الأحد ٣٠ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٨
بقلم فاطمة نزال

نالحياد المر

أريد أنْ أخطَّ لك طرقَ المتاهةِ
ليس لهوًا أو تزجيةً للوقتِ
إنما انجرافٌ للغزٍ
وانصهارٌ في أتونِ الخساراتِ
تلك التي نحاولُ تجاوزَها
لا فصاحةً منّا
بل هروباً للأملِ الكذبةِ والسرابْ
قد نعلقُ في المتاهةِ
تغرينا المفاجآتُ
القلبُ يترصدُ خطوَهُ
وخشونةَ الملحِ
الذي التصقَ بجلودِنا
ترشحُ ما امتصتهُ مِجساتُ الفراغِ
من أجسادِنا
نشعرُ بالدوارِ
الليلُ يسلبنا الحقيقةَ
تصيرُ العتمةُ لغزًا يخفيها تحتَ ردائهِ
وحين يَجِنّ بعد عقودٍ
ستفتحُ الجدةُ بئرَ حكاياها المبتورةِ
أي تاريخٍ سنخُطهُ الآن
ونحن نعبُّ الغبارَ
نكحلُ به عمانا المتعمدَّ عن وجعنا
بدعوى أن الحربٍ خدعةٌ
وللهزيمةِ وجهًا آخرَ اسمهُ المناورة.
دعني أرسمُ لكَ المشهدَ الآن
ها هو يتجسدُ على أبوابِ إيلياءَ
عند الجدارِ الملتوي انحدارًا
يقسمُ البيتَ
الساحةَ
الطريقَ
ويقسمني
أنا الجسدُ الممزقُ بينين
صرتُ حقلًا من الألغامِ
أطفالي صواعقها
ارتجافاتُ الليلِ المعلقِ
على امتزاجِ الخيطين المجدَّلين
أسودُها بأبيضها
باتَ الخلاصُ رمادياً
الحيادُ ملمَحنا
نحن اللاهثين
وراءَ اللقمةِ المغمسةِ بذلِّ السؤالْ .
الفتى الذي وقف ممتشقًا مقلاعَهُ
يراوغُ البندقيةَ المصوبةَ إلى صدرهِ
الريحُ تحملُ إلى مسامِعه
صدى الصرخاتِ
في الوقتِ الذي جندلتْ الرصاصةُ
جسدَ الغزالةِ
أراقتْ مسكَها خلفَ السياجِ
نحن يا حبيبي نحِنّ إلينا
حيث كنا طفلين
نمتطي القُزحيَّ إلى الغيمِ
نقطفُ نُدَفَها
نغزلُ من خيوطِ الشمسِ إزارًا
حلمنا كما كلُّ العشاقِ في بلدي
بنينا بالرملِ على الشاطئ بيتَنا
سمينا أطفالنا تخاصمنا
أردتُ طفلا يشبهكَ
وددتَ طفلة تشبهني
أفقنا على صراخِنا بذهولٍ
حيث كنا نسترقُ اللقاءَ
بين نافذتين يفصلهما زقاقٌ في المخيمِ
في تمامِ العقدِ الثالثِ لغيابِكَ
كان يوميَ الأخيرُ في مبنى وكالةِ الغوث
خارجةً كنتُ
نظرتُ في المرآةِ المعلقةِ في الممرِّ
الشيبُ يغزو مفرقَ شعري
يتركُ الزمنُ صفعاتِهِ على وجهي
صيحاتُ أطفالِنا الذين لم ننجبهمْ
ذكرياتُ جنونِنا
لهفةُ قلبي
لسماعِ صوتِكَ المُغَيَّبِ خلفَ مؤبدين ومسافةٍ مستحيلةٍ
جرأتها تراودني
لا شيء يخذلني إذ أطلقتُ للطريقِ خطاي
الحبُّ مساحةٌ تتخلقُ في قلبي تطعمها عيني لنافذةٍ فتحتُها للتو
نهمةُ مخيلتي تلتهمُ كلَّ ما يعبرُ فيها
تجترهُ على حين ذكرى تداهمني الآن حيث فاض النهرُ وأغرق الضفافْ.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى