السبت ١٣ نيسان (أبريل) ٢٠٢٤

الخَمَاسِيْنُ

عادل حماد سليم حماد

قَالَ: كُنْ عادلًا
قُلْتُ: كُنْ مُنْصِفًا
أَيُّهَا الزَّمَنُ الأَمْلَسُ
لَيْلَةُ الْعُرْسِ أفْسَدَها
سَارِقُ الْفَرْحِ والمُطْرِبُ الأَخْرَسُ
هَبَّتِ الرِّيْحُ خَمْسِيْنَ سَحْلًا حُسُومًا
عَلَى الطِّفْلِ وَهْوَ يَنْتَعِلُ الشَّوْكَ
يَمْشِي عَلَى حَافَّةِ القَبْرِ
مَعَ المَوتِ يَلْعَبُ ( الاسْتُغُمَّايَة )
أَفْلَتَ مِنْهُ كَثِيْرًا
وَقَدْ وصَلَ الخَمْسِيْنَ
ــ مَرْحَلَةَ الكَهْلِ ــ
والكَهْلُ لا يسْتَطِيْعُ الصُّمُودَ طَويلا !!
لُعَبُ الأَطْفَالِ
تَقولُ: كَبِرْتَ ... فَلا تَشْتَريني
أقولُ لها: عُمْرِي
عَلَى هَذِهِ الأَرْضِ خَمْسُ ثَوانٍ
لِمَاذَا تَخَافِيْنَ مِنِّي ؟!!
.................
سَمْتُ تِمْثالِها بِمَلاءَتِهَا تَجْرِيْدِيٌّ
الخَمَاسِيْنُ مَنْحُوْتَةُ الصَّخْرِ
مُمْتَلِئَةٌ بِالفَرَاغِ
أَمِ امْرَأَةٌ ذَاتَ جِسْمٍ سَمِيْنٍ ؟!!
ـــ كَالَّتِي يَعْشَقُهَا العَرَبِيُّ ـــ
*" مُخْتَارُ " يَصْقُلُهَا بِالغُمُوْضِ
..................
أَنَا ابْنُ الرَّبِيْعِ الَّذِي
يَومَ عِيْدِي أَتَى أَشْعَثًا أغْبَرا
أَغْلِقِي الْبَابَ جَيِّدًا
فَالْمَدَى مُتْرَعٌ بِالْغُبَارِ
وَلا سِوَى الرَّمْلِ يَهْمِي
عَلَى الأَوْجُهِ السَّافِرَةْ
سَوف آوِي إِلَى جَبَلِ الشِّعْرِ
يَعْصِمُنِي مِنَ الصَّمْتِ والثَّرْثَرَةْ
.....................
الخَمَاسِيْنُ بِنْتُ الجَحِيْمِ
ذِرَاعُ الخَرِيْفِ
لِتَعْكِيْرِ صَفْـوِ الرَّبِيْعِ
مِنَ الغَرْبِ تَأَتِي
وَأَنَا مَوْطِنِي
ـــ غَرْبُ يَمٍّ شَحِيْحٍ ـــ
إِذَنْ نَحْنُ أَبْنَاءُ مَنْطِقَةٍ
يَـا خَمَاسِيْنُ: خَفِّفِي الْوَطْءَ
إنَّ فَوْقَ التُّرَابِ هَشِيْمٌ يَتِيْمٌ
البَيَاضُ الَّذِي يُشْعِلُ الرَّأْسَ
لا تَقُولِي
ــ كَمَا قِيْلَ فِي حِكْمَةِ البُلَهَاءِ ــ
هُوَ الوَقَارُ ... الآنَ بِتُّ أَكْرَهُهُ
...................
جَالِسًا أَمَامِي
سَبْعَةٌ وَخَمْسُوْنَ عَامًا
كَانَ يُحَدِّثُنِي عَنْ غَدٍ
بَعْدَ سِنِّ التَّقَاعُدِ مَاذَا سَيَفْعَلُ ...؟!
فَجْأَةً ... أَطْلَقَتْ
سَيَّارَةُ الإِسْعَافِ صَرْخَتَهَا
فِيْ طَرِيْقِ الْمَقَابِرِ ضَلَّ الجَوَابُ
......................
* " الإِشَارَاتُ والتَّنْبِيْهَاتُ "
ــ الكِتَابُ الَّذِي كُنْتُ أَنْوِيْ قِرَاءَتَهُ قَبْلَ ضَعْفِ الْبَصَرْ ! ـــ
الْخَمَاسِيْنُ كَالْخَمْسِيْنَ
أَمْرَاضُهَا المُتَوَقَّعَةُ النَّشْرِ تُطْلِقُ صَافِرَاتِ النُّذُرْ
ضَغْطُ دَمٍ/ سِكَّرِيٌّ/ الْتِهَابُ المَفَاصِلِ/ أَزْمَةُ مُنْتَصِفِ العُمْرِ
ـــ للهِ دَرُّ مَنِ اخْتَرَعَ الفِيَاجْرا ـــ
......................
كَيْفَ لَمْ أَسْتَطِعْ
إِلَى الآنَ ضَبْطَ إِطَارِ انْفِعَالي ؟!!
وَفِي الأَرْبِعِيْنَ تعَلَّمْتُ فَنَّ الدَّهَاءِ
جَعَلْتُ ابْنَ العَاصِ يَخْلَعُ صَاحِبَهُ
وَأنا مَا خَلَعْتُ سِوَى جِلْبَابِ أَبِي
قَشَّرْتُ عَن جَسَدي ثَوْرَتَيْنِ
وَمَا مَسَّنِي مِنْ لُغُوْبٍ
كُنْتُ أَخُوْضُ المَعَارَكَ وَاحِدةً
تِلْوَ أُخْرَى وَأَخْرُجُ مُنْتَصِرًا
دُوْنَ أَنْ تَهْتَزَّ بِجِسْمِيَ شَعْرَةْ
لِمَاذَا الآنَ يُدَاهِمُنِي قَلَقٌ
وَكَأَنَّ قَنَابِلَ تَحْتَ سَرِيْرِي!
.......................
الْحَقِيْقَةُ غَارِقَةٌ فِي الْمَجَازِ
الشَّوَارِعُ مَبْحِرَةٌ فِي الْجَفَافِ
أُرِيْدُ اصْطِيادَ الْيَمَامْ
هَلْ يَلِيْقُ بِخَمْسِيْنِيٍّ حَديْثُ الغَرَامْ ؟!
.........................
وَلَدٌ وَاحِدٌ وكَفَى قَالَ لَهُ الرَّبُّ
قَالَ : الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ
وَرَاحَ يَبْحَثُ ـــ في السِّرِّ ـــ
عَنْ زَوْجَةٍ ثَانِيةٍ
كَيْ لا يَقُولُ الوَلَدُ الواحِدُ
بَعْدَ الرَّحِيْلِ المَكِيْدِ
* "لِمَاذَا تَرَكْتَ الحِصَانَ وَحِيْدًا "
......................
مُدْمِنُ النَّوْمِ مِلْءَ العُيُوْنِ
تَقَلَّبَ فِي اللَيْلِ مِن شِدَّةِ الأَرَقِ
زَوْجُهُ لا تُجِيْدُ الحِيَاكةَ
مَنْ ذَا الَّذِي
يُخْرِجُ الرَّوْحَ مِنْ هُوَّةِ المِزَقِ
ذَاتَ صَيْفٍ وَشَمْسُ الجَنُوْبِ
تَعَضُّ الجَبِيْنَ اسْتَقَرَّ عَلَى
أَنْ يَسْتَرِقَ السَّمْعَ لِلْكَائِنِ
تَحْتَ سَقْفِ الجُنُوْنِ
وَيَكْتُبُ شِعْرًا
يُعِيْدُ بِهِ دَوْرَةَ الْعُمْرِ لِلْبَدْءِ
حَتَّى يُغَيِّرَ تَارِيْخَ مِيْلادِهِ
وَعِنْوَانَ مَنْزِلِهِ فِي الفُصُوْلِ
وَيَخْلُقَ مِنْ لَظَى الْكَلِمَاتِ
فِرْدَوْسَهُ الأَبَدِيَّ عَلَى الوَرَقِ

*ــ " محمود مختار " صاحب تمثال الخماسين
*ــ " الإشارات والتنبيهات " ابن سينا
*ــ " لماذا تركت الحصان وحيدا " محمود درويش

عادل حماد سليم حماد

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى