الأحد ٢٧ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٩
بقلم الحسان عشاق

بولحية ولد رقية

يخلع السروال الفضفاض الذي يشبه مظلة، يدخل المرحاض، يبسلم استعدادا للاستنجاء، يغسل المناطق التي لا تراها الشمس، أكل يوم أمس صحونا من البيصر المغمس بالزيت البلدي، الأكلة المفضلة مند سنوات الدراسة، الفول يتخمر في المعدة، التخمر يولد الغازات المتدافعة، يتضرط تباعا، الريح الكريهة تبطل الوضوء، للمرة الرابعة يستنجى ويتوضأ لإقامة الصلاة، تخلف عن المسجد للمرة الرابعة ولا يريد أن يتخلف عن صلاة العشاء، صلاة العشاء تجمعه بالشلة، يثرثرون في أمور الدين ويضعون الخطط السياسية لاستقطاب ضعاف النفوس، المساجد في الوطن العربي تحولت إلى احتياطي انتخابي للأحزاب الإسلامية، تفرخ المتطرفين، معامل حقيقية لغسل أدمغة ذوي المستوى التعليمي المحدود السهل شحنهم مثل البطاريات وتوظيفهم في المشاريع السياسية الملتبسة، من المساجد خرجت السلفية الجهادية، والسلفية النكاحية...نعاج ضالة، أشبه بسرب الغربان تنعق في الفضاء، تتوالد حيث يتناسل الفقر والقمع وترتفع معدلات الجهل.

بخرج مبللا كما العادة، بلحيته الكثة وقامته القصيرة، تتقدمه بطن منتفخة، أشبه بحامل في الشهر التاسع، اغلب المتأسلمين مستكرشون، يستهلكون الطعام بشراهة، يحضرون جميع الولائم، يذمون العري، لكنهم يمضغون النساء مضغا، يرتكبون الرذيلة من تحت قلاع وأسوار الحجاب، القنافذ تمارس فعل التناسل من تحت الأشواك.

يرتدي السروال الواسع في خفة، تحت (فوقية) بيضاء، يحمل السبحة وقطعة قماش، صورة الكعبة بألوان قوس قزح، مستلزمات المؤمن الصالح و الطالح، طقوس تمارس بشكل يومي لتطهير فسيفساء الروح من الأدران، طمعا في عوالم الملائكة والحور العين، مع كل ركعة يخر العقل مستسلما يسبح قدرة الله على محو الكبائر والصغائر، يقترب من الفردوس الأعلى حين يقف على أعتاب الخشوع وتحاصره مطالب التوبة، الصلاة عماد الدين، قال الإمام بصوت اجش، صلاة ولد رقية خليط من المذاهب الأربعة، لا هو من أتباع مالك ولا الشافعي ولا الحنبلي ولا الحنفي، يستقيم فيه السني والشيعي، الكافر والمؤمن و الملحد والمرتد، كل ما يلون الحياة بالنعيم ورغد العيش يعد مذهبا..النفس مظلمة عطشى لا تنيرها لا الصلاة ولا ترويها ألاعيب التمويه.

 هذه الكائنات تستعمل الدين مطية لتحقيق طموحاتها السياسية

 ولد رقية اكبر مرتزق باسم الدين

 يد تسبح، بطن تبلع، وعقل ينكح

 20 سنة متغيب عن تدريس أبناء الشعب وفي آخر الشهر يقبض الراتب

 يأكل السحت

 ابن الحدأة لا يمكن أن يكون طيرابابيل...؟

ولد رقبة ناسك متيم بالملذات ضعيف الإيمان، تجرفه أطماع الدنيا، ارتمى في حضن السياسة، طاف على جميع الأحزاب، ولبس جميع الألوان بحثا عن المنفذ للتفريغ والتنفيس، ووجد ضالته بعد تيهان طويل في حزب الفانوس، تدثر بعباءة الدين وحج إلى سوق الفساد، في كعبة الخطيئة أقام خيمة واحتضن الأهل والعشيرة، والطامعين والحالمين، وزع الأدعية وصكوك الغفران، وامتشق تذكرة عبور إلى صناديق المال العام، باسم العبادة المشوهة اغتسلت نياط القلب من البركة الآسنة. الثراء برد وسلام يرفرف فوق قناديل الصدر الملتهبة بالرغبات المحمومة للهرب من اسر الفقر وتاريخ العائلة الشقي.

رأى ولد رقية النور في حي شعبي تمارس فيه الرذيلة نهارا، والدعارة والزنا من أركان العيش، أبوه سائق طاكسي تغيبه كسرة الخبز، الأفواه الجائعة تطلب المزيد، يسافر إلى المدن، يختفي لأشهر عن المنزل، يتركه في عهدة الضمير، الأم موظفة في قطاع حكومي، سقطت في براثن المحرم عندما توسدت نيران الرغبة، سلمت التفاحة راضية للقاضمين، تاجرت في الرقيق الأبيض، أقامت ليالي المجون في بيت الزوجية، شربت النبيذ المعتق والمستورد، أشعلت الشموع في قصور الأعيان، نامت على أسرة المرضى بحمى الأجساد المتلفعة بالرعشة، هربا من رائحة العرق والجو المشمئز والمفكك، انغمس في سراديب العلم والمعرفة، امتطى صهوة التحصيل، ينشد التفوق وهزم الزمن، شاهرا سيفا في وجه المحن، يطوي المسافات والمحطات، أدمن العزلة وطمر الغضب، تجذبه لوعة المناطق المقفرة، حين فهم ما يجري في البيت، امتعض، تألم، تنبجس الدموع، تكبر الصفعة والتمزق، يتمرد، يصرخ، يهدد، تخنقه الأفكار السوداء، طعنة سكين تنهي العذاب ويتحرر الإخوة من العار، من القصف اليومي للجيران والأتراب، الله يهدي من يشاء، الله غفور رحيم، يتلو بصوت مرتجف ما حفظ من كتاب الله (فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)، كلمات تمنعه من الانفجار، يفرمله الدعاء في السحر من نيل شهادة عقوق الوالدين، يمشي موجوعا بعقل مشتت، تحاصره الأمكنة والعيون المستفزة، يجد ضالته في الأضرحة والزوايا، تلبسه السكينة في القراءات السجية للكتب المقدسة، يبحث عن القدسية والطهارة، يغتسل من ذنوب الأم، تخاذل الأب الغائب، وصمت ناقوسه عن الحضور، يثور الطفل الصغير بدواخله، تجيش وتلم به عاطفة الحرمان، لطمه الواقع المر، وهرب من ذاته، سبح بحثا عن طوق نجاة، تلاشت السنوات القبيحة، يتهدج الوجه، يخرج من صلب الدهشة والرعونة، يقف أمام السبورة، وزرة بيضاء، في عينيه يأتي الخوف والفرح، حمل الطبشور الأبيض، رسم دوائر ومربعات على البساط الأسود، يصرخ في التلاميذ يرغمهم على الهدوء، الاستجابة فورية، يحس بالنشوة والقوة، انطمرت الهواجس والمخاوف، عندما تنتهي الحصص يلتحق بالجماعة، طقوس الجماعة تلجمه، تدفعه إلى الامتزاج الأرعن و اخصاء وحدته، الجماعة مطيته للوصول إلى المبتغى. وممارسة رذيلة العيش، الماضي القاسي يرتمي بتوادة في وديان النسيان، قال شيخهم ذات مرة وهو يدفع الطعام في الفم ويمزق شرائح اللحم، المال ليس كل شيء، في سبيله يسترخص العرض والشرف والكرامة، كلمات بدون معنى، لم تعد قابلة للصرف في زمن الماديات،يظل فاغر الفم، جاحظ العينين، الوعظ والإرشاد يعمق في وعيه بلاهة الانتظار، يعيش منفى اختياري، في انتظار بزوغ فجر من حقائب الصمت والصخب، يلون النكسات والسقطات بقوس قزح، الشيخ المتاسلم يبيع الحظ للمقهورين والتعساء مغلفا بالدين، الله في الصدور،الجنة الموعودة قريبة صبرا جميلا. تستوطنه أجواء الغموض، فتوخزه بعنف نفحات ومنعرجات الواقع، يتسكع على أبواب الشك واليقين، الوهم و الغوص في مستنقعات الفضيلة يسمن ويعمق التخاذل، يريد الانعتاق من الأسر الروحي، كسر الأغلال المغمسة في ضباب الطقوس البالية.

 الذئاب الملتحية

 المخزن وظفهم لتمرير إصلاحات تضرب القدرة الشرائية وعندما ينتهي منهم سيضعهم في الثلاجة كما فعل مع أحزاب الصف الوطني والديمقراطي

 أكثر ما يحركهم الجنس والثروة..يتزوجون ويطلقون، حلقوا اللحي، بدلوا اللباس، سكنوا الفيلات الفاخرة واشتروا السيارات الفارهة

 لأنهم منافقون دجالون لا تهمهم مصلحة الشعب...وفي سبيل استمرار العيش في بحبوحة مستعدون لفعل أي شيء..؟

الدين لا يطعم الجائع، ولا يستر العاري، ولد رقية يعيش فجوة مكانية، تسكنه نار الشهوة، يستحلم كل ليلة، يفترش نساء لم يمسهن انس ولا جان، يغرق في اللزوجة العذبة، المال والبنون زينة الحياة، بدل السروال الفضفاض والفوفية بالبدل وربطات العنق، والسبحة بحاملة المفاتيح، تطهر من رائحة اللوبان والسخاب وعود الأراك والقرنفل والبخور، تخلص من الكمون والقرفة والزنجبيل وشرب المحاليل على الريق لمداواة جميع الأعراض والأمراض، العقل الذي لا يتغير جلمود صخر،هكذا خاطبه فلفول حين جمعتهما مأدبة غذاء، ولد رقية إنسان آخر، خرج من شرنقة السلف وركب صهوة التمدن، حية تبذل جلدها، تفنن في لوك المفردات، هربا من اللغو القديم، رمقها في الشارع أشبه بأميرة، بسطت أشرعتها وأبحرت، تسللت من ثغر الأنفاس رائحة العطر، عشتار بشحمها ولحمها، الله في القلوب، على جسدها يرى الخصوبة، الأمل والوعود المنتظرة، ضفائرها الزغب النابت في حبات ذرة الحقل، تنتظر القطاف، التحما وسافرا على جناح العشق إلى مدن الحرية، قمر يتوهج وظلام يزهو، تحمله سكرات العشق، يأخذه إلى مدارج البوح، تشاغب الروح المنكسرة منتشية، تقدم قرابين ليرتوي الجسد المصلوب على ناصية الاستسلام، تزدهر الحديقة، تطلق الزغاريد، تضمخ الأيادي بالحناء، تحرق البخور، يضج البيت، تكبر البنتين، تنتصب العرائس فيهما من جمال الجدة رقية وعنادها، منع عنهما التبرج، انهزم واستسلم صاغرا، الشيطان يتهادى في أوصال الأنثى، أمام الرفض تشكلت العقدة، يكبر الغضب والاهتزاز والانكسار، لا يمكن الانعتاق من قبضة الأمس، يغرق في الحيرة المنبجسة من لحظات الصفو الداخلي، يحدق في الفراغ، عيون كثيرة تنهشه، تعريه، يكاد يفقد التوازن، تفتته الدهشة، تجول في مخيلته آلاف المشاهد الكسيحة، ينتابه الخوف الباذخ، يأتي صوته عبر الميكرو متلعثما باهتا يحمل نتوءات القبح المضرج بالمكر والخديعة، ضجت القاعة بالهمهمات...تلسع أذنيه كلمات قاسية، يهرب عنه الدم، يخاف أن يطل طيف الفضيحة من المدائن القديمة، ينتفض بشدة كغصن مصفر داهمه الحريق، جاءه الصوت مقتحما حادا كالطلقات النارية المباغتة، أنت كذاب ومنافق، أنت عار على المدينة، عار على الدين والسياسة، تاجرت في ثقة الناس، ضيعت أبناء الشعب، حرمتهم من التعليم بسبب التغيب، أين الضمير والأخلاق...؟ انتم ظلاميون وعدميون...يعلو التصفيق والهتاف، تتوتر الأعصاب، الإعصار قادم لا محالة، فلفول يرفع الجلسة خوفا من رشاش التقريع والفضح.

 أصحاب اللحية بدلوا الدين بالمال ورفعوا شعار (الجهاد في سبيل الثروة مباح...)

 بولحية قليل لحيا

 كان راس مالهم المضمضة والاستنشاق وقال تعالى دابا دارو لباس.

 حفدة ابو لهب لعنة الله عليهم الى يوم الدين

الأجواء تلبدت بالغضب، خرج منكسا من القاعة، للفضيحة نوافذ مشرعة وشاخصة، ولد رقية كائن حربائي، يلبس عشرات الأقنعة، يد تحتضن الجبة والطربوش والأخرى تسبح في نعيم الدنيا، الروح تسقط في وخز الحقيقة، جبل على مضاجع الألم، يود أن يجهش بالبكاء مثل الأطفال، يرجع إلى صدر الأم، يطلب منها مخاضا وولادة من جديد، الناس ترقب الجلاد لتعرف حجم هوة السقوط، تغزل الساعات لتضعه خارج الزمن، لطرد الضيق والهزيمة النامية، درس اليوم أقبح من دروس الرياضيات، يتلقى التوبيخ من الشيخ أفعاله على كل لسان، يبلع الصوت المنكسر يحمل الجرح النازف ويرحل، توزعه الخطيئة وتسنده، يسقط في المحظور، يتعرى من جديد، أين الخلاص، صهرته فضيحة الشرف والكرامة، وغاص في جريمة الضمير، انتشر خبر الصفعة في المدينة، ارتياح عارم، ومطالب بالمزيد، سيظل يطارده المشهد كثيرا، يدخل البيت واجما، يستعيد الصرخة المدوية، تستقبله الزوجة المحجبة، تعرف انه فاسد وان الراتب الشهري لن يوفر الفيلا والسيارة والأثاث الفاخر، انه غارق ينهل من المحرم، لكنها لا تثور، يتوحدان في الفساد، (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات) الواقعة سبقته دخلت إلى المنزل،يضطرب الدماغ الغارق في التناقضات، تشوهت فيه الإنسانية وسقطت عنه ورقة التوت، ركض خلف السراب الوهمي، مقابل عطايا وهبات تحول إلى عبد مطيع لفلفول وللذين سبقوه، تربى في مزرعة الإقطاعي، يزور قبره ردا للجميل، بفضله حصل على الوظيفة، يحمل الملفات والحقيبة، يفتح أبواب السيارة، يرافقه إلى بلاد الضباب، لا يمانع في كرع كؤوس الخمر، عندما تزول السكرة يقيم الصلاة، (يا أيها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى...) لكل سقوط يجد مبررا، لكنه يصاب بعسر فهم عندما يحاصره المريدون، تجتاحه نوبات الندم الباهت، يريد التحرر من محبسه، عاش الفقر والحرمان، يقينه وإيمانه تحطما على صخرة الملذات، يلبس بقبح جبة الجشع والطمع، لا يخجل من طلب النصيب، لكل توقيع وتصويت ثمن.

دفع الابنة البكر التي تفتحت براعم الأنوثة في مسارب الجسد قربانا على مذبح الطمع، عاشت مع شاب من سنها في مدينة أخرى لاستكمال الدراسة (الا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان) عندما ارتوى ونهل من الحوض طردها إلى الشارع، وجدت الحقيبة أمام الباب الموصد، الصغرى تركب أمواج الموضة، تسقط أعواد الريش في مواقع التواصل باسم الحرية، مصابيحه تنير ظلمات الآخرين، من شابه أباه فما ظلم. الخطيئة تولد من رحم الخطيئة قالها وهو يراقب السقف بتذمر، وما لبث أن سقطت في المخيلة صورة الأم، تخرج متسللة من المنزل، تركب سيارة الإقطاعي بوعزة في ظلمة الليل. لحظات ظلت محفورة في الذاكرة تحاصره بشكل عنيف.

أشباح تطارده، ترجمه بالحجارة في الزقاق، تبصق عليه، يركض بدون اتجاه، الأبواب تغلق، رؤوس متدلية من النوافذ ترشقه بالقمامة، صخرة كبيرة تشدخ الرأس، دم يقطر على الإسفلت، تتساقط الأسنان، يخرج اللسان، انشوطة تكبس على العنق، تتقطع الأنفاس، يتحشرج، ينتفض مذعورا، بسمل أكثر من مرة، شرب كوب ماء، حلم مرعب ومخيف سيستفي فيه الشيخ...؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى