الاثنين ١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٧
بقلم أشرف بيدس

ليلة حزينة

انتهي المشوار.. وآن لنا أن نختار الدرب الأخير، لم يعد الطريق واحد.. بعدما اختلفت طموحاتنا، كنت أعلم أننا سنفترق.. ولم يكن يخطر ببالي أن تكون الطرق عكسية، بحيث لا يمكن التقاؤنا مرة أخري.. تمنيت أن نتجاور في الرحلة الأخيرة، حتي ما إذا اشتاق أحدنا للآخر فلن يكلفه الأمر سوي ايمائه يمينا أو يسارا.. لكن يبدو أن هذا غير متوافر في حالتنا.

لم تعد الليلة أشبه بالبارحة.. فالليلة حزينة جدا، وساكنة، يطوف الصمت في أرجائها ولا يسمع للضجيج صوتا، سوي تلك الأنفاس اللاهثة وراء الترقب والرغبة في إحداث شيئ يبدل تلك الأجواء المحبطة، حتي النجوم خفتت ضياءها، وراحت تموج في الفضاء الفسيح المظلم تستدر عطف المحبين والعاشقين.. دخان يتكاثف هنا وهناك يحجب الرؤية عن قمر آثر الانزواء من جرح كبريائه ما بين نظرة اللائمين وحسرة المحبين.

ليلتنا شاردة..ضائعة.. وتائهة، تتسع فيها المسافات للشكوي والنحيب والبكاء.. لا مكان للفارحين هنا، حيث تضيق الأحلام في صدر الحالمين، ويصمت الكلام في مواسم العتاب، وتتحجر العيون في عيد الدموع، وتبقي فرص الرحمة معدومة، ولحظات العطف هلامية وغير محتملة، لم يبقي سوي الحسرة.. الحسرة فقط والندم، هما الكلمتان المسموح بتداولها دون رقابة أو وصاية، فيما عدا ذلك غير مسموح، حتي تلك النظرات التي يملؤها الشجن والانكسار مرفوضة، أنها باختصار ليلة الحساب الأخير..

ليلتنا حزينة بلا شك.. وصباحنا بعيد جدا جدا.. تسقط الخيوط الفضية في قاع المحيط، ويعم السواد والعتمة كل الطرق والأزقة، والانتظار يعني في أبسط احتمالاته سنينا من الصبر لشروق شمس مهددة بالاندثار.

انتهي المشوار.. وأوصدت كل الأبواب والنوافذ، ولم يعد هناك ثقب لمرور أي بصيص من أمل .. فعودة الحياة مرة أخري مرهونة بانسحابنا من طوابير العشاق، وتلكؤنا يزيد عذاب الآخرين، فلماذا لا نسرع الخطي؟؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى