الحرية لمجدى حسين
حكمت المحكمة العسكرية بمدينة الإسماعيلية يوم الأربعاء 11 فبراير الجاري بالسجن عامين مع الشغل والنفاذ على ، الكاتب الصحفي المعروف، والمناضل الوطني، ورئيس تحرير جريدة الشعب التي أغلقتها الحكومة، وأمين عام حزب العمل الذي جمدته الحكومة، وأحد أعلام مسيرات التضامن مع العراق وفلسطين، والمقاتل الصلب الذي لم يكف عن الجهر بموقفه من النظام السياسي المصري، مما عرضه مرات عديدة للاعتقال كان آخرها في يونيو الماضي لمساهمته في يوم العصيان المدني من أجل الإصلاح السياسي. والحكم بالسجن عامين مع الشغل والنفاذ على مجدي أحمد حسين وتغريمه خمسة آلآف جنيه يثبت مرة أخرى أوهام الديمقراطية المصرية وأكاذيبها حين يتصل الأمر بـأي معارضة ذات شأن تتخطى شكل المعارضة اللفظية والصحفية إلي حركة فعلية من أي نوع. التهمة التي استحق عنها مجدي حسين حكم المحكمة العسكرية هي قيامه بزيارة غزة.
بينما يلقى من يترددون على تل أبيب من كتاب وسياسيين ورسامي كاريكاتير كل تكريم وتقدير ويشار إليهم على أنهم صناع (سلام)، سلام كهذا الذي شهدنا جحيمه مؤخرا في حرب النازية الإسرائيلية على غزة. تهمة مجدي حسين بعبارة قانونية أدق هي (عبور الحدود المصرية إلي قطاع غزة دون إذن من السلطات الرسمية)! وهكذا فإن عبور مجدي حسين إلي غزة دون إذن جريمة، أما عبور إسرائيل إلي رفح المصرية بطائراتها وقصفها بيوتها وأهلها دون إذن، فإنه (موضوع سياسي) تحله دبلوماسية أبو الغيط دون حاجة لمحكمة مدنية أوعسكرية.
لهذا ألقت السلطات المصرية بهمتها المعروفة القبض على مجدي حسين يوم السبت 31 يناير الماضي عند عودته من غزة عبر معبر رفح بعد أسبوع قضاه في القطاع المحاصر، وبالهمة ذاتها رحلته إلي سجن العريش المركزي، ثم أحالته وهو مواطن مدني إلي المحكمة العسكرية في مدينة الإسماعيلية يوم الخميس الماضي.
ووفق أقوال المقربين من مجدي حسين فقد رفضت المحكمة دخول هيئة الدفاع عنه. وكانت المحاكم العسكرية التي أصدرت حكمها الجائر على مجدي حسين قد أنشئت في مصر بمقتضى قانون الأحكام العسكرية ( القانون رقم 25 للعام 1966 )، وقد أدخلت تعديلات على القانون عام 2007 لكنها لم تتعرض للبنود التي تسمح بمحاكمة مدنيين أمام محاكم عسكرية. وقانونا – إن كان هناك قانون – فإن تلك المحاكم تبت فقط في الجرائم ذات الطبيعة العسكرية التي يرتكبها موظفون عسكريون، ومن ثم لا يجوز بحال من الأحول محاكمة مجدي حسين أو أي مواطن مدني أمام تلك المحاكم. لكن المادة 179 المعدَّلة تسمح للرئيس بتجاوز المحاكم العادية وإحالة الأشخاص المشتبه بهم في جرائم تتصل بالإرهاب إلى أي سلطة قضائية يشاء، بما في ذلك تلك المحاكم سيئة الصيت. وقد عارض المثقفون طويلا ومازالوا إحالة المدنيين لتلك المحاكم لأنها لا توفر أي ضمانات لمحاكمات عادلة، وتهدر حق المتهمين في إعداد دفاعاتهم، وتهدر حق الدفاع في الإطلاع على ملفات القضية ومقابلة موكله على انفراد، وغير ذلك.
إن الحكم الجائر الذي صدر في حق مجدي أحمد حسين هو حلقة أخرى في مسلسل تعرية الديمقراطية المهلهلة التي يدعيها النظام المصري ويحشد خلفها كل أكاذيبه بأقلام كتابه في أجهزته الإعلاميه. وهو حلقة أخرى في تعرية الموقف الحقيقي للنظام من القضية الفلسطينية، وتعرية أخرى لموقفه ممن يدعمون المقاومة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
لقد آن الأوان للكف عن إحالة المدنيين إلي المحاكم العسكرية، وطي تلك الصفحة السوداء، ورفع القيود عن الأحزاب السياسية، والمظاهرات، ومختلف أشكال التعبير الحر، والإفراج عن كل المعتقلين السياسيين. من أجل هذه المطالب يدفع مجدي أحمد حسين عامين من عمره داخل السجون مع زملائه الآخرين، ومن أجلها نقول الحرية لمجدي أحمد حسين وزملائه، الحرية لكل كلمة شريفة خارج الأسوار وخلفها.
***
أحمد الخميسي. كاتب مصري
Ahmad_alkhamisi@yahoo.com