الثلاثاء ٢٩ آب (أغسطس) ٢٠٠٦
بقلم حسين أبو سعود

كيف تتخلص منك السمنة

كانت السمنة الى عهد قريب علامة الصحة والعافية والنعمة، وكان يقال بان فلانا متعافي ومستصح ومريش اذا كان بدينا ، ولكن الطب الحديث غير هذا المفهوم وتوصل الى حقيقة ان السمنة هي مصدر الكثير من الامراض البسيطة منها والخطيرة ويا ليته لم يفعل ذلك، وكنا نقرأ الارشاد الرباني في القران الكريم (كلوا واشربوا ولا تسرفوا) والتوجيهات النبوية بعدم الاسراف في الاكل دون ان نتوقف عندها ودون ان نتفكر بها ، وكان احدهم يفهم من الحديث النبوي الشهير (نحن قوم لا ناكل حتى نجوع واذا اكلنا لا نشبع) اي لا نشبع ابدا ونظل نأكل ونأكل حد التخمة طالما ان الطعام متوفر و من يضمن لنا رزق الغد؟ ، وقد جمعني مرة خوان مع عدد من طلبة العلم الشباب في الكويت فصرنا ناكل بنهم وكأننا ناكل لاول مرة ، فتذاكرنا التوجيه النبوي الشريف بتقسيم المعدة الى ثلاثة اثلاث ، ثلث للطعام وثلث للماء وثلث للهواء ، فانبرى احد ظرفاء المجموعة لشرح ما فهمه من الحديث مطبقا اقواله عمليا فقال :واما انا فاعمل بثلث الحديث فاملأ ثلث الطعام طعاما وثلث الماء طعاما باعتباره يحتوي على الماء اصلا ، واما ثلث الهواء فاملئه طعاما ايضا لان الهواء سيجد له منفذا كيفما كان.

وقد فارقني الزمان عن شخص ظريف يقال له فلان ابو الجرايخ (يعني وين ما اكو جريخة صاحبنا موجود ) ولا ادري ما اصل الجريخة ، هل هي من الجرخ اي الدولاب او من اللحم المجروخ اي المثروم وهو الاشهر ، المهم انه كان يحتفظ بقائمة للاعراس والموالد والفواتح واي مناسبة يوزع فيها الطعام ويذهب اليها مع مجموعته الذين هم على شاكلته ، ولا يكاد يمر يوم بلا وليمة ، و هناك بعض اهل الفضول يتصيدون الطفيليين فيحرجونهم بالسؤال عن من دعاهم فيقولون : نحن من اهل العروس او العريس حسب الضرورة ومقتضى الحال ، وذات مرة قالوا نحن من اهل العروس فرد عليهم صاحب الوليمة : ولكن هذه المأدبة هي عقيقة المولود الجديد وليس عرسا.

وكان هذا الفلان رشيقا للغاية بالرغم من كثرة اكله وشراهته ونهمه ، ومن الحكم البليغة التي كان يقولها انه يتمنى ان يُدعى الى وليمة في يوم ربيعي معتدل ويظل يأكل ويأكل من اطايب الطعام والوان الشراب حتى لا يقوى على القيام فينقل الى المستشفى ويموت هناك (شبعان ،رويان ،دفيان) بين يدي ممرضة جميلة حتى لا يظل اي داعي للحزن عليه .

وكان الرجل مولعا بالكباب العراقي ويقول بعدم جواز أكله بدون الكرفس والسماق والطرشي ، وقد قال العارفون بان سر اللذة في الكباب العراقي هو ربع كيلو الشحم الذي يخلط مع كل كيلو لحم ، وعلى ذكر الشحم ، كنا مرة في رحلة صيد نتناول الطعام على مائدة احد افراد الاسر الحاكمة وكان سمينا بدينا يتناول الشحم ( اللّية) بنهم ويقطع لضيوفه قطعا منه يطلب منهم أكله لانه لذيذ ومفيد، وفي العام القابل سمعت بان الرجل توفي الى رحمة الله ( رويان شعبان دفيان).

وقبل ايام كنا مدعويين الى حفل زواج ارستقراطي في لندن ، فكانت المائدة عامرة للغاية تضيق باللحم والدجاج والسمك وانواع المرق والحلوى والعصائر، فتذكرت صاحبي الطفيلي الظريف ودعوت له بالمزيد من الولائم والجرايخ الدسمة .
وقديما كنا نقول: ناس تاكل دجاج وناس تتلقى العجاج ، فصرنا في زمن اصبح فيه اكل الدجاج في متناول الجميع حتى مللناه في عصر النقانق و البيتزا وصار المثل : ناس قسمتها ضيزى وناس تاكل بيتزا ، فاصبح حالنا افضل من هارون الرشيد لانه لم يكن يعرف البيتزا والكنافة والهامبورجر .

وعودة الى السمنة ، اقول بان الكرشة محبوبة مكروهة ، محبوبة لانها دليل الوجاهة والنعمة، وليس من الانصاف اضاعتها بعد اكتسابها خلال سنين طويلة ، ومكروهة لانها تجلب الامراض والاسقام وتثقل الحركة ، وقد رايت في مآدبنا العامرة بالدسم الكامل اناسا يلتهمون كل شئ ولكنهم يصرون على شرب البيبسي من نوع دايت بحجة تخفيف الوزن مع ان العلم الحديث اثبت ان الدايت له مضاعفاته ايضا ، اذ ان كل طعام له فوائد وله مضار واشيع اخيرا بان المشاوي وهي اطيب وافضل اكلة صحية تسبب في سرطان البروستاتا، وان اكل الطماطم مفيد للجسم ولكن الاكثار منه يسبب البطء في نمو الاظافر فلا يستطيع الانسان ان يحك ظهره الا باستعمال عصا . وكذلك البرتقال الكوستاريكي فهو غني بالفيتامينات الا ان تناول قشرته نيا يؤدي الى ارتخاء شحمة الاذن وهكذا ..وعلى اي حال فانا كنت قد صممت قبل عشرين سنة ان ابدأ بتخفيف الوزن فعلا عن طريق الريجيم والرياضة ، وقد ذهبت الى الطبيب المختص فاشار علي باتباع ريجيم معين وهو تناول الخضار والفواكه لمدة شهر كامل ، فقلت له : قبل الاكل ام بعد الاكل ؟، ثم طلب مني ان امارس الالعاب لمدة ثلاثة اشهر فعدت اليه وقد زاد وزني اكثر واخبرته باني بدأت العب الدومنة والطاولي بواقع اربع الى خمس ساعات يوميا ولكن النتيجة كانت سالبة فطلب مني ان اتمشى لعدة ساعات يوميا لمدة شهر واحد فعدت اليه بعد المدة ووزني زاد عن السابق، واخبرته باني اتمشى بالسيارة لمدة ثلاث ساعات يوميا ولكن دون نتيجة واضطررت الى ترك هذا الطبيب لعدم معرفته طرق تخفيف الوزن وقد قال لي : استمر على هذا المنوال حتى تتخلص السمنة منك..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى