السبت ٢٦ أيار (مايو) ٢٠١٢
بقلم
أرضُ العراق مقامه
اخي نجاح الوائلي اللذي غيب في الثمانينات ولم نعرف له مقاما فعرفنا بان العراق هو المقام
c السماءُ تألماً وثبورا | واغتاظت الدنيا دماً وسجورا |
وتفطّرت جمعُ الكواكب لوعةً | وتكوّرت نظمُ السماء حسورا |
وتوجّعت أهلُ البحار تأسّياً | وتناثرت قممُ الجبال نفورا |
وتوقفت عند الصراخ عقاربٌ | وكانّها تروي الثوان عصورا |
حين استجار الى المآذن سجد | قد حاطهم سيل الوحوش سحورا |
الذاهبون الى الجنان تشوقاً | والعائدون الى الديار سرورا |
والهاربون من القذائف عزّل | والثائرون على المقاصل ثوْرا |
سحبوا من الآمال في وهج اللضى | للموت دفناً رضعاً وصدورا |
قد عانق ألطفلَ اليتيم على الردى | صدرُ الأرامل رحمةً ودَثورا |
ومشايخٌ فيهم كأن ظهورها | قوسٌ يلملمها الزمانُ ضمورا |
ونساؤهم مثل الحمائم عُلّقت | بمخالب تهبُ النسور صقورا |
وشبابهم كالعالقات ببركةٍ | في لحمها تلهوالضباعُ سعورا |
والمرضعاتُ بحجرها أكبادها | تغفوعلى صدرالمنون بدورا |
حَفرت مكائنهم وزادوا حفرها | حُفراً تكون مصارعاً وقبورا |
بالقاذفات تجمّعوا وعبيدهم | وترنّحوا كالفازعين غرورا |
وتراقصوا حول الضحايا سطوةً | ومضوا بها للجارفات عبورا |
ورموهمو قسراً لظلمة حفرةٍ | أحياء يسعفها الجناةُ صخورا |
يتهافتون على الأباة لودئهم | فكأنّهم كلب غدى مسعورا |
ما حالهم أحياء تدفن في الثرى | وقلوبهم تزهو شدى ونظورا |
يتأمّلون الى السما فتردّهم | للقعر أطنانُ التراب دحورا |
يتشبّثون الى الجدار ليرتقوا | فيزيدهم حَفرُ الجدار قصورا |
والأمّهاتُ الى الصغار سلالم | ترجو بأن تغدو الصغار طيورا |
فتهامشت فوق الرؤس صِغارَها | غربانُ سود تلهم المقهورا |
ما هزّهم صوتُ الرضيع مرفرفاً | تحت التراب وما بكوا المعصورا |
أحياء يدفنها اللئام تفاخراً | وتدوسُ فوق رفاتها تنكيرا |
حتى الشياطين العتاة تعجبوا | من فعلهم واستغربوا التبريرا |
وتقهقرت فرق العبيد تقودهم | نارُ المذلّة لعنةً وثبورا |
دفنت مكائنهم خُلاصة أمة | قد ذاقها جورُ الطغاة كدورا |
صور الضحايا في الخلود كأنها | نحر يفيضُ الى السماء هديرا |
وتساقطت سحبُ السماء فأنبتت | فوق القبور دلائلاً وزهورا |
وتكالبت حول المقابر أمّةٌ | تذري التراب وتنشد المغدورا |
حفرت أصابعها الصخورَ فأبصرت | بين التراب جماجماً وكسورا |
فتلاقفتها بالعناق حرائرٌ | وروت مضاجعها العيونُ غمورا |
وبركت أبحث في الثرى عن تؤمي | فتزاحمت حولي العظام نكيرا |
قد هدّني ثقلُ المصاب لفقده | وأشابني جهلُ المقام دهورا |
فعرفتُ أن مقامه أرض حوت | في كلّ شبر ضرغماً وجسورا |
أرضُ العراق مقامه فغدى به | للعاليات منائراً ونذورا |
فأخذت شوقاً حفنةً متأملاً | فوجدت فيها توأمي مبرورا |
فشممتها وضممتها وقرأتها | سفراً يضئ الى الفلاح مرورا |
عجباً تُساقُ الى المهالك أمةً | لم تجن ذنباً او تسنّ شرورا |
قسماً ستبقى في القلوب وترتقي | هذي القبورمشاعلاً وبذورا |
وبها العزائم في الصدور مسلة | تعلو الدهور مآثراً وقدورا |
كتبت عليها بالدماء مفاخراً | وتزاحمت فيها النحور سطورا |
فهي المقابرُ كالجذور لنخلةٍ | تهبُ التقاة شوامخاً وتمورا |
الحق يعلو من ثراها كوكبا | وترابها زاد الشموس نشورا |
أن الضحايا للضمائر تنتخي | أن لا تكون الى الظلوم جُسورا |
ما مات منهم في المقابر راضخ | أو كان فيهم للطغاة نصورا |
يعلوهموا شوق الترابُ جنائنا | فغدو به للصالحات جزورا |
كالجذرطالوا في السماء براعما | وأذانهم حالَ الترابَ ثغورا |
تهبُ النفوسَ تمائماً وعزائماً | وبها ترى للآملين زبورا |
منها السراج الى التقاة جوامع | وبه العوالم تستنيرُ قمورا |
القلبُ تبقى للأباة ومدّه | نبضٌ يكسر للطغاة ظهورا |
ونسوكِ من طلبوا المنابر حصة | عميان قلب قد نسوا التنويرا |
إن يذكروكِ فلن يراعوا حرمة | كالوارثين إذا نعوا المقبورا |
لن يخفت النسيان وهجكِ أنّما | تبقين جسرا للسلام عبورا |
ان المقابر لن تسد ضياؤها | حجب وان تعل الشعاع ستورا |