السبت ٢٤ آذار (مارس) ٢٠١٢
بقلم محمود محمد أسد

بـين ظُلْمتيـن

حطَّ النهارُ رحالَهُ
فوق البلادِ الغافية.
طرق النوافذَ
حاورَ الأحياءَ والأمواتَ
لكنْ لم يجدْ مَنْ راقَبَه ..
من بعد ذلك جاءَهم في غفلةٍ
حملَ الضياءَ إلى سرابِ الحلمِ
ألْهَبَ كفَّهُ ،
فرأى الأغاني في الدروبِ تلاحقُهْ ..
وكذا الشعاراتُ الرصينةُ
في الزوايا والحواري تمضغُه ..
لم يقرأ الأسماءَ
لم يحفظْ عناوين الصحفْ
نسيَ المدارسَ والمعابدَ
ما تبقّى من حكايا أمِّهِ ..
كلُّ الذي في ذهنِهِ
أنَّ الزمانَ يخاتلُهْ ..
سَمِعَ الحجارةَ بل رآها
تجمعُ الأذكارَ والشطّارَ
تدعوهم ، وأذنُ القومِ عنها شارده ..
هي لفحةٌ مِنْ بعدها لم تبقَ فينا ذاكره ..
سنةٌ يشحُّ النفطُ فيها ، والمياهُ
إلى الضياعِ مهاجره.
سنةٌ مضَتْ ..
سنةٌ أتتْ . والحالُ سهمٌ
والحصارُ على النفوسِ الحائره ..
لم تنقطعْ قنواتُ شدوي
فالخصورُ عجينةٌ
والجالسونَ على الصدورِ فيالقٌ
وعلى البطالةِ دُرِّبوا ..
هي لحظةٌ سَلَبَ الزمانُ
قديمُهُ وحديثُهُ عبقَ الندى
من ثغرها
هي قصَّةٌ لا تشتهيها الأدمعُ ..
قد غُرِّبتْ فاستعذبَتْ
وجعَ الجفونِ
وقبَّلَتْ يدَ قاتلي ..
وأتى النهارُ محمَّلاً بالماءِ
والخيراتِ ،
جاءَ بمائِهِ ورياحِهِ وشموسِهِ ..
واللّيْلُ فينا رابضٌ مُتكبِّرُ ..
بينَ الدموعِ وبين أحلامي
يبثُّ مخافره ..
قد جاءَنا بعد الضحى ..
والرملُ يعبَثُ بالجيادِ
وخيلُنا في غرفةِ التبريدِ
نامَتْ . كبِّلَتْ برجالها ،
عقم الرجولةِ شاهرٌ إفلاسَهُ ،
جرِّدْ حُسامَكَ فالسفينةُ ثقّبَتْ
جرِّدْ غيابَك فالدروبُ توعَّكتْ
والسَّاهرون على العروشِ تغيَّبوا .
هُمْ في البلاهةِ والعقوق تصلَّبوا ..
جرِّدْ يراعَكَ فالمرافىءُ أغلقت
أحلامها واستعذبَتْ وأد الندى ..
والصَّمْتُ جيشٌ عاطِلٌ
والرابضون على المقابرِ
حزنهمْ مُتَرَهِّلُ ..
والزاحفاتُ إلى الموائدِ وجبةٌ ملغومة
سكنتْ جفونَ الذاكره .
أيقظْ بريقَ مشاعركْ
فالثلجُ غاب بياضُهُ
وتعطَّلَتْ لغةُ الهوى
في لجَّةِ الأشواقِ أمسَتْ مقبره .
اقرأ عليَّ بيانكمْ
واشهدْ بأنّي غاضِبٌ
أشهِدْ عليَّ رجالكمْ
قل للورى : إنَّ البيانَ معاندٌ لاينثني
واشهدْ بأنّي كافرٌ
بالأدعياءِ الأوصياءِ
وبالنخبْ ..
إنِّي فتحتُ حقائبي ودفاتري
منذا رآها تزهقُ ؟
لم يبقَ طيرٌ في الحدائقِ ، قد أتاها الأحمقُ ..
أشهِدْ علينا فالسماءُ تثاءَبَتْ
والأرضُ نامَ رجالها
والحربُ أزكتْ بُؤسَها
أين السؤالُ إذا أتانا
موكبُ الأحزانِ
يعزف للمُدى ؟ !
كيف الجوابُ ونارُ مَنْ حاوَرْتُهمْ
مدَّتْ إليَّ ظلامها وظلالها
راحَتْ تفتِّتُ باللَّظى
أخبارنا
هلاَّ قرأْتَ مواجعي
فاشهدْ أمامَ الربِّ
أنَّكَ قاتلي ..
فاشهدْ أمامَ الربِّ
أنّكَ قاتلي …

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى