الاثنين ٢٧ آب (أغسطس) ٢٠١٨
بقلم سلوى أبو مدين

ملامحُ رثَّةٌ

هكذَا تبدُو الأشياءُ
باهتةً
تمطر ُ أرواحًا
مطليَّةً بالخوفِ
رائحةُ الصمتِ
تعترِي الشوارعَ
المجهولُ يلتهمُ
الطرقاتِ
حاراتٌ ملوّنةٌ
برائحةِ العشبِ
والطينِ
فوانيسُ مُعتمةٌ
سكانٌ غرباءُ
غيومٌ هاربةٌ
نفوسٌ صدئةٌ
تلتحفُ الوجعَ
عزلةٌ بالغةٌ
القمرُ يبهتُ
ويتلاشَى
مدينةٌ تؤرجحُهَا
الريحُ
يعانقُهَا الغيمُ
خشخشةُ شجرِ
الحورِ
وهمُ الطريقِ
وقفَ كهرمٍ يتابعُ
الاحتضارَ
مطرٌ متخاذلٌ
غيمٌ وغبارٌ
يوقظُ
وسنَ النجومِ
أنينُ المدينةِ
مرَّ عابرًا علَى الألمِ
الطرقُ موصدةٌ
التعبُ افترشَ زاويةً
وتثاءَب.

2 ـ علبةُ حلوَى

هكذَا ضمّت أصابعِي
الشاحبةُ
تلكَ العلبةَ التِي جاءَتني
بخجلِ فتاةٍ
أضاءتْ بصفائِهَا
الرائعِ
زرعَتِ الحبَّ والأملَ

ورقةٌ بلونِ السحابِ
لم أعلمْ محتواهَا كُتبتْ
بخطٍ صغيرٍ
شعّتْ أطرافُها بالدفءِ
والجمالِ
رُسمتْ في زاويتهَا
صورةٌ لفتاةٍ شقيّةٍ
بضفائرَ شقراءَ تحملُ بالونًا

وجدتُ نفسِي
ممسكةً بعلبةٍ
من ألوانِ الطيفِ عَلَتْهَا
أوراقُ الشجرِ الذهبيةِ
كأنّها أجنحةُ الخريفِ

تمعّنتُ في رقةِ
وعذوبةِ تلكَ
الأيدِي التي وهبتنِي
حريةَ التعبيرِ

فاجأتنِي بقطعِ حلوَى
غُلّفتْ بألوانٍ
اختزنتْ جمالَ الحياةِ

حملتُ روعتهَا
وألوانهَا المتوهجةَ
وأنا أحلّقُ في ذاكَ
المساءِ الشتويّ
حلوَى غلّفتهَا
أناملُ طريةٌ

عطاءٌ حملَ روحهَا
النقيةَ التي
تنبضُ بالشفافيةِ

روحٌ لهَا أجنحةٌ تحلّقُ
معَ النجومِ البرّاقةِ
وفراشاتُ الربيعِ الملوّنةِ
وتبثُّ أريجهَا عطرًا
وينهمرُ رذاذُهَا مطرًا.

3 ــ حديثُ المساءِ

هكذَا استلقتْ فوقَ
وسائدِهَا المخمليةِ
ذات اللونِ الأرجوانيّ
ممسكةً بيدِهَا فنجانَ قهوتِهَا
الداكنةِ
تستسلمُ لوخزِ (آذار) القارسِ
همهماتٌ خافتةٌ تصدرُ من التلفازِ
تجفُّ الكلماتُ في لحظاتٍ
لمْ يبقَ شيءٌ عدَا ليلٍ عاجزٍ
وسطَ زمجرةِ الضبابِ
تبحثُ عن جزيرةِ الأمانِ
عقاربُ ساعتِهَا تمضِي بوهنٍ
لاحَ من نافذتِهَا
فجر ٌمتخاذلٌ
ستستيقظُ سعادتهَا
كلّما لمستْ
ملامحهَا التي
اعتادتْ مشاهدتهَا
كلَّ صباحٍ بلا ألوانٍ
من حجرتهَا المطلةِ علَى
سنواتهَا العشرِ
التي حجبتْ
عن الثرثرةِ
بقايَا لوهجِ أحلامٍ يحاصرُ
سجَا الليلةِ
سئمتْ نحيبَ الأزهارِ
وما تبثهُ من
همساتٍ متكلّفةٍ
تناسَى مهاتفتهَا
من مطارِ أمستردام
بسببِ تقلّباتِ الجوِّ
مشاعرُ متكلسةٌ
مارستْ شغبَ
الألوانِ في غيابِهِ
نهرُ الهاجسِ
ستغزلُ حقيقةً واحدةً
وترقصُ على أوتارهَا
ستحيا بينَ سطورِهِ
وسطَ زمجرةِ الشتاءِ.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى