(1) انفلات
٢٧ تموز (يوليو) ٢٠٠٦لا أفهم، أو أنني لا أريد أن أفهم، إذا كان هكذا يمكن للأبيض أن يصبح فجأة داكنا، لماذا لا يستطيع الداكن أن يستحيل إلى ناصع.. أن يلمع ويضيء.
لا أفهم، أو أنني لا أريد أن أفهم، إذا كان هكذا يمكن للأبيض أن يصبح فجأة داكنا، لماذا لا يستطيع الداكن أن يستحيل إلى ناصع.. أن يلمع ويضيء.
غادرنا "منفلوط " فى اليوم التاسع من أكتوبر فى جــو مشحـون بالحــرب فى كل مكان. وكانت الأنوار منطفئة فى المحطة، وفى المدينة، ولكن القمر كان طالعا ونوره يفرش على البيوت والمزارع وبساتين النخيل.
كانت اليد اليمنى تحتضن زجاجة خمر، ترفعها بين الحين والآخر لتسكب بعضاً منها في تجويف الفم، حينها كانت إبهام اليد اليسرى تشير باتجاه العينين وهي تقول: – أنتِ .... أنتِ .... أنتِ قتلته...!!
إهداء إلي كل ذرة تراب تبكي و تنتحب و يخرج صوتها للأكوان، إلي كل قطرة دم صامدة أبية عزيزة، إلي شريان الجثامين الطاهرة، شريان التحدي المشفر النابض في أجساد النضال، المرسل لرسائل الكرامة لتنير قناديل الظلام في الليالي الحالكة و الكهوف (...)
يلح علىّ هذا السؤال كثيرا.. نمرة كام.. أنا؟ فى حياته أعرف أنه مطمع للنساء لحيويته وأشياء أخرى كثيرة.. عندها يستبد بى الحزن.. أبكى كالأطفال.. عندما يأتى.. أقفز إلى حضنه وأقبله وأنظر إلى عينيه.. وأكرر سؤالى..
النقب!؟..
البادية!؟..
نعم إلى عاصمة النقب...
وإلى مدينة بئر السبع...
هو نفس الوجه الذى رأيته منذ سنوات فى زحام مدخل كلية التربية ، لبرهة كنظرة واحدة خاطفة ، بعدها اختفت تماماً وسط الزحام ، أستوقفتك قليلاً ، متأملاً بعينين تأهتين جموع الواقفين ، حبيساً تلك النظرة ، عدت بعدها إلى عالمك اللامبالى ، (...)