الأربعاء ٢٥ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٧
بقلم وديع العبيدي

جمل بثلاث قوائم

(1)

القائمة الأولى التوت في الطريق فتركت في الصحراء.

(2)

حملت متاعي قاصداً مكان عملي مع انقضاء عطلة الاسبوع.. وما متاعي غير ما يحمله الغريب في هذه الدنيا.. لا يأسى على شيء ولا يسعى إلى غاية.. وإنما حياته مثل سحابة تدفعها ريح فتندفع.. أو تسطع عليها شمس فتتفتت..

لا أعرف أين أنا من نفسي.. ولا أين نفسي من هذا العالم.. عملي يستغرق معظم أيام الاسبوع وأيام العمر.. وما أيامي لدى عائلتي غير زيارات خاطفة ولقاءات عجلى.. فأيهما الثابت المستقر وأيهما الطارئ المتنقل.. أرسلت كل هاتيك الأفكار صوب الجحيم ودفعت باب النزل أو القبو العتيق الذي أسكن فيه.. كان المكان مظلماً.. تعثّرت قدمي بأشياء لا أعرفها.. نظرت إلى أسلاك المصابيح المتدلية من السقف فبدت بلا مصابيح.. لا بدّ أن أحدهم حضر في غيابي وسرق الأضوية.. لا بدّ أنهم يحتفظون بنسخة ثانية من مفاتيح الدار.. هذا أمر سخيف.. كيف يكون هذا داري ومفتاحه في جيب غيري.. من يكون اللص.. انتبهت إلى مصباح ملتصق بالحائط الجانبي.. ضغطت على الزر فأضاء المكان..وقبل أن أتفحص المكان أو أفكر في اعداد مكان النوم تقدمت خطوات على الممر.. لا بدّ أنه الجاني.. راودتني الفكرة في الانقضاض عليه ومفاجأته.. دخلت امرأة عجوز وألقت بنفسها على الأريكة الوحيدة في الممر بدون استئذان.. نظرت إليها في زحمة المكان فبدت مثل لوحة منسية قديمة يحيط بها الغبار..مددت إليها يدي ورفعتها من زحمة المكان خارجاً بها إلى باحة الدار الضيقة.. حيث أشعة الشمس على حشّة الحديقة.. التي تحيط بها عمارات سكنية شاهقة.. كان جماعة من الناس وأطفالهم يقتعدون درجات السلم الحجري.. يأكلون ويلغطون.. جلسنا بينهم.. كنت آكل شيئاً لا يعود إليّ وأشترك في مجاملات لا تخصني وأجلس في مكان.. كنت غريباً عنهم.. وعن جملة المكان.. أكيد.. حدثت أشياء أخرى تافهة لا معنى لذكرها أيضاً.!

(3)

الأخبار ليس بينها ما يسرّ.. والتفجيرات أصبحت من مظاهر الأيام العادية للسكان..مشاهد الموت والدمار والطائرات والعدوان ليس فيها ما يثير أو يدعو للقلق أو الاهتمام..بالدرجة الأولى ينصرف الذهن إلى مكان مسرح الحدث.. إذا كان أحد من أفراد العائلة ضمن المشهد.. غيره.. لا ضرورة لمتابعة نشرة الاخبار..

ما يثيرني هو كيف وصلت القوات إلى طريق معسكر الرشيد!

قال خالي الجالس جنبي أمام التلفاز وهو يراقب مكان الشركة التجارية العراقية، التي كان يعمل فيها.. في مقرها القديم .. فنظرت إليه وتذكرت أنه مات منذ 1982..!. في الحجرة لم يكن أحد سواي، والحجرة لم تكن سوى (بنجره) أطلّ عبرها على الحياة، ذلك كل ما ورثته من أمي التي ماتت عند ولادتي، وأبي الذي لم أره أبداً.. أما البقية.. فلم تكن سوى ذكريات وأوهام، قد تكون لها فائدة ذات يوم!.

* بنجره: كلمة تركية معناها (نافذة).


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى