الثلاثاء ٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٧
بقلم أديب كمال الدين

قصيدتي الأزليّة

(1)

هكذا ألْقِيتُ في الطوفان

كان نوح يهيىء مركبه لوحاً فلوحا

وَيُدخلُ فيهِ من كلّ زوجين اثنين

كنتُ أصرخ :

يارجلاً صالحا

يارجلاً مُبحراً الى الله

خذني معك .

وإذ لم يأبه نوح لصيحتي

تسللتُ الى المركبِ : المعجزة

وشاهدتُ مأثرةَ الحمامةِ والغراب

بعدما صعدَ الموجُ بنا كالجبال

حتى إذا هدأت العاصفة

وقيل ياأرض ابلعي ماءك

هبط الكلّ من سفينةِ نوح

فرحين مُبَاركين

إلاّي

وثانيةً صرختُ بنوح :

يارجلاً صالحا

يارجلاً عادَ من طوفانه : الجلجلة

قالَ نوح : مَن أنت ؟

قلتُ : أنا الإنسان

قالَ : مَن ؟

قلتُ : أنا المؤمن الضال

قالَ : مَن ؟!

وتركني في المركبِ دهراً فدهرا

حتى إذا غيّبَ الموتُ نوحا

تحرّك المركب

تحرّك بي وحدي

لأواجه طوفانَ عمري

في موجٍ كالجبال

أنا الذي لاأعرفُ الملاحةَ ولا السباحة

وليس لديّ حمامة أو غراب .

(2)

هكذا ألْقِيتُ في النار

بعدما أضرمَ النارَ أهلُ أور

لإبراهيم وألقوه فيها

انتبهوا إليّ

كنتُ أغرقُ في الدمعِ من أجلهِ

قالوا : إنه من أتباعه فألقوه في النارِ أيضا

هكذا ألْقِيتُ في النارِ أيضا

وإذ كانت النارُ على إبراهيم برداً وسلاما

فإنها لم تكنْ لي

سوى نارٍ من الألمِ والحقدِ والحرمان

اشْتَعَلتْ

ولم تزلْ تشتعل فيّ

في كلّ يوم

هكذا الى يوم يُبعَثون !

(3)

هكذا ألْقِيتُ في البئر

ألقاني أخوتي

وعادوا الى أبي عشاءً يبكون

قالوا ياأبانا قد أكله الذئب .

فبكى أبي ،

وكان شيخاً جليلا ،

حتى اخضلّتْ لحيته بالأسى والحروف

لكنّ السيّارة إذ وصلوا الى البئر

ماقالوا : يابشرى هذا غلام

بل قالوا : واأسفاه هذا هلام .

وتركوني في البئر

يمزّقني الظلامُ والخوفُ والانتظار .

(4)

ربّما سأخرج من البئرِ يوم يُبعَثون

أو ربّما يوم يُقالُ للأرضِ: ابلعي ماءك

فأخرجُ من مركبِ نوح

أو من نارِ إبراهيم

وقد أكلني الرعب

ولَفَظَني الموج

وأطفأت المأساةُ عيوني .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى