الجمعة ١٤ آذار (مارس) ٢٠٠٨
بقلم محمد العناز

الهوى المصري في المخيلة المغربية

عن منشورات بلاغات بالقصرر الكبير صدرت دراسة جديدة للأكاديمي الناقد المغربي محمد مشبال بعنوان" الهوى المصري في المخيلة المغربية، قراءات في السرد المغربي الحديث" في طبعة أنيقة وجميلة تتصدرها لوحة "وجه مصري" من أعمال الفنان أحمد الراشدي وتقع في 179 صفحة من القطع المتوسط.

وتأتي هذه الدراسة بعد سلسلة من الجهود النقدية التي راكمتها دراسات عديدة للدكتور محمد مشبال:"مقولات بلاغية في تحليل الشعر"(1993)، و"بلاغة النادرة"(1997،2001،2007)،و"الصورة في الرواية"(1995) ترجمة،و"أسرار النقد الأدبي"(2002)، و"البلاغة والأصول"(2007).

كتاب "الهوى المصري" يدرس حضور مصر والمصريين في المخيلة الإبداعية المغربية من خلال محاورة نصوص سردية حديثة، إذ يتناول صورة المغربي المسكون بالهوى المصري في ثلاثة أعمال سردية مغربية تمثل أطوارا زمنية مختلفة لكتاب مغاربة ينتمون إلى مشارب ثقافية ومدارس إبداعية متمايزة؛ وهذا على درجة عالية من الأهمية لفهم تطور التاريخ المغربي المصري والشخصية المغربية والتحولات المصرية، والكتاب الثلاثة الذين اهتم كتاب "الهوى المصري" بدراسة أعمالهم هم عبد الكريم غلاب من خلال عمله"القاهرة تبوح بأسرارها" الذي يمثل صورة العلاقة الوجدانية التي تربط الإنسان المغربي بمصر والثقافة المصرية، و محكيات محمد برادة" مثل صيف لن يتكرر" التي تمثل تمظهرات هذه العلاقة في فترة الخمسينيات،ومحمد أنقار من خلال روايته" المصري" التي تصور فترة الستينيات وما بعدها.

وهكذا جاءت محاور الكتاب موزعة على العناوين الآتية: الحلم المشرقي، الهوى المصري والمغامرة السياسية، الهوى المصري والمغامرة الجنسية، الهوى المصري والمغامرة الروائية، وتعرفنا الفقرة المقتطفة من التقديم الموسوم ب" الهوى هوانا" للناقد المصري الدكتور سيد بحراوي، والمثبتة بعضها على ظهر الغلاف الأخير جملة من الإشكالات التي شغلت تفكير الناقد في هذا الكتاب فقد جاء فيها: أسعدني الكتاب لأنني وجدت فيه محمد مشبال- بعد انقطاع زاد عن العقد من الزمان- قد بلور طريقه النقدي بوضوح، بما يكاد يعلن مدرسة مغربية في النقد الأدبي، لها فرسانها: روادا وباحثين وطلابا رأيتهم بعيني في تطوان وانبهرت بنضجهم وثقافتهم.

تبلور هذه المدرسة تيارا من دراسات جديدة عن" الصورة " في النثر، وهي دراسات بدأها محمد أنقار ويواصلها ومعه آخرون وهي دراسات جديدة لأنها تخرج دراسة الصورة من إطارها البلاغي القديم سواء من مفهومها أو من مجالها: من الشعر إلى النثر. وهي بهذا تضيف الكثير إلى مناهج دراسة السرد. وهذا شديد الوضوح في صورة "الشخصية" الروائية في دراسة مشبال لأعمال كل من عبد الكريم غلاب ومحمد برادة ومحمد أنفار.

وهذا الاتجاه يؤكد جدية الدعوة التي أطلقها مشبال في كتاباته السابقة لأن يكون النقد قريبا من الأعمال الإبداعية، وأن يستفيد من القديم والحديث دون خضوع لأيهما، وأن يكون قادرا على التواصل مع القارئ أيضا. وهو اتجاه منهجي يسعدني لأنه يمثل طريقا صحيحا للخروج من أزمة النقد العربي الحديث الذي سبق لي وأن وصفته بالتبعية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى