الخميس ١٥ آذار (مارس) ٢٠١٨
بقلم نايف عبوش

مجبل الوكاع.. شخصية لن تتكرر

لعل فيما نشره الأستاذ الدكتور إبراهيم العلاف، استاذ التاريخ الحديث المتمرس بجامعة الموصل، على صفحته العامة في الفيسبوك، بتاريخ اليوم، الأربعاء، المصادف ١٤ /آذار / ٢٠١٨، عن الشيخ مجبل الوكاع، في تقريضه لمناسبة رحيل ولده،المحامي الشيخ سلطان مجبل الوكاع،ما يثير شجون الكثيرين ممن عاصروا الشيخ مجبل، وصاحبوه، إذ لاشك ان مثل هذا التقريض الشجي، يذكرنا بماضي العلاقة الشخصية الحميمة معه، وما تبعثه تلك العلاقة في النفس من شجن، وحنين لتلك الذكريات.

وفي هذا الاستذكار، لابد لنا من الإشارة، إلى إن الأستاذ الدكتور إبراهيم العلاف، وهو المؤرخ المعاصر القدير، قد احسن الإشارة والتذكير، بالسيرة الذاتية العطرة، للشيخ مجبل الوكاع، الذي يفوق كل وصف في دماثة الأخلاق، والتواصل الاجتماعي، ليس معنا فقط، بل مع كل العراقيين، إذ ربما كان لانحداره الريفي، ونمط ثقافته الشمولية الموسوعية الواسعة، ومعرفته الغنية بالتراث، وتقاليد، واعراف الفصل العشائري، رغم أنه لم يتخرج من أي جامعة، أبلغ الأثر في صنع هذه الشخصية الفذة.

وقد كنا رغم فارق العمر بفجوة الجيل، من اقرب أصدقائه، حيث كان نعم صديق الكل، من ابناء، ومثقفي الموصل بشكل خاص، والعراق بشكل عام . وقد كان مرجعا للكثير من الكتاب، والأكاديميين، والباحثين، والسياسيين، في التغذية بالمعلومات السياسية، والاجتماعية، والعشائرية التي يحتاجونها، بما تراكم لديه من خبرة سياسية، نتيجة كونه عضوا في مجلس النواب العراقي خلال العهد الملكي، وللفترة من العام ١٩٤٧ حتى العام ١٩٥٨، حيث تمت الإطاحة بالحكم الملكي.

وكم كان الجميع يأنس بمجالسته، التي كان للحوارات فيها معه طعم خاص، حتى كاد لا يفوت أسبوع، إلا ويحرص الكل على ان يتواصل بشغف مع مجلسه، في ديوانه بقرية الحود،جنوب الموصل، الذي كان دائماً عامرا بالأهل، والربع، والزوار، والضيوف. كما كان هو بدوره، لا تفوته المبادرة بزيارة القوم على سبيل المجاملة بين الفينة والأخرى، فيتشرفون به بينهم، صديقا حميما، وعما كريما، وشيخا فاضلا، في عملية تواصل اجتماعي، ومودة صادقة لا نظير لها. وقد كان يحرص على ان يحضر معه جلسات الفصل العشائري، والمناسبات العامة،أكبر تجمع ممكن من القوم بقصد التنوير، وأخذ الدروس، والعبرة مما يتم تداوله، وممارسته من حكمة في تلك المجالس، فالمجالس مدارس كما يقال.

وهكذا كان الشيخ مجبل الوكاع، شخصية مرموقة، بما وهبه الله تعالى، من حسن البصيرة، ورجاحة العقل، وصواب القرار. ولذلك كان يحظى باحترام الجميع دون استثناء، حتى ان مجلس الفاتحة،الذي أقيم لمناسبة وفاته رحمه الله تعالى، كان قد تحول إلى ملتقى عام لكل الشخصيات المعروفة، وأبناء العشائر العراقية دون استثناء، حيث تبارى الشعراء، والأدباء، والوجهاء، يوم ذاك، في القاء، اهازيجهم، وقصائدهم، وارتجال كلماتهم في رثائه. وبذلك يمكن الجزم بيقين، أن الشيخ مجبل الوكاع، بتفرده بهذه المناقبية الرفيعة، سيظل شخصية متميزة، غير قابلة للتكرار، ولأمد قد يطول.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى