الأربعاء ١٤ حزيران (يونيو) ٢٠٠٦
بقلم رأفت دعسان

نهر الياسمين

وطني يا نبع الأبدية المتدفق في جسد الزمان، يا قصيدة عشق خطتها أنامل ملائكية، يا نهر الياسمين الثائر على آلهة الجمال.

في عيني محبوبتي أراك ، في الستائر القمرية التي تداعب نافذتي ، في غربة الثواني التي أحصيها على سريري المثقل بصور طفل يسابق أمواج السماء .

هذه الليلة حبلى بالثواني عسيرة المخاض ، أجوب بعيني الغارقتين ببحر الحزن في أرجاء غرفتي وكأني أرى على كل جدار صورة ، هنا أرى أشرعة من النرجس البري تجوب البراري وتخترق أسدلة الصمت المرمية في ثنايا الغرفة ، هنا أرى غابات من الوجوه التي تحمل في تجاعيدها أنشودة – بلادي ، هنا أرى لوحة رسمت بالدموع لعلمي الغالي ، هنا وهنا وهنا ......

تركت غرفتي وأمواج الإشتياق المتلاطمة فيها وركبت سيارتي أجوب الشوارع باحثا عن شيء ما ينشلني من النكد المرير القابض على قلبي العاصر له.
ما هذا ؟ هذا الشارع يشبه شارعا في وطني ، هذه النسمات شربت مثلها تحت دالية العنب الملقاة على سور حديقتي ، هذا الضوء المنبعث من المجهول لامسته في تلك الليالي على تلك النافذة التي كنت أجالس فيها صوت أم كلثوم ، هذا وايضا هذا وذاك ......

لا استطيع ، لا أستطيع أن أدفع اللحظات أن تمر دون أن تلامس ذكراك يا وطني ، لا أستطيع أن أقبض الانفاس الثائرة المشتاقة لثغر نسيمك الناشر لأريج رائحة ترابك يا وطني ، لا أستطيع ، لا أستطيع .
وقفلت عائدا الى غرفتي ، فقدر علي أن أحزن وقدر علي أن أشقى وقدر علي أشرب المر في كؤوس الغربة يا وطني يا وطني يا وطني .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى