قصائد واكبت حرب أكتوبر المجيدة
بعد نكسة الخامس من يونيو- حزيران 1967 عاش أبناء جيلي العربي حالة من اليأس والإحباط، لكنها لم تدم طويلا، حيث تكفلت حرب الاستنزاف التي استمرت طيلة ثلاث سنوات بأن تعيد التوازن لأرواح أبناء هذا الجيل، ثم تفتحت أزهار الأمل مع انطلاق الشرارة بأحلى بشارة، بشارة تحطيم أسطورة الجيش الصهيوني الذي لايمكن أن يقهره أحد، لكن هذه الأسطورة سرعان ما تحطمت على أيدي أبناء الجيشين المصري والسوري، وبقضل مساندة الجماهير العربية، وإذا كان لم يقدر لي أن أشارك وقتها في شرف الدفاع عن الأرض العربية بالسلاح، فإني واكبت حرب أكتوبر المجيدة بسلاح الشعر، حيث توالت قصائدي وقتها قصيدة تلو أخرى، وها أنذا أعود لتلك القصائد لكي أختار بعضا منها لديوان العرب، مواكبة لذكرى مرور أربعين سنة على تلك الحرب المجيدة التي أذلت غرور الصهاينة، وأحيت الروح العربية من جديد.
(1) أغنية إلى الرجال
مباركُ وثوقكم بالنفس والوطنمبارك نضالكم .. مبارك إقدامكم على اقتحام النارلتركلوا المحنوتهدموا الأسوارمبارك تكبيركم من بعد أن طال السكوتوارتعشتْ أصواتنا وانبهمتْ كأنها قد أصبحتْ مراياتعكس ما تنقشه أعماقنا من قصصٍ تعرفها كل البيوتأبطالها الضحايا***انطَلِقوا عاصفةً تقتلع الذلة والهوان من نفوسناتزيح طينَ النكسة الكالحَ عن رؤوسناإذ تنزع القيودمن قدمَيْ سيناءوتكنس الوهم الذي حاول اليهودأن يغرسوه بيننا ليقِلبَ الميزان والأشياء والأسماءانطَلِقوا عاصفةَ تهزأ بالسدودتقول في انطلاقها: أين يوهم الأعداء؟!***انطلقوا إلى الأماملأننا نرفض أن تلتفتوا إلى الوراءفنحن من ورائكم، قلوبنا تَعْضدكم مهما تكاثف الظلامواحترفتْ عيون بعضنا الرجوع للبكاء***لا تسندوا آمالكم على جذوع المعجزاتِ والرؤى البهيهفكلُّ شعبٍ خاضَ في زماننا معاركَهْلم ينتظرْ رجالُه أن تهبط الملائكهْمهلكةً أعداءهم بنارها الخفيه***مصر التي كم ألقمتكم ثديها وباركتكم روحها الأبيهمصر التي كم صبرتْ وصابرتْ تسألكم أن تدفعوا غولَ الظلامعن صدرها الشرقيّ حتى يقبل النهار بالأغنية النديهمصر التي كم سهرتْ في صمتها وحزنها لن تصبح الضحيهلن تقبل اليوم السلامإلا إذا تخلصتْ سيناء من أغلالها .. والمدنُ القصيهعادت إلى أصحابها .. فانطلقوا إلى الأمامتلك هي القضيه
(كتبت يوم14 أكتوبر 1973 )
(2)من أجل تلك اللحظة
ما أطول الطريق يا رفاقنا المحتشدين في خطوط النارالشهداء عانقوكم، صنعوا منكم قذائففانفجروا - من أجلهم - لتقصموا ظهر المخاوفوتنقذوا الأشجار***يا جندنا الثوارالشهداء عاهدوكم أن تعيشوا بعدهم لتكملوا المسيرهوتوقفوا الإعصارفترجع الشمس إلى بلادنا أميره***والفقراء قاسموكم خبزهم وملحهم لتصبحوا الطلائعفخِلّصوا الصبية الأسيرة التي طال اشتياقهم إليهالتخفق القلوب في الحقول والمصانعوينشد الرجال أغنياتهم لديها***والأمهاتُ قد جلسنَ صامتاتٍ في البيوتيرقبن أنباءَ انطلاقكم إلى سيناءلترفعوا أعلامنا وتطردوا الأعداءوتخلقوا - بطردهم - نهارَ بعثٍ لا يموت***والشعراء أوقدوا قلوبهم وانتظروا ميلادَ روح ثائرهتعيد للأشياء نبضها، وللمدى اتساعه، وللجباهعزتها.. وللنهار عشقه للقاهرهحيث الشفاه الظامئات تشتهي الحياه***كم صاح صوتُ اليأس في المهاجرين الضائعينلا.. لن تعودوا فاكتبوا وصاياكم وأخبروا أبناءكم أن الديارضاعت ولن تعود إلا في المنام فالأعداء أحكموا فرض الحصارلا لن تعودوا فامكثوا وَسْطَ الخيام قانعين!***والآنَ .. والوجه القبيحيسقط في الوحل على أيديكم المظفرهفلتَذْكروا أننا كم قد صبرنا واحتملنا عصرنا المرَّ الشحيحمن أجل تلك اللحظة المجيدة المطهره***للريح أن تنامللبحر أن يهدأ، للصخر العنيد أن يلينوليس للثوار أن يرتقبوا المنام أو ينتظروا السلامإلا إذا ساروا على طريقهم مظفرين***يا إخوتي كل الذي من أجله عشنا وغذته الرؤى الثوريهنتركه وديعة غالية لديكمفلترهنوا من _جلها أرواحكم ولتحفظوها حرة لديكمفإننا - بعزمكم - نحتضن الحريه
(كتبت يوم16 أكتوبر1973)
(3)حوار مع الدم الذي أريق عام 1967
كم قال لي الدم المراقلقد سقيتُ الأرض يوما .. كيف تنسانيوتترك الكِلْمة - لا المدفع - تنعاني؟ألستَ واثقا بأن الكلمات ترتدي أقنعة من النفاق***لشد ما طاردتَني في الصحو والمنام أيها الدم النبيللكنني.. واآسفَاكنت أريد مدفعا، ولم يكن لديّ غير كلْمة معذبهإيقاعها هزيلوروحها تغص بالصواعق المحجبهلذا تراني قد جلستُ تائها مرتجفا***كانت خطوط العجز في أوجهنا تنشقوالسنوات باهتهوكانت الرؤى تغيم بالأسى في دمنا والصحراء صامتهتعكس موتَ الحق***وكان أن سكتُّ وانكمشتُ مكرهاوحينما أرادت الأشجار أن تغنيأفشيت سرهاثم اتهمتُها - بكل قسوة التجني -بأنها خائنة لكل ما تحسه نفوسنا المنكمشهلأنها تطرب للأغنية السعيدهوتستمد - عادة - غناءها من جهة غامضة بعيدهوقلتُ: أَبعدي غناءك السعيد عن خطى بلادي المرتعشه***لم تكن الأشجار قد غنتْ، ولكني انتفضتُ غاضباوفجأة أشعلتُ فيها النار ثم لذت بالحسرة والدموعوبعدها - يا ويلتي - أخرجت نفسي شاحبامن بين أشجارٍ تفحمتْ ولم يعد لروحها هنا رجوع***تثاقلتْ أيامنا الشائهة الملامحوالجوع يطحن القرى، وأوجه المنافقين تلعق التضليلوتشتري الكذبةَ بالكذبة، والتصريح بالتسبيح والتهليلوتنصب الشراك ثم تنحر الذبائحوضعتَ يا دم بلا معنى على الرمالفي الصحراء الصامتهوانتظرَ الرجالواندس في العروق ملحُ السنوات الباهتهملح بلا شكل ولا طعم يظل يفسد المطامح المرتقبهوكان لا بد وأن ينفجر الشروقبالقلق الهادر في مظاهرات الطلبهوالأمل الطاغي بأن تنطلق البروقوكان لا بد من الموت لكي تنطلق الحياة في مسارهاوكان لا بد وأن يستيقظ الرجالويكنسوا انتظارهم ويبدأوا القتالويدفعوا دماءهم مخِلّصين أرضنا الحلوة من إسارها***يا أيها الدم الذي أريق فوق أرضنا في الزمن المر البعيدها نحن قد سرناانطلق الرجال للقتال، والدم الجديدأكسبَكَ المعنىفكان أن أشرقتَ في سيناء والجولان بعد الليل والصمت البليدوكان أن باركَتنا مستقبلاً أحلامنا في وطن حر سعيد
(كتبت يوم24 أكتوبر1973)
(4)أغنية حب للسويس
حين تقاتل الحجارةُ التي تسقط من بيوتك المهدمهوحين يسقط الغرورأمام هذه المداخل التي تُرِي العدو جانبا من القبوروحين ننتهي إلى مدرعات الغدر إذ تحشرجتْ محطمهنعرف كم تحترقين الآن من بيت إلى بيت ولا تستسلميننعرف كم تستبسلين***فليقبلوا بغدرهم، فإنهم شراذم النازية المنسيهوإنهم أعداء هذا الأمل السامي بأن تنطلق الشعوبوتوقف الحروبليغمر الإخاء قلبَ الكرة الأرضيهفليقبلوا بغدرهم، ولتسهري فإنهم لن يتركوك سالمهإلا إذا تساقطتْ أجسادهم على يد الرجال من أحبابكوآمنتْ قلوبهم أنك لست نائمهولن تنامي لحظة، ما دام للعدوان أذناب على أبوابك***أيتها المدينة الساهرة التي عشقتُ صبحها وليلهاوحينما عانقتها نقشتُ في قلبي الحزين شمسها وظلهاوحينما أبصرتُ في الشوارع الخاوية الجنودَ والأحجارتمايلتْ، وكلمتني أصغرُ الأشجارقائلة: لا تبتئسْ .. فنحن لن ننهارأقول: يا سويس يا قديسةً غاضبةً تعمدتْ بالناربيوتك التي تهدمت سَتُبني من جديد حين تلقَى أهلهافليقبلوا - أعداؤنا - مع الحليف الغادرِولتسهري وتَذْكري بأن في دمائنا طاقاتِ شعبٍ صابرِيعرفُ أنك التي ما خدعتْ قلوبنا يوما بعشقنا لها
(كتبت يوم28 أكتوبر1973)
مشاركة منتدى
4 تشرين الأول (أكتوبر) 2017, 18:49, بقلم منال
كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعا يرمي بصخر فيلقي اطيب الثمر
10 تشرين الأول (أكتوبر) 2017, 17:05, بقلم عبد الله اشرف
اسلمي يا مصر انني الفدا ذي يدي ان مدت الدنيا يدا ابدا لن تستكيني ابدا انني ارجو مع اليوم غدا ومعي قلبي وعزمي للجهاد ولقلبي انت بعد الدين دين لك يا مصر السلامة وسلاما يا بلادي ان رمي الدهر سهامه اتقيها بفؤادي
واسلمي في كل حين
10 تشرين الأول (أكتوبر) 2017, 17:11, بقلم عبد الله اشرف
مصر التي كم ألقمتكم ثديها وباركتكم روحها الأبيه
مصر التي كم صبرتْ وصابرتْ تسألكم أن تدفعوا غولَ الظلام
عن صدرها الشرقيّ حتى يقبل النهار بالأغنية النديه
مصر التي كم سهرتْ في صمتها وحزنها لن تصبح الضحيه
لن تقبل اليوم السلام
إلا إذا تخلصتْ سيناء من أغلالها .. والمدنُ القصيه
عادت إلى أصحابها .. فانطلقوا إلى الأمام
تلك هي القضيه