الاثنين ٢١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٨
بقلم جمال غلاب

حوار مع الأمين العام لأكاديمية المجتمع المدني الجزائري

أحمد شنة

الأكاديمية، وهي تتفاعل مع محيطها الوطني والعربي والأقليمي والدولي، تعمل باستمرار على تطوير وتحديث وسائل تحقيق أهدافها، حتى لا تكون بعزل عن الحركية الكبرى في مجال عمل منظمات المجتمع المدني في العالم، والتطورات المذهلة الحادثة في هذا المجال، ومن أبرز تلك الوسائل، إنشاء مؤسسات وهيئات ومنظمات متخصصة تابعة للاكاديمية، وتعمل في إستقلالية نسبية عنها، وفق أنظمة وبرامج عمل خاصة بها، ومن أمثلة ذلك، المرصد الجزائري للمرأة، المؤسسة الجزائرية لرجال الأعمال والاستثمار الإجتماعي،اللجنة الوطنية للصحة وحقوق المريض، اللجنة الوطنية لمساعدة المساجين، المؤسسة الجزائرية لمناهضة الفكر الإستعماري.

وأحمد شنة من نشطاء الحركة الإجتماعية والفكرية والثقافية في الجزائر
حاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الإنسانية، والعديد من الشهادات الجامعية في الإدارة والتسيير، والدبلوماسية
تقلد العديد من المناصب السامية في الدولة، وله إسهامات في تطوير التسيير الإداري في الإدارة المحلية.

يشغل منذ 30تموز يوليو 2002، إلى جانب مهامه الرسمية، منصب الأمين العام لأكاديمية المجتمع المدني الجزائري، وهي المنظمة المدنية غير الحكومية الأولى في الجزائر.

أصدر العديد من الكتب والدراسات في السياسية والإدارة والعلوم الإجتماعية، وله منشورات في الشعر، والدراسات النقدية المعاصرة.

من أهم مؤلفاته :

العاصفة الزرقاء تفاصيل حرب مدمرة أنتهت على طاولة مفاوضات جزائرية،
التسيير الإداري في الجزائر أزمة نصوص أم أزمة كفاءات،
مواطنون لا رعايا تطور المجتمع المدني في الجزائر،
الإرهاب آخر أسلحة اليهود ضد الإسلام،
الشيطان في عطلة مرضية،
مخالب الأنثى ومغارة الأمير من بطولات المرأة الجزائرية في مكافحة الارهاب،

ويعمل الآن مع فريق من النشطاء في قضايا المجتمع المدني، على تطوير وتوسيع مجال إهتمام أكاديمية المجتمع المدني، لتصبح منظمة عربية دولية، تهتم بإسماع صوت المواطن العربي، والترويج للثقافة العربية في العالم، بعد الإنتكاسات والإحباطات الكبيرة التى أصابت الأمة العربية والإسلامية في العقود الاخبرة.

س ـ 1ـ لوطلبنا منك تعريف منظمة " أكاديمية المجتمع المدني" في سطور.....؟

أكاديمية المجتمع المدني الجزائري، منظمة مدنية غير حكومية، تأسست في الجزائر، في الثلاثين من شهر جويلية,
سنة 2002،كفضاء إجتماعي حر، لتأطير القدرات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية، وتحضير الأجواء والعوامل المساعدة لميلاد المجتمع المدني في الجزائر والوطن العربي، على أسس وقواعد موضوعية، تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات والملامح والبصمات الحقيقية للمجتمع الجزائري، دون تسطيح أونقل عشوائي لهذا المصطلح الغربي إلى البيئة المحلية، كما يسعى هذا الفضاء التطوعي المستقل عن الأحزاب والدولة في آن واحد، على الانتقال بالعمل من خلال الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، من خطابات الولاء أوالاصطدام، إلى خطاب الشراكة ومنهج المساهمة في صناعة القرار داخل الدولة وفي مؤسسات المجتمع بوجه عام.
ونحن بهذا نعتبر أنفسنا قوة اقتراح فعالة،والبديل الواقعي للكثير من الأفكار والبرامج التي أثبتت عجزها التام، على تحقيق النهضة التنموية المأمولة.

س ـ 2 ـ ما هوتقييمكم لفعل المجتمع المدني الجزائري ؟

أعتقد أن الحديث السائد اليوم عن المجتمع المدني سواء في الجزائر أوفي باقي الأقطار العربية، هومن باب المجاز لكي لا أقول الخرافة، اذ لا يعقل أن نتحدث أوننساق وراء الاصطلاحات دون تمحيص ودراسة، فالذي ينطبق على المجتمعات الغربية من مفاهيم أومناهج أوتجارب، ليس بالضرورة صالح للاستهلاك عندنا، وتلك عيوبنا منذ بدء فجر النهضة السياسية والفكرية والادبية في الوطن العربي، فان كان يشفع للرواد من جيل النهضة الأوائل، انهم كانوا يستعجلون الخروج من أضابير عصر الانحطاط والتخلف، بما كان بين أيديهم من وسائل ووسائط متواضعة، فأي عذر للأجيال الراهنة وهم يأخذون المفاهيم والأفكار دون أدنى اعمال للعقل أوالموضوعية، مما جعلنا اليوم أمام سيل جارف من المصطلحات والمفاهيم المقلوبة، فلم ننل من عصر العولمة أوعصر الديجيتال الا القشور والسراب، ومن أبرز خيوط ذلك السراب هذا الحديث المستمر في كامل ربوع الوطن العربي عن المجتمع المدني العربي، وانجازاته الباهرة في شتى الحقول والمجالات، ونحن في الجزائر لا نختلف في كثير أوقليل،عما يجيش في هذه الساحة الحبلى بالشعارات والاوهام، فلنتفق أولا على تعريف موحد أوتقريبي لمصطلح المجتمع المدني، ثم فلنحاول أن نتفق أيضا على أرضية مشتركة لمفهوم منظمات المجتمع المدني، ونحدد قدر الامكان المساحات أوالمجالات التي ينبغي أن تتحرك فيها هذه المنظمات، وان كنت أميل إلى أن الوضع عندنا في الجزائر أكثر تشعبا وتداخلا من أي دولة عربية أخرى، بشأن الخلط بين العمل الاجتماعي من خلال المنظمات المدنية، والعمل الاجتماعي من خلال المنظمات أوالجمعيات السياسية،.وهوأمر راجع لعوامل وأسباب كثيرة، ربما يتسع المجال أمامنا مستقبلا لتفصيل البحث فيها، واعطاء العلل والتفسيرات المناسبة.

إن منظمات المجتمع المدني لم ولن تكون في أي يوم من الأيام بديلا عن الدولة الوطنية، أوجهازا يمارس المعارضة السياسية تحت أقنعة اجتماعية.، وهوما أثبتته التجربة الميدانية حتى في أكثر المجتمعات تقدما سواء في أوروبا أوامريكا أوحتى في آسيا، فالتشكيك في قدرة الدولة الوطنية على الاستمرار، وطغيان الخطاب الشمولي للكثير من المنظمات عندنا ن بدعوى مسايرة العولمة، وعجز الدولة الكلاسيكية عن التكفل بقضايا وانشغالات المجتمعات العربية المعاصرة،انما يصب في مخططات الاستعمار الجديد للقضاء على مكسب الدولة الوطنية في الوطن العربي، تمهيدا للانقضاض على ما تبقى من ثروات سطحية وباطنية في جغرافيا هذا الوطن.

وذلك لا يعني على الاطلاق أننا ضد قيام منظمات مدنية اجتماعية، تعمل على تدارك العجز الذي تتركه المؤسسات الرسمية، لاعتبارات هيكلية أوتنظيمية، وضرورة قيام هذه المنظمات بوظائف وأعباء جديدة تتخطى حدود النمطية، إلى آفاق الشراكة الفعلية مع الأجهزة الحكومية في اتخاذ القرار وصناعته،.دون الغاء للدولة، أوتطلع إلى السلطة، لأن مجال التطلع إلى السلطة هوالنضال عن طريق الأحزاب، وليس منظمات المجتمع المدني، فهي في نظري أسمى من هذه الغاية، وأكبر من هذا الطموح.

وأعتقد أن التقييم الحقيقي لعمل منظمات المجتمع المدني في الجزائر، لابد أن يخضع لمقاييس وأطر منهجية، لا مكان فيها للمجاملة والتسطيح والضحك على الذقون، فالذي يمارس في الجزائر في سياق ما يسمى عندنا بالعمل الجمعوي، هوفي أغلب مشاهده بعيد كل البعد، عن الفكر التأسيسي للمجتمع المدني المنشود، فالجمعيات التي تتحدث باسم المجتمع المدني، في الصالونات المخملية، والقاعات المكيفة، وأمام كاميرات التلفزيون،ولا شأن لها الا اصدار البيانات وتحرير العرائض، وايهام الناس بهالة من الأضواء الخادعة، لم تكن في أي يوم من الأيام محط اهتمام المواطن، أومحل تقدير حقيقي من السلطة، فهي لا تمثل الا مجموعة من الأشخاص بعدد أصابع اليد الواحدة، وفي بعض الأحيان هي جمعيات وحيدة القرن، تتحرك بشخص واحد..والشواهد كثيرة في هذا المقام.

والافت للنظر في هذا المشهد المحزن، أن عدوى الانقلابات والمؤامرات من اجل السلطة، قد انتقلت من الأحزاب إلى هذه الجمعيات المدنية بصورة مخزية،مما زاد المشهد عفونة وقرفا ولعل ما حدث في بيت اتحاد الكتاب الجزائريين، خير شاهد على ذللك.

كما أن رؤساء هذه الجمعيات قد حولوا الجمعيات إلى دكتاتوريات صغيرة، لا مكان فيها للرأي المخالف، والذي يتجرأ على خرق القوانين الأساسية لهذه الجمعيات، والتي فصلت على مقاس رؤسائها، وليس على مقاس الشرائح الإجتماعية الواسعة، فان مصيره الاقصاء والشطب النهائي من قوائم الجمعية.

كما أن التقييم الحقيقي لعمل الجمعيات عندنا، لايستقيم مع المنهج العلمي، والنظرة الحيادية المجردة، في ظل الغياب الرهيب لمبدا التمويل الذاتي،الذي هوالعمود الفقري لعمل المنظمات المدنية غير الحكومية في كل أنحاء الدنيا،وانعدام بطاقات تقنية ذات مصداقية،تترجم الحجم الحقيقي للمنظمة، سواء من حيث التمويل، أواحصائية واقعية بعدد الأعضاء، أومعلومات دقيقة عن التسيير المالي، والتنظيم الهيكلي، والرسالة، والهدف الاستراتيجي.

س / 3 ـ المنظمات الغير حكومية في العالم عرفت رقيا كبيرا في لفت الانتباه كيف تقيمون تجربة منظمتكم على ضوء المنظمات الغير حكومية العاليمة ؟

الأمر عندنا في أكاديمية المجتمع المدني الجزائري يختلف تماما، فنحن منذ الانطلاقة الاولى، حددنا أهدافنا بدقة ووضوح،ورسمنا المنهج والوسائط المؤدية إلى تحقيق تلك الأهداف، وأردنا أن نكون صوتا عربيا متفردا، وهيئة جزائرية متميزة عن باقي الهيئات والمنظمات القائمة،نستفيد من التجارب العالمية ن وتتسع آفاقنا لاستيعاب التحولات الوطنية والدولية، دون أن نغفل الارتكار على موروثنا الثقافي والحضاري،حتى لا نفقد التوازن المطلوب في لجج العولمة، وعجاج الفجوة الرقمية المهولة التى تفصلنا عن العالم الخارجي.

إن قادة الأكاديمية، وأنت واحد منهم،لم يضعوا في حسبانهم، وهم يؤسسون هذه الأكاديمية، أنهم بصدد تكوين جمعية خيرية، أوهيئة اجتماعية محلية محدودة في الزمان والمكان، أوانهم سيزاحمون الجمعيات السياسية، أوأنهم يستنسخون منظمة لها أشباه ونظائر، فقد جمع فضاء الاكاديمية الرحيب، الصفوة من نشطاء الحركة الإجتماعية والجامعية في الجزائر، وضم بين تضاعيفه صفوفا من النوابغ في مختلف الاهتمامات والشؤون، وصفوفا من المواطنين البسطاء في البوادي والقرى والأرياف الجزائرية، بما لم يجعل الأكاديمية منظمة للنخبة، أوهيئة للتنظير الفكري الأجوف، وانما جعلها منظمة تخاطب المواطن الجزائري في داخل الوطن وخارجه، وتتفاعل مع كل الشرائح والفئات، في تناغم وصدق وواقعية، وهوما مكنها من الانتشار الهادئ في كل ولايات القطر، وبين أبناء الجالية الوطنية في الخارج،واستطاعت بفضل خطابها الواقعي المنسجم مع الذات، أن تجد لنفسها مكانا مميزا في الساحة الوطنية والاقليمية والدولية، بوسائل وامكانات مشروعة، تتوائم مع ميثاقها وأهدافها الوطنية والانسانية السامية.

إن حضور الأكاديمية بين أبناء جاليتنا الجزائرية والعربية في الخارج، وخاصة في أوروبا وبعض دول أفريقيا وآسيا،أهلها لتكون منبرا شعبيا منظما للتعبير عن الرأي، وطرح الانشغالات، والمساهمة في ايجاد الحلول والبدائل، والظفر بثقة المجموعة الدولية، حيث تحصلت إلى حد الآن على أربعة اعتمادات دولية، مما يجعلها وفق القوانين الدولية، منظمة مدنية غير حكومية دولية، الأولى من نوعها في الوطن العربي والعالم الثالث.

هذا على مستوى التنظيم والهيكلة، أما على مستوى برنامج العمل، فانها تعمل منذ فترة على توسيع وتنويع أدوات وآليات الحضور الفعلي بين الأوساط الشعبية في داخل الوطن، وبين أوساط المهاجرين الجزائريين والعرب على السواء.

س4 /بعد انهيار المعسكر الشيوعي واختفاء قيم الدولة الوطنية هل المنظمات الغير حكومية وتحديدا منظمتكم قادرة على أن تكون البديل في التكفل بمتطلبات وحاجيات المجتمع؟

الأكاديمية كما أسلفت، لاتطرح نفسها بديلا عن الدولة، ولا ترى نفسها معنية على الإطلاق، بالجدل الدائر في الساحة الجزائرية والعربية خلال السنوات الأخيرة، حول تحول المنظمات المدنية غير الحكومية إلى بدائل للدول والحكومات، بتشجيع من الآلة الاستعمارية الغربية، في ظل العجز الرهيب للدول العربية على التكفل بانشغالات شعوبها، وانتشار الفساد بصورة غير مسبوقة في مختلف الأجهزة والمؤسسات الحكومية، كما لا ترى نفسها جبهة معارضة للسلطة القائمة، لأن أهدافها ومراميها، أسمى بكثير من مجرد المعارضة،وانما تعتبر نفسها قوة اقتراح جدية،أمام أجهزة الدولة، للنهوض بمشكلات التخلف، وعوائق التنمية، كما تطرح نفسها، من خلال برامج عمل ناجعة، في شتى الميادين الإجتماعية والاقتصادية والثقافية،شريكا فعالا للسلطة والاحزاب في صناعة القرار، وهذا لا ينفي عنها، أعباء التكفل بالكثير من الوظائف الإجتماعية التي كانت في السابق حكرا على أجهزة الدولة، بما ينسجم تماما مع رسالتها الإجتماعية السامية، وأهدافها المرسومة في ميثاقها العام.

وتجدر الاشارة في هذا المقام، أن الأكاديمية، وهي تتفاعل مع محيطها الوطني والعربي والاقليمي والدولي، تعمل باستمرار على تطوير وتحديث وسائل تحقيق أهدافها، حتى لا تكون بعزل عن الحركية الكبرى في مجال عمل منظمات المجتمع المدني في العالم، والتطورات المذهلة الحادثة في هذا المجال، ومن أبرز تلك الوسائل، انشاء مؤسسات وهيئات ومنظمات متخصصة تابعة للاكاديمية، وتعمل في استقلالية نسبية عنها، وفق أنظمة وبرامج عمل خاصة بها، ومن أمثلة ذلك، المرصد الجزائري للمرأة، المؤسسة الجزائرية لرجال الأعمال والاستثمار الاجتماعي،اللجنة الوطنية للصحة وحقوق المريض، اللجنة الوطنية لمساعدة المساجين، المؤسسة الجزائرية لمناهضة الفكر الاستعماري، وغيرها من الهيئات وامؤسسات الملحقة بالأكاديمية، إلى جانب تكفلها بالتكوين والتنمية البشرية، وخاصة من خلال اعداد القادة ة وتأهيل الكفاءات، والتي تتولى شأنهم، مؤسسة تكوين قادة المجتمع المدني، الهيئة الرائدة في هذا السياق، والتابعة لللأكاديمية.

س5 / مؤخرا عقدتم مؤتمركم الأول فعلى ماذا اسفر ازاء استراتحيته المستقبلية ؟

هوأول مؤتمر للأكاديمية، بعد مؤتمرها التأسيسي المنعقد يوم 2002.1230، وقد أسفر المؤتمر على العديد من النتائج والتوصيات،من أبرزها تحول الأكاديمية من منظمة وطنية، إلى منظمة مدنية غيرحكومية دولية، واستطاعت الأكاديمية من خلاله أن تحقق نقلة نوعية، على درب التأسيس لمجتمع مدني حقيقي في الجزائر، وقد انتظم المؤتمر بحضور مندوبين من كل ولايات القطر،وممثلي مكاتب الأكاديمية في العديد من دول العالم، إلى جانب ممثلي المؤسسات والهيئات الملحقة بالأكاديمية.وشخصيات دبلوماسية وجامعية وإجتماعية هامة.

وقد جرت أشغال المؤتمر في شفافية تامة، رسخت روح المسؤولية والمساءلة، والتداول على السلطة، واعتماد النهج الديمقراطي في العمل،مما أثار اهتمام الصحافة والملاحظين الحاضرين.

ولعل أهم وأبرز نجاح حققته الأكاديمية من خلال مؤتمرها هذا،أنها خرجت بخطة عمل مستقبلية واعدة، ترتكز على مبدأ مشاركة قوى المجتمع ومنظماته النشطة، في الحياة الوطنية العامة بفاعلية أكبر، والتأكيد على أهمية تحول الأكاديمية إلى خزان استيراتيجي من الكفاءات للمجتمع والدولة على السواء.

س /6 المواطن الجزائري حسب تقديرات الملاحظين والمتتبعين صار لا يثق في العمل الحزبي هل فكرتم في وضع خطط لتأطير هذه الطقات واستيعابها؟

إن ضمور الثقة بين الأحزاب والمواطن الجزائري، أصبحت حقيقة واضحة للعيان، وظاهرة اجتماعية سياسية تحتاج إلى البحث والتمحيص العلمي، وما حدث في الانتخابات البرلمانية وانتخابات المجالس المحلية الأخيرة، خير شاهد على استفحال هذه الظاهرة وانتشارها، بشكل بات يهدد الحياة السياسية برمتها،فقد سجلت نسب عالية لعزوف المواطن عن الانتخاب، وهي نسب تسجل لأول مرة في التاريخ السياسي للدولة الجزائرية المستقلة، مما يترجم ضعف الأحزاب السياسية في تأطير المواطن، وادماجه في الحياة السياسية الوطنية، اما لغياب برامج واقعية مقنعة، واما لأن هذا المواطن، قد سبق له أن جرب هذه الأحزاب، أكثر من مرة، وله معها احباطات وخيبات أمل كثيرة،فلم يجد أمامه الا العزوف عن التصويت، كشكل من أشكال التعبير عن الرفض لكل ما هوموجود، مما جعل الأحزاب تدخل في مرحلة مفصلية هامة من حياتها، فهي عاجزة تمامت عن تسويق برامجها، أواستقطاب الفعاليات المحركة داخل المجتمع.

وأعتقد أنه لوتظافرت جهود الأحزاب مع المنظمات المدنية غير الحكومية، في عمليلت ادماج المواطن في الحياة السياسية بطرق موضوعية، وأساليب علمية ناجعة، بما يحقق الشراكة التى تدعواليها الأكاديمية، اكان الوضع مختلفا تماما،ولكن انكفاء الأحزاب الصغيرة على ذاتها،والتعاطي الفوقي للأحزاب التقليدية مع الجمعيات والمنظمات، كزعانف وزوائد دودية تابعة لها، وقبول هذه الجمعيات بالوضع، أعطي ذلك التراجع الكارثي للمواطن الجزائري عن الاقبال على الانتخاب.

وأسهم في تكريس الإنسحاب الطوعي للطاقات والفعاليلت الوطنية المؤثرة من المشهد السياسي والاجتماعي، إن تكريس الرداءة، وتسويق الدجل السياسي والنقاق الاجتماعي، بهدف الوصول إلى منابع الريع، واقتسام الغنائم، دفع بهذا المواطن إلى معاقبة الأحزاب والسلطة على السواء، وهودرس أعطاه الشعب الجزائري بعبقرية كبيرة، وبلغة واضحة، نتمنى أن يستفيد منه الجميع.

س 7/مقولة من انتاجكم ـ المجتمع المدني من الحي إلى الجامعة ـ ممكن توضيح هذه المقولة؟

المجتمع المدني من الحي الشعبي إلى مدرج الجامعة، هي من الشعارات الأساسية للأكاديمية، وقد أريد به التنبيه إلى أن الأكاديمية، كما أشرت سابقا، ليس منظمة للنخبة فحسب، وانما هي الاطار الجامع لكل الشرائح الإجتماعية دون استثناء، فالأكاديمية لا تخاطب العلماء أوالخبراء أوالفلاسفة، ولا تخاطب شريحة اجتماعية بعينها، وليست للرجال دون النساء، أوللشيوخ دون الشباب، أولمناضلي حزب دون آخر، أولهذا الفريق دون آخر، انها في الأصل لكل الجزائريين والجزائريات، دون تمييز في الجنس أواللون أوالمعتقد، ثم أصبحت الآن لكل المواطنين العرب في كل أنحاء المعمورة.

إن هذا الشعار، أريد به أيضا، إخراج الجامعة من أبراجها العاجية، وانزالها إلى الجماهير، لتساهم في الدفع بمسارات التنمية إلى آفاق التطور والانطلاق، وحتى لا تصبح النظريات العلمية حبرا على ورق، فالجامعة في خدمة التنمية، ولن تتحقق هذه التنمية المنشودة اذا لم بندمج العلماء والجامعيون في النسيج الاجتماعي، وكانوا حاضرين مع مجتمعاتهم في كل خطوات البناء السياسي والاجتماعي والاقتصادي للدول والحكومات.

تلك هي نظرتنا، وذلك هوشعارناالأساسي لفي أكاديمية المجتمع المدني الجزائري

س8 / ـ ممكن تقديم لنا حصيلة ولوبايجاز تتعلق بتدخلات منظمتكم في العمل الخيري

لقد أصبحت منظمات المجتمع المدني في الوقت الراهن،آليات حقيقية لتحقيق الاستقرار والنهوض بالتنمية، ولا يمكن لهذه المنظمات أن تكوون بعزل عن الاطار العام لحركية المجتمع، ففي مسألة التصدي لكافة أشكال الجريمة والوقاية منها،لا بد من اعتماد رؤية جديدة للأمن، جوهرها اشراك كافة شرائح المجتمع والنخبة، في تحمل المسؤولية عن حفظ الأمن والاستقرار، لأن الأمن هوجزء من متطلبات الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي في البلاد، وضمان هذا يتطلب مفهوما شاملا، تشترك فيه النخب السياسية والفكرية والأجهزة الأمنية، وهذه ليست دعوة لعسكرة المجتمع أوالدولة،أذ الحرب على الارهاب أوالجريمة المنظمة، يجب أن تقوم بها الدولة بجميع أجهزتها الأمنية والإجتماعية، بما لفي ذلك منظمات المجتمع المدني.

وأتصور أن التحديات الحقيقية التي تواجه المجتمع الجزائري والمجتمعات العربية بوجه عام، لم تعد تتعلق بمجالات الحفاظ على منظومة القيم أوالاسراع في الخروج من أنفاق التخلف والتبعية، وتقليص المسافات المهولة بيننا وبين العالم الغربي، أوما أصبح يعرف اليوم الفجوة الرقمية، بل ان التحدي الأساسي هوالانخراط الفاعل في مسار تحقيق الاستقرار، وحماية مكاسب الاستقلال التي لم تأت من فراغ، وانما كانت نتيجة تضحيات جسيمة الأجيال متعاقبة من الرجال والنساء، سواء من الشعب الجزائري، أومن الشعوب العربية بصفة عامة، لأنه لا تنية ولا تطور، دون توفير الأمن وبسط أجنحة السلام، ولن يتأتى ذلك اذا ما استمرت الأنظمة العربية الرسمية في اغفال مطالب شعوبها، في الارتقاء بمستوى المعيشة،والشروع في مسار الاصلاح السياسي بفاعلية وصدق، ونشر قيم الحرية والعدالة والمساواة، بين جميع الشرائح والفئات.

س 10 /ـ كلمة أخيرة؟

إن الكلمة الأخيرة التى أود توجيهها من خلال هذا المنبر الإعلامي الفذ، أنه حان الوقت للشروع الفعلي في التأسيس للمجتمع المدني في الوطن العربي، والإستفادة من ميراثنا الثقافي والروحي والحضاري في هذاالتأسيس، وتحقيق التناغم والإنسجام، بين هذا الموروث وبين الواقع الدولي الجديد، حيث لا مكان للمجتمعات الاستهلاكية الضعيفة، وأن نفكر بجد كشعوب منتجة للنفط، كثروة أساسية ووحيدة، في مرحلة ما بعد البترول، لأن الأفاق تبدوغامضة، في ظل العجز الرهيب للعقل العربي عن الابداع، وتعطل روح المبادرة والإكتشاف،قصد إيجاد ثروات متجددة، خارج مجال المحروقات.

أحمد شنة

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى