الخميس ١ أيار (مايو) ٢٠٠٨
يوم دراسي في أكاديمية القاسمي
بقلم فاروق مواسي

الأدب الفلسطيني قضايـــا ومزايـــا

* الأدب المحلي نموذجًا

عقد يوم 30 نيسان 2008 يوم دراسي مميز بمشاركة بعض الأدباء المحليين ، وقد أدارت عرافة اليوم الطالبة مروة أشقر، فعقدت الجلسة الأولى تحت عنوان " السرد الغنائي والمسرحي " بإدارة د. نادر مصاروة، فتحدث د. جريس خوري عن عناصر القص الشعبي في شعر توفيق زياد، كما تحدث د. فاروق مواسي عن مسرحية " نشيج السبحات " لعائدة نصر الله ومأساة المرأة العربية. ثم تحدث د. ياسين كتاني عن تعدد اللغات وتناوبها في رواية سحر خليفة، واختتمت الجلسة الأولى بقراءات شعرية للشاعر حسين مهنا، وبأسئلة الطلاب والضيوف، حيث أجاب عنها المحاضرون.

وفي الجلسة الثانية التي أدارها أ. أحمد إغبارية تحت عنوان " الواقع والشعر " تحدث
د. باسيلا بواردي عن الأيدلوجي والسياسي في الشعر العربي في إسرائيل، تلاه أ. جميل كتاني فتحدث عن مفهوم أدب المقاومة. ثم قرأ الشاعر مروان مخول بعض قصائده . وفتح المجال مرة أخرى للنقاش.

ويُذكر أنه أقيم معرض للكتاب على هامش المؤتمر، كما صدرت مجلة " رواد الضاد وما يسطرون " التي قام بتحريرها طلاب الكلية وبعض المحاضرين فيها.

ويأتي هذا النشاط بالتعاون بين قسم اللغة العربية الذي يرأسه د. فاروق مواسي، وبين مركز اللغة العربية برئاسة د. ياسين كتاني، حيث نشرت ملخصات الدراسات في كراس خاص وزع على الحاضرين.

وإليكم ملخصًا لمحاضرات المؤتمر :

"نشيج السبحات" لعائدة نصر الله، ومأساة المرأة العربية

د. فاروق مواسي

تتركز الدراسة حول نص يتحدث عن أربع ضحايا قتلن بظروف متباينة، لكن سببًا واحدًا يجمعهن وهو الحلم، فباسمه قتلن، ومن أجله كن ضحايا. من هنا، فقد حضرن إلى المسرح / المسرحية ليــنــتــقــمــن .

عائدة نصر الله كاتبة هذا النص المدهش تقدم لنا حوارات شعرية مكثفة ، وتصاحبنا في إرشاداتها للمسرحة أو في توصيفاتها البصرية ، فهي تقرر طبيعة الضوء واللون والصوت والحركة وإيقاعات الناس، وهي تؤدي ذلك ببراعة الإحساس الصادق والفنانة المتماثلة مع روح نصها. وقد يتسم، بل يتسم الإيقاع بجرأة جنسية أحيانًا هي موظفة فنيًا وماتعة معًا ؛ وليس أدل على ذلك من مشهد العجن الذي يوحي بحركية فعّالة .

تملك الكاتبة جرأة في أن تضع إصبعها على جروح المرأة المضطهدة ،فتجعل فاطمة والساذجة والشاعرة والمكتئبة في أجواء نفسية كأنها من صميم المبدعة ، فتشارك النساء –الواحدة منهن الأخرى في مصيبتها، ولا تنسى أي منهن أن تروي لنا عبر الحوار حكاية ما جرى معها هي. وتتوتر اللغة تبعًا للموقف، فمع الشاعرة – خاصة - نطل على قصائد ولغة مميزة استعارية، ومع ذلك فإن درجة حرارة الكلمات لا تتضاءل في سائر الحواريات.

قليلة هي الأعمال الأدبية التي تعالج مثل هذه المعاناة ، فالمتلقي يعيد مسرحة النص في ذهنه ، ويتابع توصيفاته التصويرية، وتظل النساء الأربع يلاحقن بدمائهن وغضبهن وضعفهن، وبحركات المسرح التي اختارتها الكاتبة لهن.

هؤلاء النساء الأربع هن امرأة واحدة قتلها الحلم - كما تقتل الكلمة أحيانًا كاتبها -.

وما الجاروشة إلا تلك الدائرة والتكرار النمطي الذي تعاني منه المرأة الشرقية، بدليل السبحة بشكلها ودلالتها المعنوية، وهي مرجعية تراثية، لا تقصد الكاتبة فيها إلا توظيف الدين ( الشكلي منه ) قسرًا لحصر المرأة وحصارها. والسبحة هي حبات في عقد، فإذا انفرطت حبة سرعان ما تتبعثر الحبات ، ولن تلتئم...

عناصر القص الشعبي في شعر توفيق زياد


د. جريس نعيم خوري

أظهر زيّاد عناية خاصة بالأدب الشعبي على امتداد حياته الأدبية والدراسية، فاهتمّ بجمع التراث الشعبي الفلسطيني، وكان مولعا بشكل خاصّ بالغناء الشعبي والقصص الشعبية والأمثال. حتى أضحت هذه المواد جزءا لا يتجزأ من تكوينه الثقافي، يوظفها في معظم أشعاره بطرق مختلفة، تنمّ عن وعي تامّ. عنايته الكبيرة بالمواد الشعبية أثّرت في شعره بشكل واضح، إذ أصبحنا نشعر بنكهة هذه المواد في قصائده عامة، وإن لم يستعن بها استعانة صريحة أحيانا. وهو إلى درجة كبيرة من الانغماس في الحياة السياسية، والإيمان بالتراث الشعبي، والتمسك بتصوير الواقع تصويرا دقيقا، جعلت ظهور المواد الشعبية في شعره أمرا بديهيا، متسقا مع الجوّ العامّ في القصيدة، مضفيا على القصيدة مصداقية، وجاعلا إياها أكثر قربا من وجدان القارئ.

غير أن هذه العناية بالأدب الشعبي قد تبلغ أقصى مداها لديه فتنعكس سلبا على النص الشعري. ففي مجموعة من قصائده اعتمد زياد اعتمادا مطلقا على النص الشعبي، مما أفقد الشعر خصوصيته من ناحية، وأفقد النص الأصلي فاعليته وقدرته التعبيرية، من ناحية ثانية، وخير مثال على ذلك قصائده في ديوان أغنيات الثورة والغضب، وعلى رأسها: يا جمّال، حرام، وغيرها، ومعظمها لا يعدو أن يكون ترجمة فصيحة غير موفقة للأغاني الشعبية.

أجاد زياد استخدام تقنيات القص في شعره، ويمتاز هذا القص في معظم قصائده باعتماده الأسلوب الشعبي في توظيف تقنية الراوي، وتطعيم النصّ بالعبارات الشعبية والأمثال السائرة، واستخدام المبالغة والأوصاف بخيالها الشعبي، وتحويل البطل إلى بطل شعبي، يسعى في صالح جمهور واسع من الناس؛ وهي سمات في جوهر القصّ الشعبي.

ولعلّ أفضل مثال على هذا الدمج بين الشعبي والرسمي، النثري والشعري، العامي والفصيح قصيدته: "سرحان والماسورة" من مجموعته أغنيات الثورة والغضب (1970). وهي قصيدة مثيرة بسبب بنائها أولا، وعباراتها الهجينة اللغة ثانيا، وتوفرها على معظم عناصر القص الشعبي، مما يؤهلها أن تكون أفضل نموذج للتلاقح بين القص الشعبي والشعر الرسمي. فقد بدأ الشاعر قصيدته بمقدمة أوضح من خلالها أنه إنما يروي قصة بطل شعبي يدعى سرحان، وأنه سيحاول توظيف سمات القصة الشعبية في نقله الشعري لهذه القصة. مما يوضح لنا منذ البداية أنّ تشعير السرد في هذه القصيدة إنما جاء عن وعي وسابق إصرار، ونتيجة اطلاع الشاعر على أساليب القص الشعبي واهتمامه به.

القارئ لهذه القصيدة سيشعر أنه أمام نص هجين، ليس شعرا محضا، وليس قصا خالصا، بل هو ما بين بين: جنس أدبي فرعي يجمع بين سمات القص والشعر، والشعبية والرسمية. ولعلّ هذه المعادلة هي أذكى المعادلات في الحفاظ على رونق الشعر، وتوسيع دائرة قرائه، وذلك عن طريق خلق جسور من التواصل والألفة بينه وبينهم.

الترانسيندنتالي يتسلّق على أكتاف الواقع:

تجاور اللغات في رواية سحر خليفة

د. ياسين كتاني

تتجاور في رواية سحر خليفة لغات، تشكّل لغة السرد الفصحى المعياريّة فيها الخلفيّة التي تبرز الانحراف الجمالي المتعمّد للّغة الشعريّة من جهة ولغة الواقع المعيش من جهة ثانية.

وإذا كانت اللغة المعياريّة ومن ثمّ اللغة العاميّة فعاميّة المثقّفين تهدف إلى التوصيل والى الإيهام بالواقع ومعايشته، فإنّ هذا التوصيل يتقهقر إلى الوراء في اللغة الشعريّة؛ لأنّ اللغة الشعريّة أساساً لا تهدف إلى التوصيل وإنّما هي معنيّة في الأساس بإبراز العناصر الجماليّة.

إنّ العناصر الجماليّة التي تتضمّنها اللغة الشعريّة في رواية سحر خليفة تسهم في التسلّق على أكتاف الواقع الثقيل الوطء لبعض الوقت كملاذ من دوّاميّة الأحداث المتلاحقة، بمثابة "فاصل ترفيهي في التراجيديا الشكسبيريّة.

تتوازى إذن الرغبة في الابتعاد ولو قليلاً عن تيار الأحداث المتلاحقة والدمويّة أحياناً التي تجسّدها لغة الحياة- مع لغة الشعر بوصفه أكثر الأشكال الأدبيّة هروباً وبعداً عن لغة الواقع.

في مستوى آخر يعتبر هذا التجاور والتناوب في اللغات في رواية سحر خليفة بمثابة المثال الترانسيندنتالي كبديل للواقع الأرضي البائس والمملول سواء على مستوى السياسة والاحتلال أم على مستوى المرأة المسحوقة الممتهنة في مجتمع ظالم.

"ثوريّة الشعر الفلسطيني المقاوم بين القبول والرفض"

أ. جميل كتاني

استحوذ الشعر الفلسطيني المقاوم على قسط وافر من النقد بسبب الدور الخاص الذي لعبه في الدفاع عن القضية الفلسطينية. اعتبر النقاد أنّ خصوصية هذا الشعر نابعة من الظروف السياسية التي أحاطت به، لذلك، تعاملوا مع الشعراء الفلسطينيين باعتبارهم جنودا يقفون في ساحة المعركة للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، والتنديد، من خلال الكلمة، بممارسات السلطة السياسية في سعيها لقمع الأقلية الفلسطينية ومحاولة ترحيلها من وطنها. هذا الحماس المفرط من قبل النقاد تجاه الشعر الفلسطيني جعلهم، في كثير من الأحيان، يغضّون الطرف عن الوسائل الفنية والجمالية لهذا الشعر، الأمر الذي حدا ببعض النقاد، على رأسهم أدونيس وأفنان القاسم، يشككون بثوريّة هذا الشعر، وبقدرته على إحداث التغيير المنشود. فأدونيس، في كتابه زمن الشعر، يضع شروطا ومعايير محددة لثوريّة الشعر، تتعلق أساسا بثورة اللغة. لذلك، فهو ينزع عن الشعر الفلسطيني صفة الثورية. أما الناقد أفنان القسم فيتهمه بأنه "أدب سلطة" (كتابات معاصرة، مجلد 5، عدد 19، 1993، ص42-46)، وذلك بسبب رتابته ونمطيته، وبأنه لم يعد صالحا ومواكبا للتغيرات والمستجدات. إضافة لهذين الناقدين ثمة آراء أخرى تعاملت مع الشعر الفلسطيني بنوع من التحفظ أو الموضوعية، دون مغالاة أو حماس زائدين.

لذلك ستقوم المحاضرة باستعراض أهم الآراء والتوجهات النقدية حول الشعر الفلسطيني المقاوم، وستتركز في النقاط الآتية:

* لمحة تاريخية حول الظروف السياسية التي واكبت الشعر الفلسطيني المقاوم.
* دور النقد العربي في الترويج لهذا الشعر.
* موقف الشعراء أنفسهم تجاه هذا الترويج (تأييد توفيق زياد لهذا الإطراء مقابل معارضة محمود درويش في العديد من المقالات والمقابلات، لا سيما مقاله الشهير "أنقذونا من هذا الحب القاسي").
* موقف المعارضين له مثل: أفنان القاسم وأدونيس، وغيرهما من النقاد الذين لم يلحقوا بركب النقاد المتحمسين والمدافعين عن الشعرالفلسطيني المقاوم، وفحص التوجهات والمنطلقات النقدية لدى كلٍّ منهم.

بين الأيديولوجي والسياسي في الشعر العربي الفلسطيني في إسرائيل

د. باسيليوس بواردي

يقوم النص الشعري الفلسطيني في إسرائيل، على توليف العناصر الخارج نصية وصهرها ضمن منظومة لسانية خاصة، تخوّله الوقوف على دقائق الوجود لأقلية لسانية وقومية، تعبّر عن ذاتها بأدوات تعبيرية خارجة على الأطر المفروضة عليها. على أن هذه المقولة لا تنسحب على جميع النصوص الشعرية المتواجدة في المخزون الرحب لشعر هذه الأقلية. وعليه، تسعى هذه المقاربة إلى تبيان الفرق بين الشعر الأيديولوجي والسياسي في أدب الأقلية الفلسطينية في إسرائيل وإيضاح ما نتج عن الارتباط العضوي لهذا الشعر مع الخارج نصي الأيديولوجي والسياسي، من أساليب شكلية وتعبيرية على مستوى الدال والمدلول. تتعقب هذه الدراسة، فيما تتعقب، نصوصا شعرية متعددة مثل فترات عديدة، وتشير إلى محاولات شعرية مختلفة وتؤرخ للعملية الشعرية الفلسطينية، من حيث التعامل الإشكالي والمزدوج للخارج نصي؛ الخارج نص كأداة تحرّر والخارج نصي كالإطار لتبعية تعبيرية عمياء.

* الأدب المحلي نموذجًا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى