الجمعة ٩ حزيران (يونيو) ٢٠١٧
بقلم مهند النابلسي

فيلم «تيرمينيتورس غينيسيس»

التسلية والطرافة والفضول مقابل الافتقار للعمق المشهدي والذكاء والتشويق!

بالعام 2029 يقوم قائد المقاومة الانسانية المسلحة جون كونر (الممثل جيسون كلارك) بحملة عسكرية كبيرة ضد ما يسمى "سكاي نيت" (الذكاء الروبوتي الصناعي) الذي يهدف لابادة ما تبقى من البشر، بعد ان أدت حرب نووية ماحقة بابادة أكثر من ثلاثة مليارات انسان، وسيطرة "البشر الآليين المتحولين" على بقايا الجنس البشري (وهذه النقطة تحديدا عولجت بشكل سردي سطحي ولم تكن مقنعة)! وقبل ان تنجح المقاومة بمحاولتها، يتم تشعيل آلة الزمن التي ترسل "مبيد آلي" يسمى "تي 800" رجوعا للعام 1984(زمن اصدار النسخة الاولى اللافتة من هذه السلسلة) لقتل والدة جون"سارة كونر" (الممثلة ايميلي كلارك)، ثم يتطوع الساعد اليمن لجون وهو كارل ريس (جاي كورتيني) للسفر بالزمن للوراء لحمايتها من الاغتيال...وعند دخول كايل للمجال المغناطيسي للماكينة المرعبة، ينطلق الهجوم المدمر على جون، وتشحن ذاكرته بذكريات مؤثرة لطفولته بالعام 2017.

...ومع وصولنا للعام 1984، يتم تعطيل سكاي نيت (تي 800) من قبل سارة والحامي الآلي الشهير (الممثل آرلوند شفارزنجر بعودة لافتة طريفة)، وهو الذي تمت برمجته بعناية وارساله لحمايتها منذ ان بلغت التاسعة من عمرها. ثم يصل كايل بعد فترة وجيزة ويهاجم بضراوة غير متوقعة من قبل الآلي "تي-ألف" (الممثل البارع لي بيونغ-هن)، ولكن سارة و"الحامي" شوارزنغر ينضمان ساعيان للقضاء على "تي-ألف" باستخدام حامض مذيب شديد الفعالية، ويكشفان بأنهما قاما بانشاء "آلة زمن" مطابقة لسكاي نيت، وبأن سارة تخطط بدورها للسفر رجوعا للعام 1997، وهو نفس العام الذي سيتولد فيه "وعي" لماكينة الزمان "سكاي نيت"...ويقتنع كايل حينئذ بأنه تم تغيير المستقبل عندما راوده حلم برؤية طفولته، وينجح باقناع سارة للسفر معا للعام 2017 كبديل للمحاولة البائسة لايقاف عمل "سكاي نيت".

بالعام 2017 تتواجه سارة وكايل مع الشرطة المحلية بمطاردات لاهثة وحابسة للانفاس بالطريق السريع لسان فرانسيسكو، وفيما تتم معالجة الجرحى ، نعلم ان سكاي نيت أصبح الان يسمى "غينيسيس"، وهو مشروع تشغيل عالمي سري،ثم يظهر جونكونر وينقذ سارة وكايل، ثم يظهر الحامي فجأة ويقتل جون، كاشفا بأنه نسخة مطورة للمبيد "تي-3000"، وبعد أن يعود كايل بالزمن، يظهر سكاينيت بشكل متطور جديد ك"تي-5000"(الممثل مات سميث) متخفيا كعضو في المقاومة، ويسعى لأن يهاجم جون لتحويله لمبيد، مزودا اياه بنظام نجاة "سيبيري"، معيدا اياه بالزمن لمساعدتهم لتطوير "الغينيسيس".

وعندما يتمكنون من النجاة، يجهز الثلاثة انفسهم (سارة وكايل والحامي شوازنغر) ويحضرون قدراتهم لتدمير"الهيكل السيبيري الهائل" لمشروع "غينيسيس"...ثم يتوجهون باقدام لمركزالعمليات (الهيد كوارتر) للمواجهة المرتقبة الحاسمة مع الروبوت الآلي الضاري "تي-3000"، وبعد مطاردة مثيرة بالهليوكوبترات يتمكن الحامي شوارزنغر منتفخيخ مروحية ال"تي-3000" متسببا بسقوطها ودمارها، ولكن الروبوت العنيد الشرس ينجو باعجوبة من الحادث، ويتمكن من دخول المجمع السيبيري، حيث ينجحباللحظات الأخيرة من ضبط العد التنازلي للآلة السيبيرية الهائلة لثلاثة عشر ساعة وخمس عشر دقيقة، وينجح الثلاثة كايل وسارة والحامي شوارزنغر من زراعة قنبلة فتاكة في النقاط الحساسة للمجمع الضخم، كما يتمكنون من أسر الروبوت "التي-3000" في المجابهةالأخيرة، ثم يقوم شوارزنغر بحشر خصمه العنيد في ثنايا الحقل المغناطيسي الضخم لآلة الزمن، ويتمتدمير كليهما، ولكن قبيل الانفجار الضخم بثواني فقط يقوم التي-3000 بالقاء بقايا الحامي "الروبوتي أيضا" لحاوية سائلة ضخمة بالجوار، ويتمكن كايل وسارة من الوصول للبونكر المحصن أسفل المجمع، قبل ان يحدث انفجار هائل ، ثم يظهر كالعادة الروبوت الحامي شوارزنغر لينقذهما ويقودهما للخارج من خلال الركام الهائل ...يسافر الفتى "تريو" لمنزل طفولة كايل، ليخبره عن شخصيته الفتية الفضولية، وتنتقل الأحداث للعام 2017، ثم يذهب الثلاثة سارة وكايل والحامي شوارزنغر للريف الشاعري الجميل حيث يتبادلان قبلة فيما ينظراليهما الحامي بفضول مصطنعا ابتسامة "آدمية" عريضة، ونعلم بأنهمأصبحواالان بآمان بعدنجاتهم من كارثة "الغينسيس" الذي تعرضللدمارالهائل، والذي نجا بدوره بفضل تواجده بغرفة ضخمة محصنة!

الروبوتات "العاطفية" ضد الروبوتات"الميكانيكية"!

تم تصويرالشريط طوال أربعة أشهر بنيواورليانس باسلوب مقارب لطريقة اخراج الفيلم الأصلي بالعام 1984، وتم انجاز حوالي 900 مشهدا بمؤثرات خاصة للروبوتات القاتلة (تي 1000و3000و5000)، وشملت مشاهد شيقة لطيران المروحيات والمطاردات اللاهثة ولانفجار المجمع "السيبيري"، وتم تحقيق مؤثرات تجريبية ناجحة لتبيان كيفية احتراق المعدن (مكون الروبوتات) بواسطة الحوامض ووهج الألمنيوم المحترق، كما تم تصوير مشاهد موازية لسان فرانسيسكو تضمنت جسر"البوابة الذهبية" الشهير، وتم ايجاد توافقمذهل ما بين شخصيتي شوارزنغر العجوز والشبيه الشاب (الممثل بريت آزار) والشخصية الكمبيوترية الثالثة، علما بأن الشبيه قد أبدع باتقان الحركات الخطرة، كما أبدعت كل من ايميليا كلارك بدور سارة كوبر بل وتفوقت بالأداء، وجاسون كلارك بدور جون كوبر، وجاي كورتيني بدور كايل ريس، ثم المحقق ج.ك. سيمونس بدور المحقق اوبريان، وكايو اوكيني بدور داني دايسون، ويبدو وكأن هذا الفيلم قد ختم أخيرا هذه السلسلة التي استنفذت رسالتها نهائيا بهذا العمل "المتواضع" نسبيا!
مراجعات نقدية سلبية مقابل استرجاع النكهة والحنين للفيلم الأصلي(1984)

يبدو الفيلم وكأنه غرق باسطورته وأصبح سجين الرواية الأصلية لتحفة كاميرون الاولى، ولكن بالقليل من النكهة والمذاق والبساطة كما الذكاء والعمق والاثارة، ولم تنجح الادارة الباذخة للمخرج الان تايلور ولا كتاب السيناريو "لاتا كالوجريد وباتريك لوسير" من انقاذ الفيلم من التعقيد المشهدي وانعدام المنطق المتسلسل للأحداث فأغرقوا المشاهد بالغموض والتيه، مما استدعى التطرق للتفاصيل السردية الدقيقة للشريط ، كما بدا ضعف التشويق واضحا مقابل لقطات ساخرة طريفة أتحفنا بها شوارزنغر طوال الفيلم، محاولا استعادة أرثه السينمائي الساخر الشهير المتمثل بعبارته المعهودة "سأعود!"،كما تمثلت باسلوب نطقه البارد للجمل وبابتسامته العريضة المصطنعة، وحتى بحالة "الرجفان" (غير المتوقعة والتي تؤشر لمرض الباركنسون الذي يتعرض له كبار السن) التي تعرض لها أثناء شحنه للرصاص بالبندقية، وكأنه يقدم لنا هناصورة جديدة غيرمعهودة لكائنات روبوتية "مسنة" ذات بعد انساني-عاطفي!

استمتعنا بالكثير من المطارداتوالانفجارات والمعارك والقتل والتشويه الروبوتي، ووجدنا انفسنا امام مزيج سينمائي حافل، دامجا بنجاح الخيال العلمي الجامح والصراعات القاتلة والأكشن المتقن، ولا يمكن تجاهل اللمسات الساخرة للروبوت (البشري) شوارزنغر، اما سلاح الفيلم السري فلم يتمثل بالسفر المكرر عبر آلة الزمن ولا بالروبوتات القاهرةالعنيدة، وانما بأداء الممثلة الصاعدة الشابة "ايمليا كلارك" التي يفيض وجهها جمالا وطيبة، والتي أظهرت قدرات تمثيلية قوية واعدة تبشر بميلاد نجمة جديدة...يتضمن الفيلم رسائل تحذيرية من خطر تحكم الآلات بالبشر مستقبلا، كما أنه يقدس تركيبة الاسرة التقليدية كخلية بشرية سرمدية، ويعيد شوارزنغر طوال الفيلم عبارة ذات مغزى: أن تكون عجوزا ليس معناه أن تكون "عديم الصلاحية" وربما يهدف من وراء ذلك لتبرير دوره "المحدود" بالفيلم، كما يختم الفيلم بعبارة غامضة: المستقبل ليس محددا!

فيلم» خالص المدمر« هو الحلقة الرابعة في سلسلة أفالم الحركة والمغامرات والخيال ً ًّ كال َ من فيلم ّ ي» المدمر: ّ العلمي »المدم ّ ر«التي بدأت بفيلم «المدمر»1984، وشملت أيضا يوم الحساب« 1991 ّ «والمدمر»: ظهور اآلالت 2003. وحققت هذه الثالثية السينمائية ً على شباك التذاكر، حيث بلغت إيراداتها العالمية اإلجمالية نحو 1100 مليون ً كبيرا نجاحا دوالر. َ األفالم الثالثة األولى في هذه السلسلة جلبت النجومية، والشهرة، والثراء لبطلها الممثل نمساوي المولد آرنولد شوارزينيجير، بطل العالم السابق في كمال األجسام وحاكم والية كاليفورنيا الحالي. ّ

يستند فيلم «خالص المدمر» إلى سيناريو للكاتبين السينمائيين جون برانكاتو، ومايكل فيريس، ويظهر فيه طاقم جديد من الممثلين، على رأسهم الممثل البريطاني كريتسيان ّ بيل، الذي حل محل الممثل آرنولد شوارزينيجير في بطولة الفيلم الجديد. ً من الممثلين ّ يضم فيلم «خالص المدمر»، إلى جانب بطل الفيلم كريستيان بيل، طاقما من جنسيات مختلفة، بينهم الممثل األسترالي سام ويرثنجتون، والممثلة البريطانية هيلينا بونهام كارتر، والممثل الروسي أنطون يلشين. أما مخرج الفيلم فهو األميركي مكجي، االسم الفني للمخرج جوزيف مكجينتي نيكول، الذي اشتهر في فيلمي «مالئكة تشارلي» 2000 و«مالئكة تشارلي: التحكم التام»2003. ّ

يواصل «خالص المدمر» مغامرات األفالم الثالثة السابقة في السلسلة، مع المحافظة على اإلطار العام ألجواء قصص هذه األفالم. تقفز أحداث قصة الفيلم الجديد إلى العام ً، ً وجوا ً وبحرا 2018، حيث يقوم جيش ضخم من اآلالت المدمرة بتمشيط الكرة األرضية أرضا ً ّ عن البشر المختبئين تحت ما تبقى من مباني المدن المدمرة أو في مخابئ المناطق بحثا الصحراوية النائية. تتحكم شبكة سكاينيت ذات الذكاء االصطناعي في هذه القوة الهائلة من اآلالت المدم ّ رة، وفي ما يتوافر لها من موارد ضخمة تفوق في عددها وعدتها ما يتوافر لما تبقى ّ ً قد تمردت على مبتكريها وخرجت من الجنس البشري. وكانت شبكة سكاينيت قبل 14 عاما ً نووية في العالم.

ويقوم البشر الناجون من الحرب بتنظيم عن طوعهم وأضرمت حربا أنفسهم إلنشاء »المقاومة« ضمن مجهود مشترك لمحاربة الشبكة والمحافظة على الجنس البشري. ُيِع ّد بطل القصة جون كونر) الممثل كريستيان بيل (نفسه لقيادة حركة المقاومة وإنقاذ الجنس البشري في الوقت الذي يستعد فيه العالم للدخول في ً مرحلة جديدة في مواجهته لشبكة سكاينيت. إال أنه يجد أن شيئا ما قد تغير بظهور ماركوس رايت) الممثل سام ويرثنجتون، وهو شخص غريب توقفت ذاكرته قبل ً ُ حين كان على وشك أن ي َّنفذ فيه حكم اإلعدام، األمر الذي يرغم كونور 15 عاما على أن يعيد النظر في ما يعرفه وأن يقرر ما إذا كان هذا الشخص الغريب قد ُنقذ على يد فتى مراهق ُنقذ من الماضي، ثم يكتشف أنه أ أتى من المستقبل أو أ ُ اسمه كايل ريس) الممثل أنطون يلشين (قبل أن ي ُ ختطف ويرسل إلى شبكة سكاينيت. في غضون ذلك، تتأهب شبكة سكاينيت لشن هجوم شامل أخير ضد الجنس البشري. ويجد كونور وماركوس أن الخيار الوحيد المتاح أمامهما هو التحالف والتغلغل في أعماق الشبكة قبل أن يطلق قادة المقاومة ترسانتهم النووية على مركز عملياتها. يبلغ الفيلم ذروته بمعركة فاصلة بين عناصر الخير وعناصر الشر ُ تشتمل على سلسلة من المعارك والمطاردات المثيرة التي تستخدم فيها الطائرات المقاتلة والمروحيات والدراجات النارية وحتى الجرافات، والرجال اآلليون، ويتخللها أضخم وأكبر عدد من االنفجارات في تاريخ السينما، باستخدام أحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا المؤثرات الخاصة. ّ يتميز »خالص المدمر« بقوة إخراجه على يد مكجي الذي ينجح في تقديم فيلم مثير سريع اإليقاع يشد المشاهد. ويجمع الفيلم بين قوة أداء ممثليه الرئيسين وبراعة التصوير والموسيقى التصويرية والمونتاج والمؤثرات الخاصة المثيرة. ويختلف هذا الفيلم عن األفالم السابقة في هذه السلسلة بالطابع الجاد للقصة، والجو العام الكئيب الذي يخيم على مشاهد المباني المهدمة واألراضي المقفرة. ّ صعد فيلم »خالص المدمر« إلى المركز الثاني في قائمة األفالم التي ُتحقق أعلى اإليرادات في دور السينما األميركية في أسبوعه االفتتاحي، وحصد 72 مليون دوالر. وبلغت تكاليف إنتاج الفيلم 200 مليون دوالر، مما يضعه بين أكثر األفالم األميركية تكلفة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى