الأربعاء ١٤ حزيران (يونيو) ٢٠١٧
بقلم فاروق مواسي

قصة بيت

فإنْ كُنْتُ مَأكُولاً فكُنْ خيرَ آكِلٍ
وإلاَّ فَأَدْرِكْنِي ولمَّا أُمَزَّقِ

هذا البيت من قصيدة قالها شأس بن نهار- الشاعر الجاهلي، وهو الملقب بالممزَّق (أو الممزِّق- بالكسر*)، وسبب اللقب أنه قال بيت شعر وردت فيه كلمة (أمَزَّق)، فبسبب اللفظة كان اللقب بفتح الزاي.

(المفضَّل الضبي: المفضَّليات – النص 80، ص299- تحقيق أحمد شاكر)

البيت من قصيدة خاطب فيها الشاعر عمرو بن هند ( ويقال: النعمان) ملك الحِيرة و قد همّ بغزو عبد القيس، فقال الممزق هذه القصيدة يستعطفه، فلما بلغته القصيدة انصرف عن عزمه، وقال له:

"لا آكُلُك ولا أُوكِلُك غيري".

من القصيدة:

فإن كُنْتُ مَأكُولاً فكُنْ خيرَ آكِلٍ
وإلاَّ فَأَدْرِكْنِي ولمَّا أُمَزََّقِ
أكَلَّفْتَنِي أدواءَ قومٍ تَرَكْتُهُمْ
وإلا تَدَارَكْنِي مِنَ البحرِ أغْرَقِ
فأنت عميدُ الدينِ مهما تقلْ يُـقَلْ
ومهما تضع من باطلٍ لا يُحقَّقِ

(الأصمعيات- 58، ص 166 تحقيق أحمد شاكر).

في كتاب الذهبي (سير أعلام النبلاء، ج 28، ص 200) ورد أن الخليفة المحاصر عثمان بن عفّان استنجد يوم الدار بعلي -كرّم الله وجهه- واستشهد في خطابه بهذ البيت المسئول عنه:
وقال الزبير بن بكار: "حدثني محمد بن الحسن، قال:

لما كثر الطعن على عثمان تنحّى عليٌّ إلى ماله بيَنْـبُع، فكتب إليه عثمان:

أما بعد ؛ فقد بلغ الحِزامُ الطُّـبْيَـين ، وخلف السيل الزُّبى، وبلغ الأمر فوق قدره، وطمع في الأمر من لا يدفع عن نفسه:

فإن كنتُ مأكولا فكن خيرَ آكل
وإلا فأدرِكني ولما أمزقِ"
(الطُّبْي : موضع الثدي من الخيل
الشأس اسم الشاعر يعني الغِلَظ من الأرض،
خلف السيل الزبى- في رواية أخرى: بلغ).

فما كان من علي إلا أن بعث بابنيه الحسن والحسين يحرسانه.

وردت الرواية في عدد كبير من كتب التراث، وذكرت مع البيت قصة الرسالة، وكان موقف علي كما يُتوقّع من فتى- "ولا فتى إلا علي".

ومع ذلك، فقد كنت قد قرأت قديمًا أن هناك من يشكك في القصة، لكنني لم أنجح في إيجاد أي مصدر ينفيها.

أما اللقب الممزَّق فهو الأشيع بسبب البيت وقولة "ولما أُمَـزَّق"،

لكن هناك من يجعلها اسم فاعل- بكسر الزاي، والسبب أن ابن شأس الشاعر- واسمه عُباد قال:

أنا الممزِّق أعراض اللئام كما كان الممزِّق أعراضَ اللئام أبي

(البكري: فصل المقال في شرح الأمثال-، ج1، ص 213)

هناك ألقاب لشعراء آخرين أوردتُ بعضها في هذا الكتاب- في مقالة "صنّاجة العرب- جولة مع اللقب".

للتوسع انظر:

(السيوطي- المُزْهِر في علوم اللغة وأنواعها، ج1، ص 434- باب من لقب ببيت شعر قاله؛
الجاحظ- البيان والتبيين، ج1، ص 374- 375)

في جولتي في المصادر حول هذا البيت رأيت أن المعنى ورد لدى أكثر من شاعرـ أذكر من ذلك:
العُجَير السَّلولي:

فإن أكُ مجلودًا فكن أنتَ جالِدي
وإن أك مذبوحًا فكن أنت تذبح

شاعر:

فإن أك مأكولاً فكن أنت آكلي
فبعض منايا القوم أكرمُ من بعضِ

مشاركة منتدى

  • بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    قد أشكك في هذه الرواية لأسباب و العلم لله
    كيف يستشهد سيدنا عثمان بن عفان بشعر جاهلي بينما الظن أنه يستشهد بالقرآن أو الحديث
    كيف يعبر متمثلا بقول غيره هل عجز أن ياتي ببيت من الشعر
    هل يتصور عثمان أن الخلافة هي قبل كل شيء أكلة
    لماذا لم يأت سيدنا علي رضي الله عنه و كرم وجهه شخصيا لنجدة سيدنا عثمان رضي الله عنه
    هل يجوز أن نصدق أن عثمان شكك في كفائة خصومه و آثر نفسه عليهم بهذه اللهجة
    ربما كانت الحرب بين الصحابة لاختلاف الرأي لا حبا للرئاسة و الزعامة
    مجرد ملاحظات و الله أعلى و أعلم

  • تحياتي لكم
    هذه قصيدة قديمة كتبتها عام 2014م
    أدلي بدلوي في ديوانكم لعلّ فيها ما يبهج محبي الشعر
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    غِنى النّفس
    غِنى النفسِ يُغني المرءَ في الجــهر والسرّ**ويُزري بأصحــاب الملايــين والتِّـبر
    ويــرفـع عند الله من قـلَّ مالُــــــــه ** وأثرى بكـــنز النّبـل والطّــهر والفِكر
    وأعلـم أنّي لــن أكــــــــــون مُخَـلّـداً ** بمالٍ ولن تُزري الخصاصةُ من قَدري
    فإن كــــــــــــــــــــــــــان لي نصــحٌ لأهـــــــــــــــل مــــودتي**فإكرامُ هذي النفس في السهل والوعر
    فمن ذلّهـــــــــــــا من أجــــــــل دنيــــــــــــــا يُصيبهـــــا**فليس إذا عُــــــــــــــدُّ الغطـــــــــــــاريفُ بالحُـــر
    وإن كــــــــــــــرامَ النــــــــــاس أقمــــــــــــار عصـــرهـــم**ويُظــــلم ليلُ النــــاس في غيبـــــــة البــــدر
    بيـــــــــــــاضٌ إذا جــــاؤوا بيـــــــــاضٌ إذا مضَــوا**مُصــــانٌ قفــــاهم من ســــبابٍ ومن ضَــرِّ
    وأعجــــبُ ممن ألــــــــفُ لــــونٍ لـــــــوجــهــهم **ويُمضـون كلَّ العمر في صحــبـــةِ العُهر
    إذا قلـــتَ كفــــوا عن قُمـــامةِ عصـــــركم**أجـــابوكَ في هذي القمــــامةِ مــا يُغري
    أراهــــــم عــــــــلى كلِّ الــــــــــدّروب تنــــــــــــــــاثــــــروا**يقصّـــــون بالأنف الوضـــــــيع أُلي التبر
    فصــــاحب إذا صـــاحبتَ حُــرّاً مُقـــــــدّراً**لـــه إن يَقــــل رأيٌ حصـــيــفٌ بلا أجر
    يثـــور إذا ما الظـــــــــلمُ مـــــــسّ جِــــــــــــــــــــوارَه**ويكـــره صـــــــبرَ الخـــــــــــانعين على القهر
    إذا مـــــا دعتـــه الغــــــــانيــــــاتُ إلى الخـــــــــــــنى**تعــفّــفَ طهـــراً أن يُلَـــوّثَ بالعـــهــــــــــــر
    وتنقـــــــــــــــــادُ منــــه كلُّ جـــــــــــــــــــــــــــــارحـــةٍ لـــــــــــــــه**بأمـرٍ يهُـــــــزُّ النّفــسَ من صــاحب الأمر
    وجـــــوهـرُهُ مـــــــــا خبّـــــأ القــــــــــلبُ والنــــــُّـــهى**وتـــأبى ســــــــــــجـــــاياه مُعـــــــاقـرةَ الخمر
    إذا النــاسُ غــاصت في الفجـور كعوبُهم**تَــرَفــــــــــعَ عن درب الغــــوايــــةِ والفَجــــر
    عـــصيٌّ على أن يثقـُبَ الفســــقُ حِصنَه**ولو غـاص هذا الناسُ في حومةِ الكفر
    جــــــــــــوادٌ يُذلُّ المــــــــــــالَ والمـــــــــالُ ســــــــــــيِّــدٌ**إذا أمحـــــــلت جـــــــــــادت يداهُ بلا قَـــتْر
    حــــــــــليمٌ فــــــــــــــلا شـــيءٌ يٌــعَــــــــــــكرُ صَــــفــوَهُ**إذا ذَرَّ أصحـابُ السّفاسفِ بالفكر
    ويعفـــــــــــــو إذا زَلَّ الكــــــــــريــــــــــــمُ بنبـــــــــوةٍ**ويحـقِرُ من يَرضَــونَ مرتبـــــةَ القعر
    إذا قـــــــــــــال عَـدلٌ أو تكلّـــــــــمَ أســــمَعـــــت**فصـاحتُــه عن فكــــره ســاكنَ القبر
    لــــــــــه مثـــلُ مـــا للنـــــــــاس عينٌ بصيـــــــــــــرةٌ**ولكن يرى مــا خبّـــــأ النــــذلُ بالمكر
    أولئـــــــــــــكَ إن عُـــــــدَّ الرجـــــــــــــالُ عَــــدَدتـُهـــــــــم**وبـاقي بُغاث الناس من ناقصي القَدر
    فلا الضيـــــــــــفُ يُقرى إن يمُـــــرَّ بـــدارهـــم**ولا ســــــيفُهُـــم يصحــــو لحــازبة الأمــر
    يمـــوتـــــــــــــــون لا يدري الأنـــــــــــــــــــامُ بمــــــــــوتـــهــــم**كما تسـقط الأوراق في صُــفرة العمر
    غنى النفس يُعـــــــــلي أهلَــــــه أن تطــــــــالَهم**ســخــافــاتُ أقــزام الزمـــان أُلي الشّـــــــــــرّ
    غنى النفس يـــــــــا صـــاحي لبــاسٌ ومحتــدٌ**ومــــــــيراثُ يٌغني الوارثين من الفقـــــر

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى