الثلاثاء ٢٦ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٧
بقلم نايف عبوش

وهكذا أضحت القدس قضية إنسانية

ربما كان ينظر إلى سقوط مشروع القرار العربي في مجلس الأمن الدولي، باستخدام الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض الممنوح لها دولياً، على أنه هزيمة مهينة للعرب، في معركتهم مع التحالف الصهيوني الأمريكي من أجل القدس،وبالتالي فإن عليهم طي صفحة المواجهة، والقبول بالأمر الواقع الجديد،باعتبار ان نتيجة المعركة كانت حاسمة، ولا يمكن تغييرها.

إلا ان الإصرار العربي على المجاهرة بالرفض الجمعي المستمر للقرار الأمريكي،على ركة الحال، والشروع باتخاذ إجراءات عملية بديلة أخرى، تشعر الآخرين بجدية العرب هذه المرة،لإحباط هذا القرار نهائيا، كان حاسماً. لذلك كان القرار العربي هو التوجه لنقل المواجهة إلى أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما طلبوا عقد اجتماع استثنائي لدورة خاصة للجمعية العامة للامم المتحدة ، لرفض قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب، إلى القدس المحتلة، واعتبارها العاصمة الأبدية للكيان الصهيوني، كان خيارا موفقا.

وفعلاً فقد نجح العرب في هذا المسعى الجاد ، بكسب الرأي العام العالمي، حيث تم اصدار قرار حول القدس باغلبية الثلثين، تم بموجبه اعتبار قرار ترامب حول القدس، او اي قرارات احادية أخرى، من اي جهة كانت باطلة، وملغية، وليس لها اي صفة قانونية. فكان ذلك نصرا حقيقيا له أكثر من مغزى، بما افرزه من عزلة حقيقية للولايات المتحدة الأمريكية في الساحة الدولية،تشكل بداية انحدار مسارها الحضاري،ناهيك عما اضافه للقضية الفلسطينية برمتها، من زخم دولي مؤازر، باعتبارها قضية أمة مضطهدة، تناضل لتحرير أرضها المحتلة منذ عقود طويلة.

وبالطبع فإن العرب ما زالوا يمتلكون في جعبتهم الكثير من عناصر القوة،في ترسيخ هذا الرفض الدولي للقرار الأمريكي الارعن ، والوقوف بوجهه بقوة،بما لديهم من طاقات كامنة أخرى ،في مقدمتها استخدام سلاح النفط، ومقاطعة أمريكا، وكل الدول التي تستجيب لهذا القرار، وتشرع بنقل سفارتها إلى القدس، والتحرك المكثف لمطالبة الدول الصديقة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ناهيك عن استخدام البعد الجغرافي الاستراتيجي للوطن العربي،وتوظيف العمق الشعبي الإنساني في هذا المجال، لحمل الإدارة الأمريكية على التراجع التام عنه، وذلك تواصلا مع متطلبات الانتصار لحقهم التاريخي في التمسك بارضهم، والسعي لتحريرها من قبضة الاحتلال الصهيوني الغاصب.

وبهذا الانتصار الدولي للقضية الفلسطينية، فإن قضية القدس، والقضية الفلسطينية، لم تعد مجرد قضية تهم الفلسطينيين، أو العرب أو المسلمين لوحدهم ،فحسب، بل إنها أضحت قضية الإنسانية،برمتها، وتهم الجميع، في كل أنحاء العالم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى