الأحد ٢ آذار (مارس) ٢٠٠٨
مؤتمر المرأة والتقاليد
بقلم لينا العامر

وتبني خطاب سياسي ديني إعلامي مستنير

ثمة أسئلة كثيرة طرحت نفسها في سياق انعقاد مؤتمر المرأة والتقاليد الذي انطلق مؤخرا في دمشق وسط اهتمام محلي وإقليمي لافت وكان السؤال الأبرز هو التالي:

لماذا هذا الخلط بين العادات والتقاليد والأحكام الشرعية، فهل المرأة العربية تعاني لأنه لا يطبق عليها شرع الله، أم لأنه يطبق، أم لأن العادات والتقاليد التي تشوهت في فترات الظلام من تاريخنا العربي والتي انبثقت عنها أعراف مريضة كرست الإجحاف بحق المرأة و كبلتها وأخرت من تقدمها..و منعتها من التمتع بحريتها، ومع ذلك لازلت العادات الأصيلة البريئة من ظلم المرأة تحاول أن تثبت في وجه تحديات تطور الحياة، والغزو الفكري والحضاري الذي اجتاح العالم العربي، وهز ثقافته وموروثه الإسلامي وشكل فتنه قوية لطائفة من النساء، وكل ذلك كان بزعم نهضة المجتمع العربي وإعادة قوته.

وكون قضية المرأة من القضايا الملحة على أجندة التغيرات المحلية في كل الدول

وفي إطار تعزيزي للمرأة، لمعرفة مالها وما عليها أقيم في قاعة كريم رضا سعيد في جامعة دمشق مؤتمر المرأة والتقاليد بالتعاون مع وزارة التعليم العالي، وقد شارك في المؤتمر شخصيات نسائية من دول متعددة.. سوريا، الأردن، لبنان، مصر، العراق، اليمن، البحرين، ليبيا، إيران.. هادفين إلى تبادل الخبرات، وتحديد الملامح العامة للحركات النسائية في هذه الدول، وعلاقتها بالمجتمع، وذلك بحضور عدد من الوزراء والسفراء العرب والأجانب وبمشاركة ناشطين وناشطات في مجال العمل النسوي من سوريا والعراق ومصر. استمرت فعاليات المؤتمر ثلاثة أيام، ودار الحوار حول ثلاثة محاور..المرأة والتقاليد..المرأة والقانون.. المرأة وصنع السلام.

وقدم خلالها سماحة الشيخ أحمد راجح من مجمع أبو النور الإسلامي محاضرة حول المساواة بين المرأة والرجل في الإسلام وأظهر هذه المساواة في العمل وتحمل المسؤولية سلباً وإيجاباً بقوله أن الله تبارك وتعالى وجَّه الأمر والنهي إلى حواء كما وجهه إلى آدم، ولم يؤثر آدم دونها بأمر أو نهي فقد ورد الخطاب الإلهي إليهما قال تعالى (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين). وبين أصل بعض الحقوق التي منحها الإسلام للمرأة، كحقها في الحياة بقوله تعالى:(من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً)، وقد جاء التعبير بكلمة نفس ليسقط فارق الذكورة والأنوثة. وبين حق الأهلية للمرأة، بقوله أن الإسلام أكد على استقلالية المرأة عن الرجل في حقوقها المدنية بقوله تعالى: (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليماً). ويعلن القرآن عن حق المرأة في الميراث كحق الرجل تماماً بقوله تعالى (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيباً مفروضاً)

وكذلك حرية اختيارها في الزواج بحيث لا يملك وليها إلا الرجوع إلى رأيها في أمر زواجها مادامت رشيدة بالغة فى أن يكون الاختيار كفء لها ولأسرتها. يقول ربنا جل وعز (فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف)، وأفضى أخيرا أن حياة المرأة في الإسلام ليست وليدة تطورات زمنية أو ثورات إنسانية أو حركات اجتماعية بل هي أحكام ربانية تسعى لسعادة المرأة والمجتمع.

كما قامت المحامية الليبية عزة كامل ماغور بتأسيس مطلب المواطنة الليبية العادل بحق النسوة الليبيات في منح جنسيتهن لأطفالهن.وقدمت المحامية المصرية نهاد أبو القمصان مديرة المركز المصري لحقوق المرأة ورقة عمل بعنوان (أوضاع المرأة العربية بين المد والجزر)، تكلمت فيها عن المشكلات والحلول و انتهت إلى أن الوقت قد حان لوقفة أساسية تستعيد بها حركة المرأة العربية نضالها المستقل من أجل تحرير الأوطان من الأفكار الأصولية، من ناحية، وأن تحافظ على مسافة بينها وبين الحكومات من ناحية أخرى، وتعيد النظر في ترتيب أولويات القضايا النسوية ولكن هذه المرة لتحرير النساء.

قدمت المحامية السورية مجدولين حسن الناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة ملاحظات على قانون الأحوال الشخصية السوري تفضي إلى أن قانون الأحوال الشخصية هو قانون مخالف للدستور السوري ولشرعة حقوق الإنسان التي تؤكد على عدم التمييز بسبب اختلاف الجنس. كما طرحت المحامية السورية دعد موسى ( رئيسة المركز السوري لحقوق المرأة) موضوع التمييز ضد المرأة في قانون العقوبات السوري، وبينت الأوجه الضرورية لتعديل نصوص بعض المواد في هذا القانون، وعليه استوقفنا المحامية دعد لنطرح عليها التساؤلات التالية:

• العادات والتقاليد أحياناً تكون أقوى من القوانين المكتوبة فإلى أي حد يمكن للتقاليد الاجتماعية أن تمنع تطبيق القوانين التشريعية؟

بداية العادات والتقاليد تلعب دورا كبيرا بالتمييز ضد المرأة وعدم تنفيذ القوانين على أي صعيد في البلد و ليس فقط على صعيد المرأة، فالعادات والتقاليد تلعب دوراً ولكن وجود قانون يحمي النساء مهما كانت العادات والتقاليد يحتاج إلى وقت طويل للتعديل..يحتاج للعمل مع وسائل الإعلام..المناهج.. والعمل مع النساء والرجال..وتغيير الصورة النمطية لكل من الرجل والمرأة معاً، ولكن هذا يحتاج إلى وقت طويل بالإضافة لتعاون جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية.. التعليم.. الصحة.. الإعلام.. الزراعة.. المرأة الريفية، ولكن بالمقابل فوجود قانون يعطي النساء الحماية ضروري جداً.

• باعتبارأن التمسك بالمادة 548 المتعلق بالقتل بدافع الشرف على سبيل المثال، هي رشوحات لثقافة وتقاليد تعزز العنف ضد المرأة فكيف يمكن تغييرها؟

أولاً تغيير القانون يحتاج إلى صدور قانون جديد من مجلس الشعب وهذا الأمر يحتاج إلى العمل مع البرلمانيين وتشكيل مجموعات ضغط للعمل مع البرلمانيين لتعديل هذه المادة ويكون عن طريق حملات من خلال لقاءات وعن طريق مؤتمرات و مقالات في الصحف ولقاء مع البرلمانيين و الإعلاميين أي حملة شاملة هذا بما يخص التعديل، وفيما يخص تغيير ثقافة العنف.. فثقافة العنف تحتاج إلى عمل يبدأ منذ نعومة الأظافر فالأطفال منذ الصغر في المنزل يجب أن يكون لهم تربية قائمة على المساواة والابتعاد عن العنف والتسامح والسلام، والأم والأب ونظرة الأطفال إلى دور كل من الأم والأب، فمفهوم النوع الاجتماعي يجب أن يترسخ في التربية المنزلية ثم ينتقل إلى المدرسة ووسائل الإعلام ثم الشارع ثم الجمعيات الأهلية وأماكن العمل فيجب أن تتكامل كل هذه الأشياء مع بعضها، حتى نعوّد الناس على ثقافة اللا عنف والابتعاد عن الوسائل العنفية لا بد أن يكون الحوار موجود داخل الأسرة أولاً ثم في المدرسة وأماكن العمل... لحل النزاعات دون أن يكون العنف هو الوسيلة.

• تتشابه أوضاع المرأة العربية من حيث القوانين والأعراف والتقاليد والأنظمة الحاكمة، فكيف يمكن تعديل قانون الأحوال الشخصية العائد لأصول دينية، والفصل بين القوانين وإمكانية تطويرها دون أن تطال الأصل؟

هناك تجارب عربية.. كالتجربة في قانون تونس والمدونة المغربية أيضاً تغيير جديد حدث في المغرب، فتونس والمغرب من الدول العربية والإسلامية لديهم نفس العادات والتقاليد ونفس المراجع الإسلامية، ولكن استندوا أيضاً إلى الشريعة الإسلامية في بعض المذاهب وألغوا تعدد الزوجات، ومُنع الطلاق بإرادة منفردة من الزوج وصار هناك مساواة في الطلاق بين المرأة والرجل، وكذلك مساواة في الزواج، وصار في المغرب مدونة الأسرة، فنحن يمكن أن نستقي من التجارب العربية أو الدول الإسلامية التي لديها تجارب ناجحة في هذا المجال، ولكن رجال الدين انقسموا قسمين قسم يقول: لا يجب أن نمس هذه الأمور القدسية ويعتبرون هذه الأمور قدسية، والقسم الأخر يقول أن هذه الأمور يمكن الاشتغال عليها، فإلى من سأتبع وإلى أي تفسير.

وهل عمل المرأة ووصولها لمناصب عالية في الدولة يجعلنا نقول..أن عمل المرأة صار أفضل، أم أنها لا تزال محكومة بالعادات والتقاليد؟

للأسف هناك فجوة كبيرة بين ما وصلت إليه المرأة السورية من مواقع صنع القرار والتعليم وممارسة كافة أنواع المهن الطب.. الصيدلة.. القضاء.. المحاماة.. الوزارة.. السلك الدبلوماسي...خارج المنزل وبين ماهي عليه داخل المنزل، فلا بد من ردم هذه الفجوة ليكون هناك تحقيق للمساواة فيما يخص قضية المرأة في سورية.

• أخيراً كيف تخاطبين من يقول عن يوم المرأة العالمي " بما يسمى بيوم المرأة العالمي"؟

أقول له إن يوم المرأة العالمي هو يوم قررته الأمم المتحدة، وهذا القرار لم يأت نتيجة أشياء تافهة أو هامشية، بينما كان نتيجة نضالات الحركة النسائية العالمية، واكتشفوا أن هناك تمييز ضد النساء على صعيد العالم، وصدرت مجموعة من الاتفاقيات الدولية وعلى رأسها "اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، وللتذكير بموضوع المرأة والتمييز ضدها..والاتفاقيات الدولية.. وما يجب عليه العمل.. كالمؤتمرات العالمية للمرأة، فقد تم تخصيص يوم عالمي وفي كل سنة يكون هذا اليوم لتسليط الضوء على ماتم تحقيقه من إنجازات عالمية في قضايا النساء؟ وماهي المعوقات؟ وماهي الخطوات اللاحقة؟ فهو يوم عالمي يشمل كل نساء العالم من أجل تسليط الضوء على كل القضايا المتعلقة بالنساء."

وقد خرج المؤتمر بالتوصيات التالية:

1- تعديل قوانين الأحوال الشخصية العربية وكافة المواد التمييزية وجعلها تنسجم مع المواثيق الدولية.

2- تعديل قوانين العقوبات وبخاصة القوانين التي تمنح الجاني العذر المحل في جرائم القتل بدافع الشرف، وإيجاد نصوص قانونية تحمي النساء من العنف المنزلي.

3- وحيد قوانين الأحوال الشخصية في الدولة الواحدة لتشمل كافة الطوائف على أساس مدني.

4- العمل على إيجاد قانون أسرة مدني اختياري ومحاكم مدنية للأسرة.

5- ضرورة تصديق الدول العربية على اتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة" السيداو" والبروتوكول الاختياري ورفع تحفظات الدول الأخرى عن الاتفاقية، كي لا تفرغ الاتفاقية من مضمونها.

6- ضرورة مصادقة الدول العربية على نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية لتعزيز تكاملية حماية حقوق الإنسان.

7- تبني خطاب سياسي ديني إعلامي مستنير يدفع بقضايا المساواة بين الرجل والمرأة.

8- إشراك النساء في صياغة التشريعات العربية الدساتير والقوانين وتفعيل دور

البرلمانات العربية للقيام بدورها.

9- تدريب خطباء المساجد وإعادة تأهيلهم بما يتناسب مع طروحات الإسلام الصحيحة، واحترام حقوق المرأة وقدسية الحقوق المدنية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى