الأربعاء ٨ أيار (مايو) ٢٠١٩
بقلم سعيد مقدم أبو شروق

من المستشفى (1)

كنت قد طلبت من أبي أن لا يصوم وقد بلغ من العمر الخامسة والثمانين، وبان الضعف في جسمه.

لكنه رد متسائلا وفي نبرته بعض الامتعاض:

لا أصوم؟! وهل فعلتها من قبل؟!

لقد لبثت عمرا أصوم وأصلي...

ثم واصل حديثه بعزم راسخ:

كلا، سأصوم كدأبي في السنين الخوالي.

وتذكر فقره فقال:

كنا في الضراء لا نملك سوى خبزة وتمرة، فنفطر بنصفها ونتسحر بنصفها الثاني.
أما اليوم والحمد لله لدينا ما يكفينا ويزيد، فما عذرنا؟!

قرأت له: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين)، فالأجدر يا أبي أن لا تصوم.
فقال وفي محياه بسمة عربي مؤمن:

لكنني في صحة جيدة.

وعندما بلغنا العشرين من رمضان المبارك، زرتهما برفقة أم شروق، واقترحت عليه أن يفطر العشر الأواخر ثم يصومها في الشتاء:

(ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر).

لكنه أصر على الاستمرار...

وفي اليوم الثالث والعشرين، وإذ لم يبق من موعد الإفطار سوى نصف ساعة، كنت أقرأ القرآن، وإذا بنقالي يرن، وسمعت صوت والدتي تخنقه العبرة:

اسرع، فأبوك قد اعتقل لسانه.

فأسرعت، ورافقني أسامة، وجدناه جالسا والاصفرار يعلو وجهه.

نقلناه إلى المستشفى، كانت نوبة قلبية...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى