الأربعاء ١ حزيران (يونيو) ٢٠٠٥
بقلم أيمن منصور محمد

يوم السبت الحزين

أنا فرد من أسرة مصرية تتكون من أربعة أفراد. أبى وأمى، وأخى الذى يكبرنى بعشرة أعوام حيث يبلغ من العمر خمسة وعشرون عاما ويعمل مدرسا بإحدى الكليات المصرية التى تتخصص فى علوم البيئة، وهو متزوج حديثا وله طفلة تبلغ من العمر بضعة شهور، وكان دائم الإشتراك بأبحاثه فى المسابقات المحلية والعالمية، وفى المسابقة الأخيرة التى تقدم بها ببحثه عن إستخدم بعض التقنيات الحديثة فى إكتشاف المشاكل الخاصة بالبيئة والحلول اللازمة لعلاج هذه المشاكل فقد نال إستحسان جميع العلماء الذين قاموا بتقييم هذا البحث وأجمعوا على منحه المركز الأول على جميع الابحاث التى تقدمت فى هده المسابقة، وبعد بضعة أيام تلقى أخى دعوة من إحدى الجامعات الأمريكية المشهورة، دعوة لحضور ندوة علمية عن مشاكل البيئة فى الدول النامية، ودعوة أخرى هى عبارة عن منحه مجانية للحصول على درجة علمية من هذه الجامعة والتدريس فيها، وتلقينا جميعا هذا الخبر بالفرحة والسعادة العامرة، وإستعد كل منا لمرافقة أخى لإستخراج جواز السفر وعمل بعض الإجراءات الخاصة بالسفر ونحن فى شدة السعادة والفرح، إلا أن هذا الفرح لم يدم طويلا حيث إننا وفى أثناء إتجاهنا إلى مجمع التحرير بميدان التحرير سمعنا أصوات مفرقعات ومدافع رشاشة من كل إتجاه فهرب كل منا فى إتجاه لحماية نفسه من هذا الإنفجار العنيف، وبعد فترة قصيرة عاد الهدوء إلى المكان وإنتشر أفراد الأمن لحماية الناس المتواجدين فى هذا المكان وإذا بنا نتجمع ونبحث عن أخى والذى وجدناه ملقيا على الأرض والدماء تغطى وجههه فسارعنا بحمله ووضعه فى سيارة الإسعاف التى كانت متواجدة فى المكان، وانتقلت بنا السيارة مسرعة إلى إحدى المستشفيات القريبة.

وحاول الأطباء إنقاذ أخى إلا إنه قد فارق الحياة، فصرخنا جميعا وبكينا ولم نصدق إن أخى قد مات وألفيت حولى فإذا بمجموعة كبيرة من الناس يصرخون ويبكون فى طرقات المستشفى على أبنائهم أقربهم الذين سقطوا ضحايا هذا الحادث الأليم والذى علمنا بأن مجموعة إرهابية هى التى قامت بتنفيذ هذا العمل الأثيم دون النظر للضحايا الذين سقطوا قتلى ومصابين. مجموعة مجرمين ليس لهم أهداف أو مطالب معروفة فهم فقط مجموعة من الشياطين والخائنين والمأجورين لجهات خارجية تريد أن تزعزع نظام مصر واقتصاد مصر وشعب مصر، واتجهنا إلى منزل أخى فوجدنا طفلته التى لم تبلغ من العمر عامها الأول وهى تصرخ وتبكى وكأنها تعلم بما حدث والناس والأطفال من حولها يصرخون ويبكون وينظرون إلى الطفلة وهى تبكى ويشعرون إنها تريد أن تتكلم تريد أن تقول لماذا أخذتم ابى؟ لماذا قتلتم أبى؟ كنت أريد أن ألعب معه كنت أريد أن أرتمى فى أحضانه وأن أرقص بين يديه وأن أنام على كتفيه كنت أريد أن يأخذني إلى مدرستى ويصحح واجباتى ويفرح بشهاداتي.

ماذا عمل أبى لكى تفعلوا معه ذلك. أعلم أنه الآن يسكن فى جنات ربى ولكننى كنت أتمنى أن أكون بصحبته فلا زلت لم أستمتع به لم أتعلم منه الكلمات والمعانى والعبارات لقد رحل أبى ورحلت معه كل الآمال والطموحات فقد كان يحلم بمصر وبشعب مصر كان يريد أن يحقق الأشياء أن يجعل مصر منارة بيضاء. والتفت عن بنت أخى ودموعى تسيل بلا وعى وأنا أردد كلماتها لقد ضاعت الآمال والأحلام بسبب هذه المجموعة الإجرامية التى اختارت أخى فريسة لهم وأخذت أكلم الناس من حولى لابد ألا نقف فى انتظار حوادث أخرى يسقط فيها الشهداء ويضيع الأبرياء، ومع ثقتى الكاملة فى أجهزة الأمن المصرية فلايجب أن نتركها تعمل بمفردها يجب أن نتحد جميعا لاستئصال بؤر الفساد وملاحقة هذه المجموعات مهما كلفنا ذلك من الشهداء فى سبيل إستقرار مصر ونظام مصر وإقتصاد مصر فنحن أولى بالدفاع عن مصر وعن أرض مصر فلا يوجد أدفأ من حضن مصر. ولن أنساك يا أخى مهما طال الزمان فقد تعلمت منك الكثير وسوف يكون يوم السبت 30/4/2005 محفورا فى قلبى وهو اليوم الحزين.

القاهرة 5 مايو 2005


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى