السبت ١٣ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

الحُلْمُ الدَّفِين

عبد الله تواتي

تُقْتُ أزُورُها
تَرَجَّيْتُ السِّنِينْ ...
شَاءَتْ لِيَ الأقْدارُ
بعد زَمانٍ فَات مِنْ عُمْرِي انْقَضَى
أنَفِّذُ الحُلْمَ الدَّفِينْ
لَمْلَمْتُ أَشْيَائي يُخَامِرُنِي السُّرُورُ
في كُلِّ حَدِيثٍ يَعْتَلِي وَجْهِي يَبِينْ
أسْتَحْضِرُ الحُلْمَ أُعَاوِدُهُ
كَمْ طَالَ يَأْتِي مِثْلَ فَجْرٍ بَعْدَ لَيْلٍ
أوْ كَمَا نَصْرٍ مُبِينْ
وَلِجْتُ ضَوْضَاءَ المَطَارِ
أُفَتِّشُ في الأسماءِ تَبْدُو
تَسْتَبِينْ ...
بَدَا اسْمُها
لَوَّحَ في وَهَجٍ لِلْعَالَمِينْ
حَفِلْتُ أنْتَشِي بِهِ
أخُوضُ بَحْرَ الهائمِينْ ...
سَافَرْتُ في الأجْوَاءِ مُغْتَبِطًا
لا أغْفَلُ السَّاعَةَ
أُبْصِرُها في كُلِّ حِينْ
فَاحَتْ كَما العِطْرِ نَسَائمُها
وَنَزَلْنا في ازْدِهاءٍ آمِنِينْ
خَطَوْتُ مُبْتِسِمًا
وارْتَسَمَ الذي دَرَسْتُ يُذَكِّرُني
طَوَّفْتُ مُبْتَهِجا
قَابَلَنِي النِّيلُ يُهَلِّلُ يَحْضُنُنِي
أَجَّجَ يا وَلَهِي نارًا لِلْهَوَى
سَرَتْ تُثِيرُ وَتُلْهِبُنِي
لاَحَتْ قَصَائِدُ شَوْقِي تَتَهَادَى كالعَرَائِسِ
تَهْتِفُ بالتَّرْحَابِ تَغْمُرُني
دَنَوْتُ مُغْرَمًا أرَى مَهْدَ الحَضَارَاتِ
مَضَيْتُ أسِيحُ في جَوَانِبِها
أطَلَّتِ الأهْرامُ تُبْهِرُنِي
سَمِعْتُ صَوْتًا هاتِفًا
عَرَفْتُ صَوْتَ كَوْكَبِ الشَّرْقِ
تَجَاوَبَ يُسْمِعُني ...
يَا مِصْرُ جِئْتُكِ عَاشِقًا
أُغَنِّي في فَيَافِيكِ ...
يُطْرِبُنِي لَحْنُ عَمالِقَةٍ
عَاشُوا هُنا فِيكِ
أهْمُسُ في هَمْسٍ
أناجِيكِ :
أحِبُّكِ العُمْرَ
أُعَادِي مَنْ يُعادِيكِ ...
يَا قِبْلَةَ الفَنِّ سَرَى في النَّفْسِ هَذَّبَهَا
يَا نَهْجَ دِينٍ عالَجَ الآرَاءَ صَوَّبَها
مَالَكِ في أوْطَانِنا شَبَهٌ
سَألْتُ مَنْ خَبِرَ الدُّنْيَا وَجَرَّبَها
أسْمَوْكِ مُذْ جِئْتِ الدُّنا : أُمَّ الدُّنا
رَدَدْتُهُ مُنْذُ الصِّبَا
أحْسَسْتُهُ
رَأيْتُهُ لَمَّا أتَيْتُكِ هَاهُنا
جُبْتُ المَعَالِمَ زَاهِيًا
أزِيلُ بَعْضَ أشْجَانِي
أغُوصُ في أدَبٍ تَرَبَّعَ الدَّهْرَ هُنا
يُمْتِعُنِي سِحْرُ البَيَانِ
ألْهُو كَما الأطْفَالِ في شَمِّ النّسِيمِ
أسِيرُ آمِنًا
أشْدُو كَطَيْرٍ بَيْنَ أفْنَانِ :
هذا الهَوَى أهْوَى وَيَهْوَاني
ما انتابني سَأمٌ ولا مَلَلٌ
لا شَيْءَ أعْيَاني
بَسَمَاتٌ تَعْتَلِي
" أهْلاً " تُدَاعِبُنِي في كُلِّ آنِ ..
يَا رَحْمَةَ الرَّبِّ سَرَتْ
كَيْفَ أرُدُّ جَمِيلاً بَاتَ يُبْهِجُني
سَباني ...؟
وَاظَبْتُ أرْعَى رِحْلَتِي
أُمْعِنُ في الآثار
كَمْ تَنوّعَتْ بِلا انْتِهَاءِ
زَيْنَبُ والحُسَيْنُ زُرْتُهما
والأزهرُ الشَّرِيفُ جُلْتُ في مناكِبِهِ
كَمْ طابَتِ النَّفْسُ تَزِيدُ مِنَ الصَّفَاءِ
وَاصَلْتُ أمْشِي في الأمَاكِنِ سَاحِرَةً
أتأمَّلُ في انْتِشَاءِ ...
قَضَيْتُ أيَّامًا غَدَتْ في الذِّكْرَيَاتِ رَسَتْ
رَسَخَتْ في القلْبِ
كَمْ حَثَّتْ على البَقَاءِ ...
أبْصَرْتُ مِصْرَ تَشُدُّنِي
تَبَدَّتْ في بَهاءِ ...
عانَقْتُها
وَدَّعْتُها أبْكِي
أُفَكِّرُ في اللِّقَاءِ ...

عبد الله تواتي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى