الخميس ١١ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٨
بقلم الطيب عطية عطاوي

الصفرُ نحن أوجدناه

نحو السماء..
من بغداد إلى طرابلس
أعين تجهش بالبكاء
تستصرخُ أرحاماً بعضها جفا بعضا
تتمرَّغ تحت جنح الظلام
ثمان سنين.. لم تهدأ
تكتفي بالفتات
تلعنها أحذية سوداء
تخرج من حمق المدائن.. تتنفس
لا.. بأبي أنتِ وفوكِ الأشنب
تحت عجاج المنجنيق
تنتحر الأحلام..
تكتفي بالفتات
على شواطئ الفرات
تودِّع في صمتٍ أكباد الحاضر
مجدٌ كان هنا.. كيف دفنـَّـاه؟!
صرحٌ شاهقٌ.. كيف اجتثتناه؟!
في عيد ذات صباحٍ شنقناه!
نسمِّم أطفالنا ونلعق أصحنتهم..
ورغيفُ خبزٍ منهم سرقناه!
آهٍ.. آهٍ.. دفاتر الأعمار بالأسود والأحمر..
أسدلي شعرك.. ارهني أثداءك
علنا نستفيق
احملي من غير أب..
علنا نستفيق
إذا الموءودة سُئلت.. بذنبها
لِمَ قـُتلت؟
عجينة أم رمادٌ أنتِ؟
أيتها الرمادية.. أيتها الجيكورية
عيون ميدوزا تتحزب
تشتهي ألفَ رأسٍ ورأسٍ بلا جسد
بالسكين.. بالصليب تُعذِّب
ثمان سنين.. لم تهدأ
تتقاطر من أنيابها العبرات
وتودِّع في سكون أحمر رُبَّانها السفينة..
بلا عنوان تتقاذفها الذكريات..
وربيع أسود استحضرناه
فتشنقنا الذكريات
أذيال.. أذيال تناديها الحمقى
تتعلق بها.. تناديها الحمقى
موسم الحصاد..
حصاد.. حصاد
وتخرج من مخابئها الجرذان
تصيح في عراء
تهلك الحرث والنسل
تلعق رُفات رعاة البقر
وخلفها.. تعوي الذئاب
في صمتٍ.. تصنع ألف قبر
وظلم ذوي القربى أمرّ
قلوب من حجر
في سمائنا تحوم
تصنع شهد خطر
وتمطر.. وتمطر
بين أضلع الكلمات نتحسَّر
وجوه فاغرة فاها
تتلذذ ذاك الشهد
وليكن..
صمتُك.. هواؤُك.. عشقُك
أحورْ..
لا تنادي..
فكم وُلِدتُ فأقبرتَني
ردمتَني تحت سنابك الخيل
أحرقتني..
لا تنادي
عدوِّي وعدوُّك واحد
لا تنادي
صلاتنا.. صدقاتنا.. ما عادت تحامي
كلاب الصيد تستفيق من نباحها
تخيط في جرائدها الأوهام
والمعتصم الثائر دُفن في التراب سيفُه
لا عتمة يشقها
لا امرأة يُغيثها..!
يا مدينةً خضَّبتها العوادي
شقتْ سماءها
أرحام البناءِ والإعرابِ
عبثتْ في مياهها خنازير الوادي
صُلبت على أعمدة أبوابها
طُحنت تحت رحاها
على رمالها.. فوق شواطئها
اللائي واللاتي..
ما عاد الهوى والعشق ينادي
كم أشتهي شعر الأطلال
تحت الأطلال
نبكي الديار..
تتقرَّح أحداقنا
وخدودنا..
وندفن أرحامنا.. في عمق الأخدود
الموت والحياة رواية أدبيهْ
سأقرأها دون خوف
الموت والحياة معادلة رياضيهْ
سأحلها دون خوف
تتبختر أرقامها على كراستي
وجدول حسابها يأبى البداية من الصفر
الصفر نحن أوجدناه!
علقنا ثيابنا على مرماهْ
وعاد يحاربنا الصِّفر والسِّفر
يا أمة عاشت نهاراً..
وليلٌ طويلٌ ما عاد يفارقنا
ما عادت نجُومُهُ تضيء لنا
نسبِّح الله ونحمده
ندعو..
وإلى أن يحين الدعاء
نبقى ننتظر..
انتظر..!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى