الثلاثاء ١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٥
بقلم حنان بديع

شيطان الإنس والأنس

نعم ثنائية الحياة تبدأ وتنتهي بالنقيض

الحياة والموت

الليل والنهار

الصحة والمرض

الفقر والغنى

الظلم والحرية

الجمال والبشاعة

الشيخوخة والشباب

وتناقضات أخرى كثيرة لا يكون الانتصار للحياة الا بهما معا ..

كما أن الغور في أعماق النفس البشرية يؤكد على ان الانسان جرم صغير فيه انطوى العالم الأكبر.. فيه من الرغبات المتناقضة والمشاعر المتقلبة ما يكفي لحيرتنا.

لكن ماذا لو انتشرت هذه الثنائية او الازدواجية الى عمق شخصية الانسان وأخلاقه أو ما يطلق عليها علميا الشيزوفرانيا ، هذه الحالة المرضية التي نعاني منها بكثرة وبطرق مستفزه كحالة شيزوفرانيا اجتماعيه عندما نتشدق بمفاهيم وقيم ومبادىء لا نطبقها الا قليلا ونردد احاديث وآيات وحكم وأقوال مأثورة لا نمتثلها الا نادرا ..

نعم يحدث هذا كل يوم وفي كل وقت..

قد نقبله أو نرفضه او نستاء منه لكننا نتعجب ونندهش حتما عندما يحدث في شهر الصيام وهو الشهر المخصص للعبادة دون كل شهور السنه فيعيش الفرد في مجتمعاتنا انفصالا واضحا بين عباداته وصلاته وصيامه وبين سلوكه الشخصي المغاير والمتناقض تماما.

هذا التناقض يفضح بوضوح من يعتقد بانفصال العقيدة عن واقع الحال والدين عن الدنيا، فلماذا لا يهذب الصيام نفوسنا ولماذا لا تردع الصلاة معاصينا ؟

لماذا لا تبدو ازدواجيتنا في مفاهيمنا الثقافية فقط بل تجاوزناها ايضا الى مفاهيمنا الدينية وتفاصيل واقعنا الحياتي دون أن نعي حجم الكارثة الاخلاقية والاجتماعية ؟

لماذا نصوم عن طعامنا ثم نأكل ما لذ وطاب بإسراف وبذخ ونحن على علم وثقة بأن هناك من يموت جوعا في بقاع أخرى من هذه الارض ؟

لماذا نصوم عن السهر والطرب طوال العام ثم نستقبل الشهر الكريم بالخيم الرمضانية والشيشة والمآدب والفرق الموسيقية؟

لماذا نصوم عن الخطايا ثم نكذب وننافق ونحقد ونحسد الآخرين دون أن نراقب ذاتنا بأمانه وشجاعة ؟

لماذا نصوم عن المحرمات ثم نقبل على مشاهدة القنوات الفضائية ونختار منها ما عج بالفساد والمياعه ؟

لماذا نصوم شهر رمضان كاملا متعبين متأففين متكاسلين ضائقين بالأرض ومن فيها من بشر ؟

لماذا نرتكب الكثير أو القليل من الخطايا ثم لا نرحم الآخرين ولا نصوم عن أكل لحومهم نيئة ونصر على رجمهم بألف حجر؟

لماذا يذهب شهر الصيام ويعود شهر آخر على مر الاعوام ولا نتغير أو نتهذب أو نتطهر أو نتوب ؟

لماذا يضيع العمر في صيام يشبه الصيام وحياة تشبه الحياة ؟

ترى لماذا ننظر الى مرآة حياتنا ولا نرى الحقيقة أبدا ؟

هل هو شيطان الإنس الذي يوشوش لنا بالأنُس ؟

ام هي مسئوليتنا بلا منازع؟


مشاركة منتدى

  • الشاعرة والكاتبة حنان بديع تضع يدها على الجرج في هذا الموضوع بأن الإنسان يعيش حياته في النقيض وخصوصا في هذا الزمان زمان العولمة في كل شيء حتى بالعبادة أصبح لها مسميات مابين مسلم علماني ومسلم متشدد ومسلم معتدل وغيرها من المصطلحات التي يبتكرها الغرب ويشحنها في عقولنا فالتغيير في كل شيء حتى بالقيم والأخلاق يسير بسرعة وينشط بسرعة ويلقن إلينا بحرفية فنتغير بالتغيرات القادمة دون التطلع إلى إرثنا الإسلامي وثقافتنا وهويتنا وقيمنا العربية التي باتت في خطرلنفقد في النهايا ذاتنا وهويتنا ونتبعثر بين النقيض والنقيض

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى