الأربعاء ١٩ تموز (يوليو) ٢٠١٧
بقلم مهند النابلسي

قراصنة الكاريبي والمومياء

مغامرات جامحة وفنتازيا لافتة ومسوخ ولعنات هائجة ومؤثرات (بصرية-حاسوبية) مدهشة!

"نماذج ترفيهية ابداعية لسينما الفنتازيا المكلفة"

*قراصنة الكاريبي: الموتى لا يروون القصص(7/10):

يبحث الكابتن جاك سبارو (جوني ديب بدوره المعهود الظريف) عن الرمح الثلاثي لبوسايدن، فيما تتم ملاحقته بلا هوادة هو وأنصاره المخلصين من قبل مسوخ القراصنة الجامحين (الموتى-الزومبي)، بقيادة الكابتن سالازار المرعب (خافير باردم في تقمص رائع ومعبر واستثنائي)، وهم اللذين يسيطرون على المحيطات ويتوقفون عند حدود اليابسة، كما أنهم يطمحون بدورهم للحصول على الرمح الثلاثي، وسالازار هذا المسخ القيادي المتوحش يسعى جاهدا للهيمنة على مثلث الشيطان وقتل كل القراصنة المارقين بلا رحمة... أخرج الفيلم كل من "يواخيم رونينغ وايسين ساندربيرغ"، وقام جوفري راش بدور زعيم القراصنة المناوئين مع كارينا سيميث "كايا سكوديلاريو" كعالمة فلك شغوفة ومثابرة، بصحبة هنري (بريتون كويتس) كبحار شاب عنيد منتدب من البحرية الملكية، حيث يتضافرون جميعا مع الكابتن "جاك سبارو" كحلف لمواجهة الأعداء والتحديات والتغلب على سؤ الحظ المزمن...يبدأ الفيلم بلقطات حركية- كوميدية تستهل بسرقة خزنة بنك ضخمة وبداخلها جوني ديب، مدمن الكحول الذي يغفو داخل الخزنة، ويبدأ جرها عنوة مع ضخامتها بواسطة خيول جامحة من قبل عصابته، حيث تتطاير النقود تدريجيا بفعل المطاردة اللاهثة عبر شوارع المدينة...وننتقل لتفاصيل الحبكة التي تدور حول الصراع الدامي بين فريق جاك سبارو، والفريق الاخر المتوحش بقيادة سالازار، فيما يتم تنشيط سحر الجزيرة من قبل جاك وكارينا، ثم يدرك هنري أن تدمير "ترايدنت" (الرمح الثلاثي) سيصب كل اللعنات على البحر ويطلقها على الجميع، بينما يعود سالازار وطاقمه من المسوخ مرة اخرى الى الحياة، ويعلن هنري حبه لكارينا، ويضحي بنفسه مع باربوسا لمقاومة سالازار وفريقه الجامح لانقاذ كارينا والآخرين، كما يعود جاك وباربوسا والحلفاء للجزيرة لاستعادة اللؤلؤة السوداء، المتواجدة داخل زجاجة، والتي حصل عليها كهدية من ساحرة البحر المشعوذة "شانزا"، وخلال الرحلة يدركون أن كارينا ما هي الا ابنة "باربوسا" الضائعة منذ زمن طويل، والتي تركت في دار للأيتام...انه فيلم شيق يحفل بقوة حضور الممثلين وبالتأثيرات البصرية-الحاسوبية المدهشة والفريدة، كما أنه بمثابة "هراء" رائع جديد في هذه السلسلة (السادسة) و"كوميديا حركية" مثيرة للاعجاب، فيلم قراصنة جميل ومكلف، حافل بقصص السحر والكنوز والمسوخ والمطاردات اللاهثة، وكعادته ابدع جوني ديب بتقمص الشخصية التي التصقت به للأبد "شكلا وحركات ولباس وخفة دم كاريزمية".

المومياء:

يتم ايقاظ اميرة مصرية قديمة (حنطت حية انتقاما) من سرداب غامض تحت رمال الصحراء، وقد نما لديها حقد سرمدي على مدى غفوتها القسرية للآلاف السنين، فتطلق على الجميع رعبا هائلا يفوق الفهم البشري، من اخراج "اليكس كورتزمان"، وتمثيل كل من توم كروس، المتحمس كعادته للقيام بدورالضابط العسكري "نيك"، الذي يعبث بلا قصد بقبر الأميرة مطلقا كما هائلا من الشرور ، كما يصبح هو ذاته لاحقا مسكونا بلعنة أبدية لا فكاك منها تطلقها عليه الأميرة الحاقدة، تحوله بدوره لمومياء في نهاية الشريط، وتلعب "سوفيا بوتيلا" دور الأميرة "أحمانيت" باسلوب استحواذي لافت، والممثلة "أنابيل واليس" بدور عالمة الاثار الجميلة الشغوفة "جيني"، وحيث تتعرض لندن لهجوم كاسح من قبل الأميرة وأعوانها يتمثل باطلاق اللعنات والكوارث (ولا نعرف لماذا تم اختيار لندن؟)، ثم تستدعي أحمانيت عنكبوتا عملاقا لانقاذ نفسها من الأسر، ويهرب نيك مع جيني من ما يسمى "البروديجيوم"، بينما تهرع أحمانيت لسرقة الخنجر الملعون، مستدعية جيشا من "الصليبيين القدامى المتوفين" البريطانيين (ولا نعرف كذلك مغزى هذا الخلط المشوش للأحداث؟)، فيما يقوم الفرسان الموتى بذبح الجنود المساكين، ليتم تدمير لندن، وليبقى "البروديجيوم" في معبد المقبرة المهيب، مما يسمح لأحمانيت باسترداد الياقوت ووضعه في الخنجر المسحور لمنحها كل الطاقة اللازمة لاطلاق قوة شيطانية فريدة. يبدع هنا الممثل الاسترالي الشهير "راسل كراو" بدور "د.هنري جيكيل" العالم اللامع القادر ببراعة على ادارة ما يسمى "البروديجيوم"، وهي المؤسسة الساعية لاحتواء المسوخ بعد ايجادها، وبسبب تعرضه مرارا للتجارب الفاشلة، وخوفا على سلامة روحه من اللعنات السحرية والشعوذة، فانه يحقن نفسه بانتظام بمصل خاص، حتى يمنع نفسه من التحول للشر ثم بغرض اكتساب المناعة الذاتية "الحمائية"...يعرض الفيلم كما كبيرا من المشاهد الفنتازية الحركية المتتابعة بلا هوادة، مما قد يسبب بعض الصداع والتيه، وتظهر المشاهد كخليط من الفوضى والصخب، في محاولة لفرض توم كروز بدور بطولي لا يتناسب حاليا ربما مع عمره الذي تجاوز الرابعة والخمسين، كذلك فالشريط يفتقد للطرافة اللازمة، وأحيانا لضعف القناعة بالمسوخ "الحاسوبية" وحركاتها الهائجة، حيث يبدو وكأن التكوينات والمؤثرات الحاسوبية هي التي تغلب وتفرض ذاتها، لم ينل هذا الفيلم تقييما نقديا عادلا (حوالي 6 من 10)، ولكن بالحق فقد نجح المخرج بتوصيل عدوى اللعنات في المشاهد الأخيرة للشريط، وخاصة عندما يتحول توم كروس بدوره لمومياء بفضل لعنة الأميرة القاهرة، حيث يفسر الدكتور هنري جيكيل ذلك "بمسخ يلاحق مسخا ليصبح ندا له لانهاء اللعنات والخلاص"! ...ثم تنتهي لعنة الأميرة الحاقدة مؤقتا بواسطة وضع جثتها في حوض زئبق مغلق لحفظها في قاعدة "البروديجيوم"، كما نلاحظ أن علاقتها مع "نيك" هي اشبه بعلاقة "حب وكره" مزدوجة ذات بعد سادي مرضي وربما جنسي مكبوت، ويجب التنويه ببعض المشاهد الحابسة للأنفاس والمشوقة ومنها مشهد هجوم العناكب على الطائرة وتدميرها من الداخل، فيما يستميت كروز لانقاذ عالمة الآثار الجميلة، مانحا اياها "مظلة القفز" الوحيدة لتنجو بنفسها، كما انها تقدر له هذا الجميل وتعتبره عربون حب واخلاص. أردت بقصد أن اجمع الحديث المختصر عن هذين الفيلمين الحديثين، لكي اشير لخصائص سينما الفنتازيا والخيال الحافلة بالمؤثرات والأحداث والمغامرات والتي تكلف عشرات الملايين، والتي تبهرنا بالمشاهد والمؤثرات البصرية والصوتية (بنظام ال (D3 والتي تسلي الملايين وترقى بخيالهم وتصل أحيانا لتخوم الابداع والتشويق والفرادة، والتي تفرض علينا احيانا أن نتعمق في الثيمة والحبكة لنكتشف المغزى، عكس ما يعتقد الكثير من النقاد بأنها مجرد سينما "تجارية-استهلاكية" وترفيهية خالية من المعنى!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى