الثلاثاء ٣١ أيار (مايو) ٢٠١١
بقلم
جدي يحكي لي تاريخا
يَحملُ مسبحةً في يدِهِوعباءتُهُ السّوداءْتسكنُهُ صبحَ مساءْالشّيبُ يلوّنُ بالإجلالِ .. مُحيّاهُما نالتْ منهُ صروفُ الدّهرِ ..ولا يوماًتَرحالُ الغربةِ أعياهُوأحدِّقُ فيهِأسافرُ في عينيهِأحطُّ على قمرينِ اتّشحا بالعلياءْوأتوقُ لأسمعَ منهُ ..جديدَ حكاياهُمن إلاّهُ .. من إلاّهُمن إلاّ جدّي يَحكي ليتاريخَ الدارْتاريخَ الأرضِ مسطّرةًبحروف ِ الرفضِ ..مجلّلةً بلهيبِ النارْبجراحٍ تمطرُ ليلَ نهارْعن فردوسٍ مفقودٍ ..حلَّ بهِ الأغرابْ ..لم أقرأهُم في أيِّ كتابْوأنا ما بين يديْ جدّييسكنُني رفضٌ وتَحدِّوأحدّقُ فيهِ .. أقرأُ في عينيهِآياتِ الإصرارْينسابُ على رئتيَّأريجُ البياراتِ ..نسيمُ البحرِ ..أحطُّ على رملِ الشُطآنِأعودُ إلى أحضانِ الدّارْجدّي لا ينسى .. يتذكّرْويقولُ بصوتٍ ..يشبهُ نبراتِ العسكرْكانتْ قريتُناغابةَ سروٍ وصنوبرْتبسطُ عندَ ضفافِ الحُبِّ ..جناحيهاتتوضّأُ بالمطرِ الأخضرْأنسامُ التلاّتِ الفيحاءِ ..تُصلّي بينَ ذراعيهاالشّمسُ تقبِّلُ كُلَّ صباحٍ خدّيهاالقمرُ العاشقُ ينزلُ ..آناءَ الّليلاتِ يناجيهايغرقُ في بحرِ دواليهاجدّي لا ينسى .. يتذكّرْالزّمنُ توقّفَ بينَ يديهْالصّورةُ ظلّتْ تسكنُ ..حتّى أوجِ الّلحظةِ ..في عينيهْوتفاجئُني حبّاتُ القهرِ ..تغادرُ قسراًمن عينيهِ إلى خدّيهْجدّي لا ينسى .. يتذكّرْغربانَ الّليلِ ..تجيءُ من الجهةِ الأخرىأسراباً أسراباً تَترىتفرغُ أحمالَ حقائبِهاناراً موتاً ..حقداً غدراتغتالُ الشّمسَ الضاحكةَ العينينِ ..تمزّقُ أحشاءَ القمرِ السّهرانِ ..على شُرفاتِ منازلِناوتسطّرُ بالدّمِ وجهَ لياليهاسطراً سطراًجدّي لا ينسى .. يتذكّرْالرّملةَ .. والّلدَّ .. ويافايتذكّرُ بيسانَ وحيفاالدّارَ هناكَ .. الأرضَ هناكْخلفَ الأسوارِ الشّائكةِ الأسلاكْوهنا المَنفىجُرحٌ مدرارٌ لا يَشفىيمطرُ نزفايورقُ جرحاًيزهرُ نزفاوتسيلُ على خدّيْ جدّيعبراتٌ غاضبةٌ حرّىويعربدُ بينَ جوارحِهِجرحُ الذّكرىوتعودُ لتضحكَ عيناهُ بِشراًويشيرُ بيمناهُفي هذا الصّندوقِ الخشبيمفتاحُ الدّارْقد أعطاني إيّاهُ أبيوشهادةَ ميلاديمكتوباً فيها تاريخُ بلاديوبأنّي فيهاكنتُ ولدتُ وأجداديهذا المفتاحُ لكمْ بعديهذا المفتاحُ لكمْ بعديهذا المفتاحُ هو الوَعدُ الموعودُلعلَّ أيادي أحفاديتصدقُ وَعدي