الأحد ١٠ حزيران (يونيو) ٢٠٠٧
بقلم أيمن اللبدي

أمير الشعراء .....!

بالمختصر المفيد، وباللغة المباشرة، لا زلنا نأمل من محطة فضائية "أبو ظبي" المحترمة، أن تتفضل علينا وتتعطف، وتقوم بتغيير الاسم المثير، ذلك الاسم الذي أطلقته حول ما تزعم القيام به، لبرنامج مسابقات الشعر الكلاسيكي العربي، وبعد ذلك يمكن لنا أن نشرع في إحسان الظنِّ بهذا العمل الإعلامي، أما قبل ذلك فإن عامل سوء النيّة وعامل سوء التوفيق متساويان!

هل تعلم فضائية "أبو ظبي" والقائمون على إعداد البرامج، أن هذه التسمية ليست تسمية مجرّدة؟ وأنها ليست كحال عملها السابق الذي قدّمته "شاعر المليون"، ولا هي مثل أي تسمية أخرى يمكن لها أن تلتقطها، لتوظّفها في زخم العمل الدعائي المحض، بعيداً عن أية أوهام فاقعة أخرى يمكن أن تنطلي على العاملين في الإعلام والتسويق!

هناك ستة أسباب، تستدعي أن يشرع المسؤولون عن ذلك، بالتفكير جدياً في تغيير هذا العنوان:-

السبب الأول:- أن هذه التسمية تلحقها وتلاحقها طائلة الحقوق الفكرية، والتي استهانت بها فضائية أبو ظبي ضاربة بذلك مثلاً للاستهتار، بالحقوق الفكرية والحقوق الابداعية ذاتها، التي تعلن أنها تريد الحفاظ عليها وتنمية قيمتها، ولو رفع أيٌّ من ورثة أمير الشعراء أحمد شوقي غداً شكوى وأثار قضية أمام المحاكم الدولية، لكسبها دون شكّ، فقيمة "أمير الشعراء " كلافتة هي تماماً كقيمة " محرر العبيد" في أمريكا أو كقيمة " المهاتما" في الهند، لأنها اكتسبت عن طريق إجماع وبيعة المعنيين في الأمر، وأصبحت جزءً من منظومة ثقافية وفكرية وتاريخية، أم أن فضائية أبو ظبي ترى أن ما يخص العرب والثقافة العربية، لا قيمة له ويمكنه مثل الدم العربي والمال العربي وما هو بينهما، أن يغدو مشاعاً لمن يرغب؟!

السبب الثاني:- أن هذه التسمية وهذه النتيجة، جاءت على أساس عملية مبايعة مشهورة، مثبتة في التاريخ العربي، لا أعتقد أن "فضائية أبو ظبي" تجهل هذا، أو أن معدي البرامج الثقافية يجهلون ذلك، وهي على أي حال ليست كحال نكبة حزيران التي أظهر الاستطلاع الرائي"التلفزيوني" في بعض الزميلات لفضائية أبو ظبي ، جهل عدد من المستطلعة آراؤهم معرفتهم بهذه النكبة العربية المدوية، وكأنهم ليسوا عرباً ، وهم في ذلك يستحقون أن يحتلوا المقعد الأمامي للرئيس بوش الذي كان لفترة بسيطة، مضرب المثل في الجهل الجغرافي والتاريخي، ولم تأت هذه التسمية نتيجة مسابقة تلفازية فضائية.

السبب الثالث:- أن التسمية تخص شعراء عرب، بعضهم لأي سبب لم يشارك العزيزة فضائية "أبو ظبي " كرنفالها المليوني، وإن كانت فضائية" أبو ظبي " تريد أن تجري تلميعاً وخلطاً للشبهات، فكان عليها أن تحيل الاستفتاءات والتصويتات المتوقعة لاحقاً، في جزءٍ قادم من برنامجها هذا، على الشعراء العرب، وليس على جمهور الناس، هكذا على الأقل تكون قد وضعت شبهة مبايعة لتمليك أو تقديم صفة تمس أولا الشعراء أنفسهم قبل أيِّ شخص آخر! فإن أصرّت على تحويل ذلك إلى الناس عامة، وأرادت أن تستقدم ما يدعم ذلك، نجيبها أن هذا كان مثله في سوق عكاظ مثلاً، طالما هي كما نفترض تريد القيمة التاريخية الأدبية، ومع ذلك فإن هذا السوق وأشباهه لم يكن ينتهي حاملاً صفة "أمير السوق " مثلاً ، والغريب الاصرار على مسميات الإمارة والملك والتشييخ والتسلطن والقيصرة وما سواها؟!

السبب الرابع:- أن العزيزة فضائية "أبو ظبي" ، إما أنها تريد أن تقيم برنامجاً واحداً فقط، وعندها ستعطي لقباً مثل هذا مرة واحدة، وتوثّق تلفازياً إشكالية شعرية عربية تالية، أو أنها ستقيم أكثر من برنامج وسيغدو اللقب التاريخي الحامل لجزء مما تبقى، من الاحترام للثقافة العربية وأحد أبرز مكوناتها وهو الشعر، متنازعاً عليه ومحل تجاذب وتتناول، وعندها ربما على فضائية "أبو ظبي" أن تسمي هذا اللقب بحسب دوراتها مثلاً، تقول "أمير الشعراء رقم 1" لعام 2007، ثم "أمير الشعراء 2" لعام 2008 وهكذا ! يعني هناك إشكالية منهجية أساس واضحة عياناً حتى في هذه التسمية التي أرادتها هذه الفضائية وهذه المبثة!

السبب الخامس:- يكمن في الاجراء والأداء، فالبيعة التي عقدت للشاعر "أمير الشعراء" أحمد شوقي بيك، رحمه الله يوم تم هذا الأمر، إنما كان على أساس منجز هذا الرجل بما قدّم لشعر العربية، ولم يكن على أساس درجة الاستخفاف التي وصلت إليها هذه المبثة وغيرها، في تناول الشأن العربي العام، والمثال هنا بضعة أبيات أو بضعة قصائد تقدّم! ، إن هذا يناقض جوهر ما استقدم من فكرة تمنح على أساسها، عملية تمييز وتمايز، وهو يشي بأن الفكرة كلُّها لا تعدو نسخاً لما جاورها، مثل هدّاف الدورة عند من يهزُّ القدمين، وملكة "الجمال" التي تهزُّ أشياء أخرى، وغداً لن نستبعد مماثلات أخرى، مثلم "ملك الشاورما" على أساس إنجاز مشطور ما، أو "أمير الجنس " على أساس القطعة ولم لا طالما هكذا الإمعان في اللامنطق هو ديدن ما يغشى الحالة!

السبب السادس:- أن التسمية ومحيطها التاريخي وما حولها تذهب في القيمة الثقافية، وزاويتها هذه لا يمتلكها أحد على الإطلاق، فهي عملية متوارثة وتخص الأجيال الثقافية والفكرية والأنساق المرتبطة بها، وبالتالي فهي ليست قابلة للتصرّف من قبل الأفراد والمؤسسات، إنها أشبه ما يكون بالوصايا والعهود والذمم!

لا يخفى أن هناك الكثير ليقال، ونحن نكتفي اليوم بهذا، ونأمل أن تستجيب هذه الفضائية إن كانت تريد خير هذا الذي تقول عنه، والمسميات متوفرة وبكثرة، ولن يضيق المعجم عن تسمية تدعنا نحاكم هذه التجربة، فننصف ما قدّمت من خير، ونؤشّر على ما يكون قد وقع من قصور، ولكن والحالة هذه فنحن نصطدم بالتسمية ابتداءً لا يسعنا إلا اتهام الحالة كلِّها.

أسجّل باسمي أولا اعتراضي على هذا الأمر، فهذا أمر يعنيني مثلما يعني كل شاعر عربي، وأدعو إلى إحالة ذلك أولا إلى الشعراء العرب فهم وحدهم أصحاب الحق، في القول من الجيل القائم، وليس عندي من إضافة سوى، أن أدعو فضائية "أبو ظبي " إلى الاستجابة، فالعودة عن الخطأ فضيلة لا يحسنها إلا أصحاب الفضل ، فهل أنتم منهم ؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى