الأحد ٢١ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

اعتذار

علي إسماعيل أحمد السليمان

ما عادتْ ترعبُني جثثُ الكلماتْ
صهيلُ الحرفِ النازفِ سُكراً في كَبِديْ
أنواءُ الغمرِ, لجُجُ الخيباتْ
أكمّةُ الوجعِ, أنشودةُ الغرقى, وشايةُ الريحِ للعوسجِ المأفونِ, هزيعُ النرجسِ المسحورِ بشبقِ الذِكرياتْ
نواحُ الفجرِ إذْ يصلى قنديلَ ورسٍ محنّى بسفاحِ القبلاتْ
نمارقُ الوَسْنى, بيارقُ الكُماةِ الفاتحينْ
طيورُ الطينِ إذْ تجلوْ – بينَ الجَحْفلينِ – قذى قلبي بأغنيةٍ مُحنَّطةٍ بمحبرةٍ معلّقةٍ على أستارِ تيهٍ ساهمٍ يرنو إلى لا شيء يمرحُ في نهر ِ الزمانْ
حاءُ الحقيقةِ, فاءُ الفضيلة, قافُ الحقيقة, وما بين حاءٍ وقافٍ قُبلةٌ عذراءْ, ترنو إليَّ ذاتَ مساءْ, خلفَ الريحِ والأنواءْ
مراثي اللغاتِ, وموتُ الأبجديةِ الأولى في حناجرِ الشعراءِ, مذْ غادروا الراحَ والريحانَ, وقاسموا ذئابَ البرِّ زادهَمُ- إذا جاعا - على ضوءِ نارٍ مرةً, ودخانْ
تناهتْ إلى سمعي كِذبةٌ ضيْزى
تلكَ الوصايا لم تنلْها وشايةُ الموتى بليلٍ سرمدي الخُطى, وئيدٍ كخطوِ النعامْ
ليسَ للحقيقةِ فمٌ باسمٌ عنْ عُهرِ البلاغةِ, والرياءْ
للحقيقةِ عقلٌ, ويدٌ, ومديةٌ حمقاءْ
تمزقُّ بلا قلبٍ أشلاءَ أوهامي, وتضرمُ التاريخَ أُحجيةً حمراءَ, تحوكُ بمغزلها أكاليلَ نصرٍ, و وردَ شتاءْ
تُجندلُني قتيلاً في فلاةِ أحلاميْ, لأُقلّبَ جُثتي ذاتَ اليمينِ, وذاتَ الشمالِ, وأنا في فجوةٍ من كهفِ ذاكرتي, يُكفنُنيْ الصدأُ اللئيمُ بمئزرِهِ, لأسيرَ ميتاً في مَفَازتِهِ, ويُولمُ جنازةً كُبرى لهذيانيْ
هذا البحرُ يزهرُ غسقاً سرمدياً مرصوداً لسنابلِ القسماتْ
أ لئِنْ أُشهدتُ خلقَ العسجدِ الشمسيِ في منقارِ قُبّرة تُصليْ:
صلاةَ الغائبِ المنبوذْ
أَ أَختالُ في صلفٍ, فوقَ مقابرِ الحَبقِ الشجيِّ, وأرتّلُ حيلَ التأويلِ أسفاراً للكبرياءْ؟!
إِذْ انبعثتُ بطغوايَ لأوقظَ الموتى, حولَ الجآجئِ الجذلى, وأُناجي عواءَ الليلِ بصوتِ نشيديَ الرعوي:
السابقونْ السابقونْ, الغارقونْ الغارقونْ ..
فخانَتنيْ الفصاحةُ, والمروءةُ لمّا أشرقَ الدبرانُ مُمْتَقِعاً بأوْردتيْ, ومسْني طيفُ نهارْ
ثيّباتٌ كلُّ الكلماتْ
فُضّتْ بُكارتُها على عجلٍ قبيلَ التيهِ والأنواءْ
سُفِحتْ دماؤُها على نطعِ الخرافةِ ذاتَ خواءْ
إنْ أتاني الليلُ مُلثّماً غبَّ ليلٍ سادرٍ وشكى إليَّ إفكَ نجومهِ, وغُصنا معاً في حِندسِ العدمِ السرمدي المُخلّدِ في العذابْ
هلْ أجوزُ البحرَ سابحاً كعفريتٍ من الجنِّ, أمْ ألهو كطفلٍ حالمٍ يعدو خلفَ إبريقِ السرابْ؟!
لَبيكُمُ لبيكُمُ
أنا فارسُ الطلعةِ الحزينةْ
منْ ورقِ الإسمنتِ والسكر المغليِّ خلقتنيْ ساحرةٌ لئيمةْ
لمّا أزبَدَ الحليبُ في عينها اليُسرى, ونفضتْ عني غبارَ الهزيمةْ
ستجوبُ البحرَ أُغنيتي لتدرأَ عنكمُ نُذُرَ الضغينةْ
لا تستعجلوا طقوسَ الغيابْ
أنا وترٌ مشدودٌ إلى السحابْ
فاضربونيْ وانتشوا رقصاً فوقَ الحَبابْ
تمليتُ في قسماتكم دهر الغيابْ
لم كلُّ هذا الحيادْ؟!
قولوا
اصرخوا
افرحوا
احزنوا
اهدموا بيتيْ
اصفعوا وجهيَ بحبابِ الماءْ
زلزلوا الأرضَ
انثروا القمحَ لتشبعَ العصافيرُ غناءْ
اقطعوا تينتي الحمقاءْ
لا تدفعوا الجزيةَ عن يدٍ, وأنتم صاغرونْ
لتكشفَ السماءُ صدرها عن الطعنةِ النجلاءْ
سأغادرُ بعدَ رصاصتينِ إلى محرابِ جنونيْ
فقد عزَّ اللقاءْ
لم يبقَ لي من زُخرفِ الدنيا سوى هذا القلبِ الأثيمِ المعفّرِ بالجوى والخواءْ
فادخلوهُ بسلامٍ آمنينْ

علي إسماعيل أحمد السليمان

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى