الاثنين ١٢ آذار (مارس) ٢٠١٨
بقلم عمرو صابح

هل كان جمال عبد الناصر هو أتاتورك العرب؟

يعقد المنتمون لتيار الإسلام السياسي مقارنة دائمة بين الزعيمين الراحلين مصطفى كمال أتاتورك وجمال عبد الناصر، ويخرجوا من تلك المقارنة بترديد أن جمال عبد الناصر هو أتاتورك العرب، وأن سياساته كانت مطابقة لسياسات أتاتورك فى العداء للإسلام ومحاربة التدين، وليس ذلك صحيحاً فما يختلف فيه الزعيمان أكثر بما لا يٌقارن عن ما يتفقا فيه.

كان مصطفى كمال أتاتورك يرى أن الإسلام هو سر تأخر تركيا وتخلفها عن الحضارة الأوروبية، لذا سعى جاهداً لإلغاء الخلافة العثمانية.

رأى أتاتورك فى الخلافة الإسلامية عبء على تركيا يعوق انطلاقها والتحاقها بأوروبا المتقدمة علمياً.

كانت الخلافة الإسلامية بنص كلمات أتاتورك:

"ورماً سرطانياً من القرون الوسطى"!!

لم يكتفى أتاتورك بذلك بل ألغى وزارة الأوقاف ونقل اختصاصاتها لوزارة المعارف، وخاضت أجهزته الأمنية حرباً طاحنة ضد التيارات الدينية داخل تركيا،كما أمر أتاتورك بتحديد عدد المساجد التى تُقام بتركيا، وقام بتخفيض عدد الواعظين بها، وقام بتحويل أكبر جامعين بتركيا لمتحف ومستودع، حيث حول مسجد آيا صوفيا إلى متحف، وحول مسجد الفاتح إلى مستودع.
ألغى أتاتورك التقويم الهجرى واستبدله بالغربي،، كما حذف من الدستور التركى النص بكون تركيا دولة إسلامية، وألغى القسم بالله للمسئولين بالدولة وأستبدله بالقسم بالشرف، كما غير يوم العطلة من الجمعة إلى الأحد ليطابق يوم عطلة الأوروبيين.

منع أتاتورك تدريس الدين فى المدارس، وأغلق كلية الشريعة،كما حرم النقاب والحجاب، ثم حرم كتابة اللغة التركية بالأحرف العربية وأستبدلها بالأحرف اللاتينية، كما ألغى أتاتورك تعليم اللغة العربية بالجامعات، كما أمر بترجمة القرآن الكريم إلى التركية واصفاً ذلك بتطهير اللغة التركية من المفردات العربية!!

أجبر أتاتورك أئمة ومشايخ الدين بعدم لبس العمامة والعباءة إلا داخل المسجد فقط، وسن القوانين التى تجرمهم إذا خرجوا باللباس الدينى للشارع.

قرر أتاتورك تحريم فريضة الحج على الأتراك خلال عهده، كما تعمد إقامة حفلات الخمر والرقص فى مقره الرسمى فى شهر رمضان، حتى الأذان أمر بترجمته للتركية.

أستبدل كمال أتاتورك القانون الإسلامى المأخوذ عن مبادئ الشريعة الإسلامية بالقانون السويسرى مُعلناً أن الروح الإسلامية للقوانين تعوق التقدم الإنسانى، وقد ترتب على ذلك تحريم تعدد الزوجات وتجريم الزواج بأكثر من إمراة قانونياً، كما ألغى أتاتورك قانون قوامة الرجل على المرأة، فلم يعد من حقه تطليقها بل جعل القضاء فقط هو المنوط بذلك وفى حالات محددة، كما تم تعديل قانون المواريث فساوى بين الرجل والمرأة لاغياً قانون المواريث الإسلامى، كما أصبح وفقاً للقانون من حق المرأة التركية المسلمة أن تتزوج مسيحياً أو يهودياً أو ملحداً إذا رغبت.

كانت تلك هى رؤية أتاتورك للدين ودوره فى المجتمع، بينما جاءت رؤية جمال عبد الناصر للدين ودوره فى المجتمع كالتالى:

في كتاب (فلسفة الثورة) لجمال عبد الناصر الصادر عام 1954، تناول عبد الناصر الدوائر التى ستتحرك فيها السياسة المصرية ومنها الدائرة الإسلامية التى تتداخل مع الدائرة العربية والدائرة الأفريقية وتعد مصر جزء فاعل فيها.

كان الرئيس جمال عبد الناصر هو أول حاكم مسلم في التاريخ يتم في عهده جمع القرآن الكريم مسموعًا (مرتلًا و مجوداً) في ملايين الشرائط و الأسطوانات بأصوات القراء المصريين.
فى عهد جمال عبد الناصر تم زيادة عدد المساجد في مصر من أحد عشر ألف مسجد قبل الثورة إلى واحد وعشرين ألف مسجد عام 1970، أى أنه في فترة حكم 18 سنة للرئيس جمال عبد الناصر تم بناء عدد (عشرة ألاف مسجد) وهو ما يعادل عدد المساجد التى بنيت في مصر منذ الفتح الإسلامى وحتى عهد جمال عبد الناصر.

في عهد عبد الناصر تم جعل مادة التربية الدينية (مادة إجبارية) يتوقف عليها النجاح أو الرسوب كباقى المواد لأول مرة في تاريخ مصر بينما كانت اختيارية في النظام الملكي.

في عهد عبد الناصر تم تطوير الأزهر الشريف وتحويله لجامعة عصرية تدرس فيها العلوم الطبيعية بجانب العلوم الدينية.

يقول الأستاذ محمد فائق في كتابه (عبد الناصر و الثورة الأفريقية)، أن الرئيس عبد الناصر أمر بتطوير الأزهر بعد أن لاحظ من متابعته لأوضاع المسلمين في أفريقيا أن قوى الاستعمار الغربى كانت حريصة على تعليم المسيحيين العلوم الطبيعية (الطب – الهندسة – الصيدلة) ومنع تعليمها للمسلمين مما أدى لتحكم الأقليات المسيحية في دول أفريقية غالبية سكانها من المسلمين، وكانت هذه الأقليات المسيحية تتحكم في البلدان الأفريقية المسلمة وتعمل كحليف يضمن مصالح قوى الاستعمار الغربى التى صنعتها، لذا صمم الرئيس عبد الناصر على كسر هذا الاحتكار للسلطة وتعليم المسلمين الأفارقة علوم العصر ليستطيعوا حكم بلدانهم لما فيه مصلحة تلك البلدان.

أنشأ عبد الناصر مدينة البعوث الإسلامية التى كان ومازال يدرس فيها عشرات الآلاف من الطلاب المسلمين على مساحة ثلاثين فداناً، والمدينة تضم طلاباً قادمين من سبعين دولة إسلامية يتعلمون في الأزهر مجانا، ويقيمون في مصر إقامة كاملة مجانا أيضا، وقد زودت الدولة المصرية بأوامر من الرئيس عبد الناصر المدينة بكل الإمكانيات الحديثة وقفز عدد الطلاب المسلمين في الأزهر من خارج مصر إلى عشرات الأضعاف بسبب ذلك.

أنشأ عبد الناصر منظمة المؤتمر الإسلامى التى جمعت كل الشعوب الإسلامية
فى عهد عبد الناصر تم ترجمة القرآن الكريم إلى كل لغات العالم.

فى عهد عبد الناصر تم إنشاء إذاعة القرآن الكريم التى تذيع القرآن على مدار اليوم.
فى عهد عبد الناصر تم تسجيل القرآن كاملا على أسطوانات وشرائط للمرة الأولى في التاريخ وتم توزيع القرآن مسجلا في كل أنحاء العالم.

فى عهد عبد الناصر تم تنظيم مسابقات تحفيظ القرآن الكريم على مستوى الجمهورية، والعالم العربى، والعالم الإسلامى، وكان الرئيس عبد الناصر يوزع بنفسه الجوائز على حفظة القرآن.
فى عهد عبد الناصر تم وضع موسوعة جمال عبد الناصر للفقه الإسلامى والتى ضمت كل علوم وفقه الدين الحنيف في عشرات المجلدات وتم توزيعها في العالم كله.

فى عهد عبد الناصر تم بناء آلاف المعاهد الأزهرية والدينية في مصر وتم افتتاح فروع لجامعة الأزهر في العديد من الدول الإسلامية.

ساند جمال عبد الناصر كل الدول العربية والإسلامية في كفاحها ضد الاستعمار.

سجلت بعثات نشر الإسلام في أفريقيا وأسيا في عهد الرئيس جمال عبد الناصر أعلى نسب دخول في الدين الإسلامى في التاريخ، حيث بلغ عدد الذين اختاروا الإسلام دينا بفضل بعثات الأزهر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر 7 أشخاص من كل 10 أشخاص وهى نسب غير مسبوقة و غير ملحوقة في التاريخ حسب إحصائيات مجلس الكنائس العالمى.

في عهد عبد الناصر صدر قانون بتحريم القمار ومنعه، كما أصدر عبد الناصر قرارات بإغلاق كل المحافل الماسونية ونوادى الروتارى والمحافل البهائية، كما تم إلغاء تراخيص العمل الممنوحة للنسوة العاملات بالدعارة التى كانت مقننة في العهد الملكى وتدفع العاهرات عنها ضرائب للحكومة مقابل الحصول على رخصة العمل والكشف الطبى.

فى عهد عبد الناصر وصلت الفتاة لأول مرة إلى التعليم الديني كما تم افتتاح معاهد أزهرية للفتيات، وأقيمت مسابقات عديدة في كل المدن لتحفيظ القرآن الكريم، وطبعت ملايين النسخ من القرآن الكريم، وأهديت إلى البلاد الإسلامية وأوفدت البعثات للتعريف بالإسلام في كل أفريقيا و أسيا، كما تمت طباعة كل كتب التراث الإسلامى في مطابع الدولة طبعات شعبية لتكون في متناول الجميع، فيما تم تسجيل المصحف المرتل لأول مرة بأصوات كبار المقرئين وتم توزيعه على أوسع نطاق في كل أنحاء العالم.

كان جمال عبد الناصر دائم الحرص على أداء فريضة الصلاة يومياً كما كان حريصاً أيضاً على أداء فريضة صلاة الجمعة مع المواطنين في المساجد.

توفى الرئيس جمال عبد الناصر يوم الاثنين 28 سبتمبر 1970، والذى يوافق هجريا يوم 27 رجب 1390، صعدت روح الرئيس جمال عبد الناصر الطاهرة إلى بارئها في ذكرى يوم الإسراء والمعراج، وهو يوم فضله الدينى عظيم ومعروف للكافة.

وبخصوص الدين المسيحى كانت علاقة الرئيس جمال عبد الناصر ممتازة بالبابا كيرلس السادس، وكان جمال عبد الناصر هو الذى سأل البابا كيرلس السادس عن عدد الكنائس التى يرى من المناسب بناؤها سنويا، وكان رد البابا (من عشرين إلى ثلاثين)، وكان الرئيس عبد الناصر هو الذى أمر بأن يكون عدد الكنائس المبنية سنويا خمسا وعشرين كنيسة، وأن يكون التصريح بها بتوجيه من البابا نفسه إلى الجهات الرسمية.

وعندما طلب البابا كيرلس السادس من الرئيس عبد الناصر مساعدته في بناء كاتدرائية جديدة تليق بمصر، وأشتكى له من عدم وجود الأموال الكافية لبنائها كما يحلم بها، قرر الرئيس عبد الناصر على الفور أن تساهم الدولة بمبلغ 167 ألف جنيه في بناء الكاتدرائية الجديدة، وأن تقوم شركات المقاولات العامة التابعة للقطاع العام بعملية البناء للكاتدرائية الجديدة.

كما أولى الرئيس جمال عبد الناصر اهتماما شديدا بتوثيق العلاقات بينه وبين الإمبراطور هيلاسيلاسى حاكم الحبشة (أثيوبيا ) مستغلا في ذلك كون مسيحيي أثيوبيا من الطائفة الأرثوذكسية، ودعا الإمبراطور هيلاسيلاسى لحضور حفل افتتاح الكاتدرائية المرقسية في العباسية عام 1968، كما دعم توحيد الكنيستين المصرية والأثيوبية تحت الرئاسة الروحية للبابا كيرلس السادس.

كان الرئيس عبد الناصر كعادته بعيد النظر في ذلك، فقد أدرك أن توثيق الروابط بين مصر وأثيوبيا يضمن حماية الأمن القومى المصرى لأن هضبة الحبشة تأتى منها نسبة 85% من المياه التى تصل مصر.

للأسف الشديد بعد وفاة الرئيس عبد الناصر والانقلاب على الثورة في 13 مايو 1971 وما أعقب حرب أكتوبر 1973 من ردة شاملة على سياسات عبد الناصر، تدهورت العلاقات المصرية الأثيوبية في عهد الرئيس السادات،ومازالت متدهورة حتى الآن واحتلت إسرائيل مكانة مصر في أثيوبيا، وفي أفريقيا كلها.

فى عهد جمال عبد الناصر لم تقع حادثة واحدة طائفية بين المسلمين والمسيحيين، ولم تنتشر دعاوى تكفير الأخر ومعاداته.

لم يكن جمال عبد الناصر معاديا للدين ولم يكن ملحدا، بل كان أقرب حكام مصر فهما لروح الدين ودوره في حياة الشعوب وأهمية إضفاء المضمون الاجتماعى في العدالة والمساواة عليه.

دخل جمال عبد الناصر فى حرب ضروس ضد تيار الإسلام السياسي ممثلاً فى تنظيم الإخوان المسلمين بعد أن تآمر التنظيم ضده ووضع المخططات للخلاص من حكمه، وعندما انتصر عبد الناصر على تنظيم الإخوان فى هذا الصراع السياسي على السلطة، سعى الإخوان لتشويه صورته واتهامه بمعاداة الإسلام!!.

من كل ما سبق يتضح ان رؤية عبد الناصر للدين مناقضة تماما لرؤية أتاتورك له.

لم يقتصر التناقض بين أتاتورك وعبد الناصر على الموقف من الدين فقط، بل أمتد إلى أمور أخرى، فقد كان عبد الناصر فى حياته الشخصية محافظاً فلم يعرف عنه شرب الخمر أو مرافقة النساء أو أى مثالب شخصية متعلقة بسلوكه،فقد كان زوجاً مثالياً وأباً محباً لأبنائه.

بينما كان معروفاً عن أتاتورك إدمانه لشرب الخمر، وقد كان ذلك سبب وفاته بعد إصابته بتليف الكبد والفشل الكلوى،كما عُرف عنه ولعه بمعاشرة النساء من شتى الطبقات والمستويات، فلم يتزوج سوى متأخراً، ولم يحظى بحياة زوجية مستقرة، ولم ينجب بل تبنى فتاة.

لم يقتصر التناقض بين الرجلين على ذلك فقط، بل أمتد للموقف من الغرب فقد كان أتاتورك كارهاً لكل ما يمثله الدين الإسلامى من قيم ومعتقدات تنتمى للشرق، مولعاً بقيم وحضارة الغرب، لذا بعد نجاحه فى حماية استقلال تركيا والدفاع عنها داخل حدودها، سعى للتصالح مع كل القوى الغربية حتى اليونان ألد أعداء تركيا تصالح معها، وزارها وتبادل معها البعثات الدبلوماسية.

انسلخ أتاتورك تماماً عن تاريخ بلاده فى الحقبة العثمانية، فحرص على تمجيد وإعلاء الثقافة القومية التركية، ورفض أى تعاون مع العالم العربي والإسلامى.

كان هم أتاتورك الأكبر هو الانتماء للغرب، والاندماج تحت مظلة أوروبا، لذا لم يكن غريباً أن تكون تركيا ثالث دولة تعترف بإسرائيل فور إنشاءها، فما زرعه أتاتورك مشى على نفس خطاه خلفاءه، فلم يعترفوا فقط بإسرائيل، بل شاركوا فى حلف بغداد، وعادوا القومية العربية ممثلة فى التيار الذى قاده عبد الناصر، وحاولوا غزو سوريا عام 1957، وتآمروا على الجمهورية العربية المتحدة (1958-1961)، وكان لهم دور فى التخطيط لحرب 1967 حسب الوثائق التى نشرها المؤرخ الراحل د/رؤوف عباس عام 2001، ودورهم فى احتلال العراق وتدميره عام 2003 بدأت تتكشف معالمه الآن، وما يقومون به منذ أعوام ضد سورية من تخريب وسرقة للثروات السوري،ة وسعى دؤوب لتدمير سورية كدولة وكمجتمع واضح للعيان، وكل ذلك يرجع إلى الخط السياسي الذى أسسه أتاتورك الذى أنسلخ بتركيا من الشرق، ووضعها فى خدمة مصالح الغرب أملاً فى أن تصبح دولة أوروبية فقط.

كان جمال عبد الناصر عكس ذلك تماماً فى سياساته، فقد وضع مصر فى قلب العالم العربي، ووضع العالم العربي فى قلب العالم، وخاض حروباً طويلة وشرسة ضد الهيمنة الغربية امتدت طيلة فترة حكمه.

اهتم عبد الناصر بتاريخ مصر العربي، فلم ينسلخ عن محيطه الإقليمى، بل وضع الدائرة العربية فى كتابه"فلسفة الثورة" كأول دوائر السياسة الخارجية المصرية مؤكداً أن بدون تأثير لمصر فى عالمها العربي فلن يكون لها تأثير فى أفريقيا، أو فى العالم الإسلامى، و على امتداد العالم.

نقطة أخرى يختلف.. لا.. بل يتناقض الرجلان بخصوصها، كان أتاتورك دموياً فقد سحق ثورة الأكراد بعنف دموى شديد،وأعدم قادتها، ولم يتسامح مع أى خروج على حكمه حتى أصدقاؤه أعدمهم بلا رحمة لمجرد شكوكه فى تدبيرهم للانقلاب عليه بينما لم يُعرف عن عبد الناصر ذلك، فلم يُعدم فى عهده من السياسيين سوى نفر قليل من قادة جماعة الإخوان الذين حاولوا اغتياله عامي 1954 و1965.

رفض عبد الناصر إعدام الملك فاروق، كما رفض قتل محمد نجيب رغم تآمره ضده، كان عبد الناصر يكره إراقة الدماء، ويردد دائماً "إن إراقة الدماء ستؤدى للمزيد من الدماء، وإن من يمشي فى طريق الدم لن يستطيع الخروج منه".

من النقاط المضحكة التى يثيرها المتأسلمون للطعن فى أتاتورك وجمال عبد الناصر، الإدعاء بكونهما من أصول يهودية!!

ربما فى حالة أتاتورك لا نستطيع التحقق من صحة نسبه، ولكن هناك واقعة تاريخية مؤكدة يمكنها دحض تلك التهمة عنه، فمن ضمن المؤامرات التى حيكت ضده ودبرت لاغتيال،ه كانت هناك مؤامرة كان أحد أبطالها والذي تمت إدانته بعد كشفها هو وزير المالية التركى جاويد بك، وكان من يهود الدونمة وعلى صلة وثيقة بيهود العالم وبعائلة روتشيلد، وقد تشفع فيه الكثيرون، وأرسل كبار زعماء اليهود فى العالم خطابات لأتاتورك للعفو عنه، ولكن أتاتورك رفض وقرر تنفيذ حكم الإعدام فى جاويد بك.

تلك الواقعة تلقى بظلال كثيفة من الشكوك حول يهودية أتاتورك، فلو كان يهودياً لماذا يتآمر اليهود ضده؟!

ولماذا رفض أتاتورك تخفيف الحكم عن جاويد بك اليهودى؟!!

أما بخصوص جمال عبد الناصر، والإدعاء بأن والدته يهودية، فالمعروف للجميع أن والدة جمال عبد الناصر هى السيدة / فهيمة محمد حماد، وهى تنتمى لأسرة مصرية مسلمة من مدينة الإسكندرية، ووالدها الحاج محمد حماد كان تاجر فحم معروف بالمدينة، ومازال هناك أفراد على قيد الحياة من عائلة الحاج محمد حماد من أقارب الرئيس جمال عبد الناصر، وهم مصريون عرب ومسلمون.

لقد أفنى جمال عبد الناصر حياته فى محاربة اليهود الصهاينة، وعند موته أحتفل قادة إسرائيل بالخلاص منه لدرجة أن بن جوريون مؤسس إسرائيل وسفاحها الشهير قال: ان عداء عبد الناصر لليهود فاق عداء فرعون مصر وهتلر لليهود!!

عندما سُـئل الرئيس عبد الناصر عن الشخصيات التى أعُجب بها وأثرت فى شخصيته لم يذكر مصطفى كمال أتاتورك ضمنها بل أعلن عن رفضه لدمويته.

رغم ذلك هناك تشابهات بين مصطفى كمال أتاتورك وجمال عبد الناصر، تتمثل فى وفاة والد أتاتورك مبكراً، ونشأته يتيم الأب كذلك توفيت والدة جمال عبد الناصر وهو فى الثامنة من عمره ونشأ يتيم الأم.

الخلفية العسكرية أيضاً تجمع بين الرجلين، فكلاً منهما كان ضابطاً بالجيش.

الثورة أيضاً تجمعهما، فكلاً منهما كان ثائرا منذ صغره.

العمر القصير أيضاً يجمع بينهما، فقد توفى كلاهما شاباً فرحل أتاتورك عن 57 سنة بينما رحل عبد الناصر عن 52 سنة.ً

الجنازة الضخمة أيضاً تجمع بين الرجلين، فقد أقيمت لأتاتورك جنازة ضخمة عقب رحيله، بينما أقيمت لعبد الناصر أكبر وأضخم جنازة فى التاريخ البشرى حتى الآن.

كان أتاتورك موالياً للغرب لذا تم تخليد ذكراه والحفاظ على سياساته والاحتفاء به رسمياً، ووضع صوره بكل الدواوين والمصالح والهيئات الرسمية التركية حتى الآن بينما كان عبد الناصر مُعادياً للغرب، فتم الانقلاب على سياساته ونهجه وفكره عقب وفاته، وتم شن حملات عاتية ظالمة لتشويه عهده مازالت قائمة حتى الأن.

عاش أتاتورك ومات رمزاً للأتراك فقط، شعبيته محصورة داخل تركيا.

بينما عاش عبد الناصر ومات رمزاً للمصريين وللعرب و لكل الأحرار فى أفريقيا وأسيا وأمريكا اللاتينية.

ما يُفرق بين أتاتورك وعبد الناصر أكثر بما لايٌقارن بما يجمع بينهما.

لم يؤثر أتاتورك فى شخصية عبد الناصر، بل أن المرحلة التاريخية التى ظهر فيها أتاتورك شهدت بدايات صعود الفاشية فى أوروبا سواء عبر موسولينى فى إيطاليا ثم هتلر فى ألمانيا وفرانكو فى أسبانيا، والنماذج التى أقامها الثلاثة قريبة من النموذج الذى أقامه أتاتورك فى تمجيد القومية العرقية وعبادة الزعيم والدموية فى مواجهة المعارضين.

تجربة عبد الناصر فى الحكم تختلف عن تجربة أتاتورك، ولا يمكن مقارنة شخصية عبد الناصر بشخصية أتاتورك.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى