الخميس ١٤ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٧

كتاب ثقافة الهبل بين الدراسة العلمية والأدب

رفيقة عثمان

كتاب ما بين الدراسة العلميَّة والأدب

كتاب الأديب جميل سلحوت، ليس قصّة، ولا رواية كما عهدناه؛ قدَّم الكاتب جميل سلحوت في كتابه الجديد دراسة نقديَّة، لظواهر اجتماعيّة، وسياسيّة سلبيّة في المجتمع العربي بشكل عام، وبفلسطين بشكل خاص.

كتاب الكاتب سلحوت نهج أسلوب البحث العلمي، في بعض المقالات مستندًا الى المصادر العلميَّة، والبعض الآخر اتّسم بعرض تجارب وخواطر ذاتيّة، خاضها الكاتب بنفسه؛ حيث دمج الأسلوب الأدبي، الذي كان خاليا من الاستناد لمصادر علميّة تُذكر؛ مستخدما التّناص الأدبي، مع الاستطراد المالغ به. دمج الكاتب الأسلوبين ما بين المنهج العلمي، وكتابة الأدب.

أنهى الكاتب كل مقالة، بتساؤل ولا دخل للكاتب في طرح الأجوبة؛ كي يفكِّر القارئ بماهيّة المشكلة المطروحة.

تضمّن الكتاب نقدا لاذعا حول سلوكيّات غير مرغوب بها، ومقارنتها مع الشّعوب المتحضّرة الأخرى، تطرَّق الكاتب لتحجيم الفكر العربي بواسطة الإعلام غير المسؤول، وغرس قيم وعادات بعيدة عن المنطق، وترسيخ ثقافات غير متحضّرة؛ بل تزيد من تجهيل القارئ العربي، أو المستمع، كما ورد صفحة: 65-70. هاجم الكاتب دور الفضائيّات في الغزو الفكري، وتحنيط القدرات الفكريّة لدى الإنسان.

يبدو أن سفريات الكاتب إلى خارج الأوطان، خلقت لديه القدرة على إيجاد المفارقات الحاصلة بين الشّعوب العربيّة، ومقارنتها مع الشّعوب الغربيّة، والأمريكيّة، مستندا على المنطق السليم؛ وعلى الحقائق العلميّة. كما ورد صفحة 73: "وكأنّ هذه الضجّة تشكّل اكتشافا علميّا عجزت عنه وكالة ناسا"، باستخدام التّنصيص والأدلَّة.

استخدم الكاتب بعض الأمثلة، أو أبيات الشّعر، مستندا على مرجعها، كما ورد صفحة 73، " يا أمَّة ضحكت من جهلها الأمَّم، للمتنبِّي. صفحة 71: "لكلّ داء دواء يستطاب به، إلا الحماقة أعيت من يُداويها".

كتابنا هذا يُذكِّرنا بكتاب هشام شرابي، دراسات في المجتمع العربي، هنالك تشابه كبير بين المضامين المطروحة، إلّا أن كاتبنا تطرّق للمضامين الحديثة التي كانت غائبة عن السّاحة العربيّة، كالتطرُّق لمواضيع سياسيّة، ودينيّة حديثة، ودورها في تجهيل الشعوب، وتعطيل حركة التطوُّر الفكري ومواكبة التطوّرات، مقارنةً مع الشعوب الأخرى؛ كان النقد جريئا، مباشرا دون مجاملة، هذا الأسلوب يُحسب لصالح الكاتب؛ الذي يُوجِّه نقده للجهات المتوجّه لها.

عنوان ثقافة الهبل وتقديس الجهل: لم يرُق لي هذا العنوان، العنوان طويل، كما عرضه الكاتب، حيث أظهر التناقض بين المصطلحات، (الثقافة مقابل الهبل، والتقديس مقابل الجهل)، الثقافة والتقديس كلاهما تحمل معاني توحي بالوعي والتطوّر، بينما الجهل والهبل تحملان معنى سلبيّا، تستخدمان للُّغة العاميّة.

في قراءة النصوص، يبدو التكرار جليّا، مملا يُخفِّف من حدّة الاستمتاع، والانجذاب للقراءة.

الكتاب يزيد من الوعي الاجتماعي، والنقد الذَّاتي؛ لمضامين مختلفة؛ تشغل بال مجتمعنا، ولغة الكتاب سهلة تُساهم في تناول مضامينها لطلاب المدارس، ومناقشتها.

صورة الغلاف توحي بصورة يلفُها الغموض، وتوحي بصورة شخص معاق حركيّا، برجل مبتورة، ولا رأس لها، مستخدما اللون الأحمر القاني، الذي يوحي بالعنف والقوّة، والألم.

رفيقة عثمان

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى