجموعة مايو، وعلى رأسهم الفريق أول محمد فوزى كانوا يخططون لانقلاب على الرئيس السادات منذ أبريل 1971، ويرى صادق ان على صبرى كان رجل السوفيت الأول فى مصر، ويرصد صادق عبر صفحات مذكراته وقائع حمايته للسادات الذى لم يكن يعلم ان صادق يناصره إلا بعدما أرسل له صادق رسالة عبر الأستاذ هيكل انه يسانده، وانه حريص على بقاء القوات المسلحة خارج صراع السلطة.

يتهم صادق وزير الحربية محمد فوزى بالكذب والتجنى على دور المخابرات الحربية خلال حرب 1967، ويؤكد صادق ان كل تقديرات المخابرات الحربية لسير المعركة كانت صائبة، وانه حظى بإشادة من الرئيس عبد الناصر ومن السوفيت بعد أن تمت دراسة تقديرات المخابرات الحربية بعد الحرب.

يقدم صادق رواية مذهلة عن حادث الزعفرانة على طريق السويس – رأس غارب فى 9 سبتمبر 1969 وهو عمل عسكرى إسرائيلى تم تصويره كغزو لمصر، يقول صادق فى روايته ان المخابرات الحربية التى كان يرأسها رصدت الهجوم الإسرائيلى منذ بدايته وانه اتصل شخصياً بوزير الحربية محمد فوزى وأبلغه ولكن فوزى وصف كلامه بالخرافات وكلام المغيبين، ولم يكتف صادق بذلك بل اتصل برئيس الأركان أحمد اسماعيل وأبلغه ولكن رد اسماعيل كان مطابقاً لرد فوزى، والأغرب ان الرئيس عبد الناصر بصحبة محمد فوزى وأحمد إسماعيل كان يشهد مناورة عسكرية بالذخيرة الحية فى السويس على بعد 50 كم من الغارة الإسرائيلية ورغم ذلك لم يقم فوزى واسماعيل بتحذيره وإلغاء المناورة، يضيف صادق انه فى النهاية لم يجد سوى قائد الجيش الثالث اللواء عبد القادر حسن لكى يبلغه بالتوجه فوراً للرئيس عبد الناصر وإبلاغه بالأمر وتحذيره من احتمال مهاجمة الطيران الإسرائيلى له، عندما أبلغ عبد القادر حسن الرئيس عبد الناصر بالأمر أمر بإلغاء المناورة وتوجه لمكتبه القاهرة وأمر أحمد اسماعيل بالتوجه للزعفرانة فوراً ومتابعة المعركة بنفسه ولكن اسماعيل خالف أمر الرئيس وتوجه لمكتبه بالقاهرة، وعندما علم عبد الناصر قرر طرده من الخدمة وتعيين صادق بديلاً عنه فى 13 سبتمبر 1969، وقد ظل أحمد إسماعيل يكره صادق ويتهمه ان تبليغه لعبد الناصر كان هو السبب فى قرار طرده من الخدمة واحالته للمعاش.

يؤكد صادق ان الرئيس عبد الناصر كان ينوى طرد وزير الحربية محمد فوزى أيضاً من منصبه بعد حادث الزعفرانة، ولكن السوفيت تدخلوا لمنع ذلك، فقد كان فوزى وطيد الصلة بهم!

من المعروف ان متابعة الرئيس عبد الناصر لحادث الإغارة على الزعفرانة وانفعاله بما يجرى، تسبب فى إصابة عبد الناصر بالأزمة القلبية الأولى، وبعد عام من الحادث، أصيب بالأزمة القلبية الثانية التى أنهت حياته.

يقول الفريق صادق فى مذكراته ان الفريق الليثى ناصف قائد الحرس الجمهورى كان موالياً لوزير الحربية محمد فوزى، ولسامى شرف وزير شئون رئاسة الجمهورية، وانه كان متأمراً مع مجموعة مايو ضد السادات، ولكن علم الفريق صادق بمخططاته، ومحاصرة قيادة الحرس الجمهورى بقوات عسكرية موالية لصادق، وتهديد صادق لليثى ناصف بإجهاض أى تحرك لقواته ضد السادات، هى الأسباب التى دعت الليثى ناصف للوقوف فى صف الرئيس السادات، ويؤكد صادق انه لم يبلغ السادات بحقيقة مواقف الليثى ناصف، ولكنه فوجئ بعد ذلك بوفاة الليثى ناصف فى العاصمة البريطانية لندن بشكل غامض.

يقول صادق ان مجموعة مايو كانت تخطط لجر السادات لحرب بدون استعداد فى أبريل عام 1971، وان الفريق أول محمد فوزى لم يقم بوضع أى خطط هجومية بل خطة دفاعية هى الخطة 200، وان فوزى كان يريد من السادات السماح له بشن حرب استنزاف جديدة وليس معركة لتحرير سيناء، وعندما رفض السادات قام وزير الحربية محمد فوزى بوضع خطة للانقلاب عليه بالتعاون مع سامى شرف وشعراوى جمعه، ولكن الفريق صادق احتفظ بالخطة لديه وأجهض الانقلاب، وفى المذكرات صورة لخطة الانقلاب التى يرى صادق انه لو قدمها للرئيس السادات لأمر بإعدام كل أفراد مجموعة مايو 1971.

يروى صادق انه بعد اعلان استقالة الفريق أول محمد فوزى من منصبه كوزير للحربية بأكثر من 5 ساعات، كان فوزى مجتمعاً بمكتبه بوزارة الحربية بمجموعة من كبار قادة الجيش من أجل التخطيط لانقلاب عسكرى، ولكن صادق بمجرد علمه اقتحم الاجتماع بمفرده، وطلب من فوزى الانصراف لأنه مستقيل، كما صرف باقى القادة، ويتعجب صادق من عدم إقدام فوزى على اعتقاله، وانصياعه لأمر صادق بفض الاجتماع والرحيل من الوزارة.

يرى صادق ان احمد اسماعيل كان اختيار الرئيس السادات الأول لمنصب وزير الحربية بعد أحداث مايو 1971، ولكن دور صادق فى السيطرة التامة على القوات المسلحة أجبر السادات على تعيينه كوزير للحربية.

يؤكد الفريق أول محمد صادق فى مذكراته ان خطة ”المأذن العالية” التى تم تنفيذها فى حرب أكتوبر تم وضعها خلال عهده، ومعها خطة أخرى هى ”جرانيت المعدلة” والتى كانت تستهدف الاستيلاء على منطقة المضايق الحاكمة بسيناء، وان الشاذلى كان يؤيد المأذن العالية بينما صادق يؤيد جرانيت المعدلة.

يروى صادق ان أشرف مروان الذى قام الرئيس السادات بتعيينه سكرتيراً له كان مكروهاً فى البداية من جيهان السادات بسبب علاقاته الوطيدة بالليبيين وتنظيمه حفلات خاصة لهم أثناء وجودهم بمصر، وان السادات سأله عن رأيه فى مروان، فأجابه صادق انه لم يكن يشغل أى منصب فى حياة عبد الناصر وانت من جعلته سكرتيراً لك، ثم يتعجب صادق من رضا جيهان السادات بعد ذلك عن أشرف مروان واصطحابها له فى جميع رحلاتها خارج مصر.

عبر صفحات المذكرات تبدو كراهية الفريق أول محمد صادق للسوفيت طافحة فهم حسب شهادته، تخلوا عن مصر فى حرب 1967، وساوموا المشير عامر فى صباح 6 يونيو 1967 على تسهيلات بحرية لأسطولهم بالبحر المتوسط مقابل مده بطائرات جديدة بدلاً من التى تحطمت فى يوم 5 يونيو، وانهم حاولوا إذلال عبد الناصر وتطويعه بعد الهزيمة، ويتهم صادق سلفه محمد فوزى بمنح السوفيت امتيازات هائلة خلال توليه وزارة الحربية، كما يتهم صادق الخبراء السوفيت العاملين بمصر بسرقة وتهريب الذهب من مصر، كما يروى ان السوفيت كانوا يحرضوا السادات عليه وفى نفس الوقت يحرضوه على السادات، وان هدفهم من وجود خبراءهم العسكريين بمصر هو أن يقوم ضابط شيوعى فى الجيش بانقلاب لصالحهم يتم تأييده بخبراءهم المتواجدين فى مصر!!

ويتهم صادق الرئيس السادات بالتساهل مع السوفيت فى مطالبهم ثم يشيد بقرار السادات بطردهم من مصر، ويصف وجودهم بكونه احتلال سوفيتى أبشع من الاحتلال الإنجليزى!!
يفخر الفريق أول محمد صادق بدوره فى القضاء على انقلاب هاشم العطا فى السودان فى يوليو عام 1971.

يقول صادق انه عقب تعيينه وزيراً للحربية،عرض على الرئيس السادات 5 أسماء لاختيار رئيس للأركان منهم، وان اللواء سعد الدين الشاذلى كان رقم 5 فى قائمة الأسماء، وقد اختار السادات أن يكون الشاذلى رئيساً للأركان لأن علاقته بصادق فاترة، ويشيد صادق بدور الشاذلى فى إعداد القوات المسلحة للحرب ولكن يصفه بأنه ضابط محب للضجيج والدعاية لنفسه، ولكنه كان رجل السادات لشن الحرب المحدودة.

يقول الفريق أول محمد صادق ان خطة الرئيس السادات للحرب منذ توليه السلطة كانت القيام بحرب محدودة هدفها تحريك الموقف من أجل فتح باب التفاوض السياسى، وان رفض صادق لتلك الخطة وإصراره على القتال حتى الوصول لخط المضايق بسيناء، مع إحساس السادات بفضل صادق عليه خلال أحداث مايو 1971، وشعبية صادق الجارفة فى الجيش وعلاقته الممتازة بكبار القادة، واتهامات السوفيت لصادق بالسعى لخلع السادات والحلول محله هم أسباب اطاحة السادات به فى أكتوبر 1972.

تتناقض شهادة الفريق أول محمد صادق فى مذكراته مع شهادات القادة العسكريون محمد فوزى وأحمد إسماعيل وسعد الدين الشاذلى وعبد المنعم خليل وعبد المنعم واصل وأمين هويدى فى مذكراتهم.


مشاركة منتدى

  • من تابع مذكرات الفريق فوزى و الفريق الشاذلى و الفريق صادق و الرئيس السادات و ما صرح به هيكل ، لا بد ان يتبين عبقرية السادات الذى اكتشف مبكرا التفوق العسكرى الاسرائيلى و عدم امكانية تحرير سيناء مرة واحدة ، و فى الوقت ذات يتبين القارىء جعجعة الفريق فوزى بقدرة مصر على تحرير سيناء فى ستة ايام !! بخطة وهمية اتضح انها لم توضع ابدا ، كما يتبين القارىء سذاجة الفريق صادق فى اصراره على الوصول للمضايق - فى العام 1972 - مع ان الجيش لم يستطع احتلال عشرة كيلو مترات فى 1973 بل و ان بعض نقط بارليف لم تسقط ابدا بالاضافة الى عبور اسرائيل و محاصرتها الجيش الثالث و السويس و احتلالها مدينة الادبية !!
    فقط الفريق الشاذلى هو الذى صدق على خطة احتلال عشرة كيلو شرق القناة مع استمرار القتال بدون توقف و قدالتقى و السادات فى هذه النقطة و لكنه لم يكن يعلم نوايا السادات فى الحل السلمى الذى بناه السادات على قاعدة قراءة الفكر الاسرائيلى و قد صحت توقعات السادات فرحمة الله عليه و على شهدائنا الذين احرزوا النصر و اعادوا الارض و الكرامة
    اخيرا يذكر للفريق صادق انه اسس منظمة مصر العربية و المجموعة 39 قتال التى اذاقت الويلات لاسرائيل فى حرب الاستنزاف

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى