الأحد ٢٥ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم وليد رباح

أرجوكم: لا تعمروا غزة

قد أكون مخطئا عند البعض فيما يخطر لي.. ولكني على يقين أن الشواهد تبقى على مر الزمان ماثلة في الذهن لا يعتورها التغيير ولا تمتد اليها يد النسيان.. وكم من شعب اعتدي عليه ودمرت بنيته ومنا زله على مر الحروب المتتالية عبر القرن العشرين وهذا القرن قد احتفظ بها كشواهد على وحشية الاحتلال. لذا فان غزة التي صمدت طيلة مدة القصف لا يجب أن تندثر شواهدها باقامة ابنية جديدة فوق القديمه.. وستظل تلك الخرائب التي اصطنعها الاحتلال الوحشي والجيش المتوحش الذي لم يستطع النيل من المقاومة فاشبع رغبته في القتل باستهداف المدنيين العزل الذين لا يقاتلون. شاهدا على التطهير العرقي الذي قام به على مرأى ومسمع من هذا العالم الذي اصم اذنيه عما يجري.

غزة سوف تقيم الشواهد عنوانا لبطولة الشعب الفلسطيني.. وستسمي شوارعها باسماء الابطال الذين ذهبوا ضحية الغدر والتطهير العرقي.. لكن أكوام الحجارة فيها ستظل العنوان الذي يزوره الفلسطينيون والعرب ومن يناصروننا في هذا العالم كي يكتشفوا بانفسهم همجية الجيش الذي وضع في استراتيجيته بعد هزيمته في لبنان أن يدمر بنية المدنيين حتى يضغط على المقاتلين بالتوقف..

ولقد رأينا وسمعنا وشاهدنا أن المقاتلين الابطال لم يعبأوا حتى بالمشاركة في جنازات ابائهم وامهاتهم وابنائهم وبناتهم ولم يتركوا مواقعهم التي تشبثوا بها حتى الاسنان.. وظلوا حتى آخر يوم من توقف القصف يحافظون على مواقعهم دون مغادرتها يتوقون للالتحام بالعدو حتى يقضوا وطرهم منه حتى انبلج الفجر واخذ الاحتلال يرتحل مرغما من غزة البطلة..

لقد اثبتت (الحفريات) مآس لا يمكن أن يتقبلها عقل عند توقف القصف.. فانتشلت الجثث من تحت الانقاض فارتفعت اعداد الشهداء.. وتبين فيما بعد القصف أن هذا العدو المتوحش لم يأل جهدا في قتل حتى الاسرى امتصاصا لغضبه في الخسائر التي وقعت لجيشه.. ومن ثم تبين أن العدو قد خسر في الارواح اكثر مما خسرته المقاومه.. وان الضربة في غزة كانت على عنف الضربة في لبنان ولكنها زادت هذا الشعب المتجذر في أرضه قوة وعنفوانا.. كل هذا يجري رغم تشدق قادة العدو بانهم أنهوا عملياتهم بنجاح..

أني لادعو أن يظل كل شىء على حاله.. اما أن رأى القائمون على التعمير أن يمدوا يد العون فانهم يجب أن يقيموا الابنية وما دمر في مواقع اخرى قريبة من ذلك التدمير الرهيب.. او اقامة ابنية بعيدة في مناطق محمية لآن هذه الجولة لن تكون الاخيرة.. واني على يقين أن العدو سوف يكررها أن لم يكن اليوم فغدا.. وبناء ملاجىء حصينة في الابنية الجديدة فيها سبل الحياة أن تجدد القتال في يوم ما.. ونحمد الله على أن المقاومة لم تصب بالاذى الفادح الذي توقعه العدو.. فالضربة التي لا تنهي تعطي الانسان قوة فوق قوته.. وكما نجحت المقاومة في امتصاص ضربات العدو الاولى وردوا له الكيل باكثر من مكيال سوف ينجح المقاتلون الاشاوس في أن يعطوا للعدو دروسا اخرى لا ينساها على مر اقامته المؤقتة على أرض فلسطين..

أيها الابطال.. أيها الرجال في عصر عز فيه ظهور الرجال.. ارجوكم.. اتركوا غزة على حالها.. انها الشاهد على أن تظل الاجيال القادمة تحمل في قلوبها الحقد والتذمر والانتقام على ما فعله العدو.. ولكن اولئك الابطال لن يقابلوا العدو بما يؤخذ عليه أن الجزاء من جنس العمل.. لا.. فليس من اخلاقنا أن ندمر بنية المدنيين.. ولكننا باذن الله.. سوف نعطي العدو دروسا في الانسانية يذكرها العالم على مداه.. ولنا في ابطالنا المقاتلين اسوة حسنه..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى