الثلاثاء ٦ حزيران (يونيو) ٢٠٠٦
بقلم محمد البوزيدي

قراءة في رواية المبدع المصري "بورتريه لجسد محترق"

تقديم

تعتبر رواية المبدع احمد عامر جرد متمبز وضبط حقيقي لمسارات متعددة ضمن جسد واحد ،إنها إعلان خاص بمعايير متعددة تحاول تقديم وضع قائم يخترق الذوات المتنوعة محليا وعربيا ،والذي يجد تجلياته في الإحساس بالهزيمة المتعددة الأبعاد التي رافقت الكنات العربية الذاتية والجمعية طوال فترة الستينات مع ظهور طبقة سياسية تحاول التلميح أنها قدمت من أجل التغيير .

إن الرواية تندرج في إطار رصد ذكي لمرحلة شيقة في تاريخنا مازالت ممتدة منذ سنوات ومازلنا نعيشها وآلامنا الخاصة والمتعددة وبأحلامنا التي يعتبرها الجميع متوقفة ومعلقة حتى إشعار آخر ،ليشعرنا بدقة وحساسية اللحظة وليطرح علينا وبالمقلوب سؤال ماذا نفعل الآن ؟هل لدينا إحساس ؟هل مات الضمير أم مازال ممتدا ومتجمدا لضغوط الظرفية العامة التي نحياها؟

كل هذا تحقق في الرواية من خلال تتبع خاص لأدق تفاصيل الشخصيات المتنوعة التي اختارها الكاتب ،وفي كل شخصية نجد واقعا سرمديا كئيبا يلازمها ،وأزمة ذاتية تخترقها ،وموت واحد بصيغة الموت الجميع ،ما أن تمر بنوع منه حتى يداهمك جنس آخر وأجناس أخرى لم تخطر على بالك مما يحيل أن الموت السابق سيصبح "جيدا "مقارنة مع الآخر الذي ينتظره وسط دوامة لامتناهية من اكتئاب خانق يواصل الطريق ويزحف على الرقعة الذاتية والجماعية

1*الوضع العام

منذ البداية وفي أول تواصل معه ، يصفع الكاتب المتلقي ويداهمه على حين غرة ويخبره مبكرا أن الأبواب مغلقة ،مما يحيل على وضع سلبي تحكم في البسمة المنتظرة فأصبح لارجعة فيه فأين الخروج ؟ومتى ؟
لكن من أغلق الأبواب ؟وعلى من أغلقت ؟ولماذا أغلقت ؟وهل هناك سبيل للخلاص والامل ؟وماذا وقع داخلها مادام أن المتحدث بالضرورة سيكون داخلها مادام صرح أن المستقبل مجهول و الله الله ع المستقبل
1+1من أغلق الأبواب ؟
على طول صفحات الرواية تجنب الكاتب أن يرصد لنا جهة محددة بل إنها جهات متعددة تحالفت واتحدث لتنتج لنا علاقات متنوعة بطعم واحد ،وسجان واحد فمن هو ؟

1+المحتل :

انه البعد التاريخي للأمر فقد كانت الأرض محتلة من طرف *ينطق لغة مختلفة * وفي هذا دلالة على أن الاحتلال أصبح واقعا معيشيا في كل مكان داخل الوطن العربي ،وإن لم يكن مباشرا فهو اتخذذ أشكالا أخرى ،لكن هنا الأمر واضح اذ تتبع الكاتب تحركاته فهم يمرون على الطريق إلى العرب ترى أي طريق ؟؟
هل برية ستمر ببلدان أخرى أم من البحر أو من الجو ؟هل هي عربية أم لا ؟ا أليس الأمر إحالة أن بعض العرب يسهلون مهمة المحتل الآخر برا وبحرا وجوا ؟؟؟؟؟؟؟؟

كما لايكتفون بالاستيلاء ونزع الخيرات بل يحاولون ترويج سلع عديدة كالحشيش والأفيون مما يدمر الجسد المغلوب على أمره وينهشه بشكل قبيح ،هل فعلا الحشيش بالمفهوم المادي أم الأمر قد يتعداه إلى الثقافة المختلفة والسلع التي تعتبر أفيونا لدرجة أصبحنا مدمنين عليها نخشى انقطاعها كالهواء؟؟؟؟؟؟ ،طبعا قد لايتقبلها البعض لكن هل الآخر الأخير سيتقبل ذلك ،الجواب لا لكن النتيجة والرفض قاسية اذ الجزاء هو الاغتيال والاعتقال ،إنه الوضع المفزع الذي وجد الكاتب فيه نفسه من رد فعل المحتل على رفض الآخر فهو يغتال *المشاكسين ..ويحتجزون أصحاب الأصوات المزعجة * وتنكية في الزمن الرديء يتمادون في كل شيء حتى التصرف في مصدر الأكل والرزق ف*يحتلون الحقول *ويظلون إلى مالا نهاية .

انه الوضع المأساوي الذي حل بعبير القرية البسيطة التي تحيل على قرى عديدة صغيرة وكبيرة بل لعلها تشير للعالم العربي لدرجة فرض فيها المستعمر ذاته ما دعا الكاتب للتصريح قسرا أن الأمر أصبح *لامفر*منه .

ونفس المشاهد المؤلمة تتكرر دوما لدرجة أصبح الموت حليف كل شخص داخل القرية وإن بقي على قيد الحياة فالحزن أطول من العمر *
أما العملاء الذين قد ينجون من الاعتقال أو الاغتيال فهم *آثروا الصمت *وباعوا وطنهم مقابل *الزوجة والأولاد*
اذن فترف الحياة المعنوي قد غاب بإرادة ذاتية ،وهذا هو عمق أزمة الجسد الذي يخترقه العملاء المنتشرون في كل مكان والذين لاخلاص لهم أصلا الا باعتمادهم على مبدأ التقية أو أنا أو الطوفان
يحدث هذا رغم إقرار الكاتب أن الزمن القادم قد يؤثر في الجسد حتى يتراجع عن قناعاته فالكاتب كنموذج للمثقف العضوي يقي صامدا رغم كل الظروف كما صرح بكل تلقائية *لم أستطع أن أخون نفسي مع الوقت *

2+العسكر /الجيش

تعاني اغلب المجتمعات العربية من القمع المتواصل الذي يتعرض له الشعب المغلوب على أمره من طرف جيوشه التي وضعت أصلا لحمايته فهم /العسكر/ يتصرفون بدرجة كريهة والكل في نظرهم متهم إلى مالا نهاية ولو ب*تجربة الإنتماءالى هذه الأرض*12 هل يطلبون منهم الخروج لكن إلى أين ؟؟هل يشبهون الفلسطينيين في تعامل اسرائيل معهم وتشجيعها الهجرة من فلسطين إلى أي مكان اخر.؟؟؟؟؟؟؟

فسادية الاعتقال حاضرة كل وقت وحين و* قسوتهم*غذاء يومي خاصة ضد الفقراء الذين يمثلون في نظرهم قنابل محتملة الإنفجار في كل لحظة خاصة أن وضعيتهم مزرية تدل عليها ملابسهم الرثة*لتكون النتيجة هي الاقتياد إلى الزنازن المظلمة ولو بتهم وهمية كما اعترف البعض *قتلنا أحد الهياكل بسيارة لم نمتلكها *ولاينادونهم سوى ب يا بان العاهرة
3+المواطنون :ألا يمكن أن يغلق أولئك على أنفسهم فشعورهم أصلا محقق عبر توهم ان هذه الارض ليس ملكهم بل لللآخرين لا .. دى مش بلدنا .. دى بلدهم والكل باستثناءات قليلة
دخل فى جوف الصندوق وأغلقه على جسده فى انتظار ما هو أفضل من الحياة
لكن لن يجد سوى وضعا متازما فيه يحترق صدره، ولا يستطيع اللسان أن يغادر وكره. فتوصوا لقناعات وهمية ألا مفيش أمل اللى بنيناه بالقوى ضاع بالاستسلام، راح السوق وأرضنا راحت حتى الجوامع قاعد فيها شوية

1+2أين تم الإغلاق /المكان؟

يبدو انه متعدد وغير محدد بدقة وإن كان الكاتب يلمح لفضاء واسع عبارة عن أكواخ من حطب تتشكل من بيوت ذات واجهات طينية تسمح للرمال بالهروب من الشقق المجاورة تتشكل من جدران طينية متهالكة و مشققة تعتمد على" أعواد النخيل المغطاة بالطين والتبن" لكن يوضح بعد ذلك أن المكان /السجن واسع كبير عبارة عن "قرية أصبحت زنزانة كبيرة حول جسده" .
إن فضاء القرية في نظرنا يحيل للتعسف الذي يمارس على الفلاحين المغلوبين على أمرهم لذلك تجد الكاتب يجاهد لضبط سمات القرية ،حيث توجد داخلها حيوات/حيوانات عديدة كالثعابين والعقارب والذباب والحمار والفئران والقطط والطيور الليلية ،كما يحيل إلى الفئة النشيطة وهي الفلاحين ...
ألا يحيل الفضاء الصغير لفضاء أشسع منه ؟وهو الوطن أو الوطن العربي
لقد كان الكاتب ذكيا في إيماءاته فهل الحيوانات المقصودة هي إشارة لشخصيات تقمصت نفس الملامح واتخذت نفس السمات بشكل آخر،بل تمارس نفس السلوكيات الحيوانية التي جردت على طول صفحات الكتاب
ان مايؤكد هذا الإستنتاج أن الكاتب لم يشر لحيوانات أخرى تتحرك وتقوم بأفعال لااخرى ،وحين ذكر بعضها كان يرمز بها للحرية والانعتاق من ربقة العبودية والاستغلال والاستعمار المزدوج :إنها أسراب العصافير .

كما لمح لحيوانات أخرى دلالة على الصبر وهو الحمار الذي وصفه رغم ذلك انه لم يضل الطريق /،أم أن الحمار دلالة على حيوان يستعبد ولامتحكم فيه دون القدرة على التحرك .

لكن القرية لاتعيش زهو الطبيعة المشتهرة به وصفاء الهواء بل هي مثال للإغلاق التام ،انه قبر يسكن فيه أموات قبر ذي دلالات خاصة وهو نفق مهجور مما يوحي ببؤس الأوضاع الخطير ،ومما يدل على أن الكاتب تكلم أحيانا عن مقابر فلكل قبره والقبر في المقابر .

فالقرية اذن قرى متعددة في المكان متوحدة في زمن البؤس المهيمن عليها ،رهيبة في فضائها العام والقايي .

1+3مدة الإغلاق
طبيعي أن إغلاق باب معين يستلزم فتحه ،لكن متى ؟والدخول إلى الزنزانة يستلزم إفراجا معينا ،لكن في القرية لامكان للمنطق ولاللقانون ،لذلك فطبيعي أن يكون الإحتجاز إلى مدة لايعلمها الا مرسلو العسكر أو المحتمل للتنفيذ فالإنسان هناك مهمل دون تهمة محددة وليس له إلا الانتظار لزمن محدد أو معين لاستعادة حريته بل يمكن له فقط عد الايام الى النهاية القريبة في صمت خاص ذي طقوس معينة إذا استطاع ضبط إيقاعاته لان العديد من النزلاء "لم يستطع ان يحصي الايام التي قضاها في الزنزانة منكسرا"والنهاية القريبة هي النهاية الطبيعية له كذات.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى