الأربعاء ١٩ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١١
بقلم آمال عواد رضوان

حوار مع الباحثة والشاعرة نجوى شمعون

نجوى شمعون باحثة في العمل الاجتماعيّ من خلال التخصّص في الخدمة الاجتماعيّة كيف تصفين الحالة الاجتماعيّة في غزة على أثر القصف المتكرّر مِن قبل الاحتلال الإسرائيليّ من جهة، وعلى أثر الانقسام والحصار على غزة من الجهة الثانية؟

الوضع لا يوصف، يوجد تراكمات سابقة من وجود الاحتلال، والآن الاحتلال قائم ولكنه يتحكّم جوًّا وبحرًا وبرًّا، بل أكثر شراسة من قبل، فيستخدم الصّواريخ في قتل المدنيّين وتدمير المساجد والبيوت وغيرها، فحياة الفلسطينيّين مهدّدة طوال الوقت، والفلسطينيّ مضغوط بكلّ مشاكله السّياسيّة، والتي تؤثر طبعًا على مناحي الحياة بأكملها.

صراحة، الفلسطينيّ يقاوم على أكثر من جبهة ويعاني كمحاصر وخارج لتوّه من حرب فرضت بالقوّة، ليلحق به الانقسام وكأنه المنذور للموت والمطاردة.

لا أعتقد أنّ الوضع سيهزم وينتهي، فكلّ شيء متصل بالآخر في دائرة محكمة التصويب على الفلسطينيّ وحده، وعليه أيضًا أن يدفع الثمن غاليًا سواء في قصف مفاجئ لأطفاله وشبابه، أو في انهيار نفق أو قصف نفق على مَن فيه من الشباب الذين يفتشون عن قوت يومهم.

 هل ساهمت مشاهداتك الميدانيّة للاطفال الفلسطينيّين في خلق خيالك الشعريّ؟
 الشعر ليس بمعزل عمّا يدور حوله من حرب أو حصار أو قصف واغتيالات مخططة لسفك الدّم الفلسطينيّ، الشعر أيضًا يسفك دمه وينحاز للثوّار وحدهم أحيانًا، وما يحدث على السّاحة الفلسطينيّة والعربيّة يجعلني أكتب، وأحيانًا يُصيبني بالعجز والرّهبة لكثرة ما أريق من دماء في وقت ينادي الجميع بحقوق الإنسان..

 لقد تعرض أطفال غزة على وجه الخصوص لانتهاكات فظيعة نتيجة القصف الجوّيّ الإسرائيليّ، فهل كان لكم دورٌ في إبراز الجانب المظلم الظالم للعدوان على المدنيّين في غزة، خاصّة وأنّ الإحصائيّات أظهرت أنّ ثلثَي الضّحايا من المدنيّين خاصّة من النّساء والأطفال؟
 لا يمكن إجمال الحالة الاجتماعيّة في غزة ببساطة ومن خلال حوار، فيوجد أبحاث لمراكز تهتمّ بالمرأة والمجتمع، سواء دراسة تختص بأثر الانقسام على النساء، وما خلفه من عنف يتصاعد أكثر مع وتيرة الوضع السّياسيّ الدّاخليّ أو الخارجيّ.

 أعتقد أنّ هناك هوّة واسعة ما بين العمل الاجتماعيّ القائم على القوانين والمعلومات والواقعيّة، وما بين الخيال الشعريّ.. هل أنتِ معي في هذا الاعتقاد؟
 نعم صحيح، إنه يحدث شروخًا في أرواحنا وصراعًا متواصلا بين عالمين مختلفين من الليونة والقسوة، خاصّة غذا لم نجد الوقت لترف الكتابة أو ألمها، فالكتابة تجمع كلّ شيء، الحبّ والكره والألم والمتعة، وهكذا فالشعر ملاك صرختنا هناك.

صحيح أنّ الشعر يُنبت لنا أجنحة تجعلنا نحلق في عوالم كثيرة جميلة وراقية وخياليّة، لكن لها مذاق مميّز وجميل، أمّا العمل الاجتماعيّ فيصفعنا بقوّة الواقع المُربك.

كيف ساهمت نجوى شمعون الشاعرة في التعبير عن الحصار والمعاناة التي تعيشها غزة؟
أنا كشاعرة أعاني من الحصار مثلي مثل غيري من الناس، وأنا بحاجة للمشاركة بمهرجانات الشعر بالعالم الخارجيّ، لكن إغلاق المعابر والمطار الوحيد يمنع من ذلك، وأيضًا عُرض عليّ من مؤسّسات ثقافيّة بالخارج لطباعة دواويني والمشاركة بأمسيات، فالوضع الحاليّ لا يسمح، وتعرُّض قطاع غزة للقصف والاغتيالات يمنع حتى وصولي لغزة، فأنا من الجنوب، وأحيانًا أجازف رغم وجود قصف لحضور دورة تدريبيّة في إخراج الأفلام الوثائقيّة مع مدرّب أجنبيّ، وكمُخرجة لي فيلم "ورد السّياج"، يتحدّث عن الحصار وأثره على المبدعات الفلسطينيّات، فقد اخترت ثلاث فتيات؛ إحداهنّ مُخرجة أفلام وثائقيّة، والثانية فتاة المسرح، والثالثة مذيعة في إذاعة بغزة، ولكلّ منهنّ قصّة ترويها لنا عن الحصار وإبداعها المُعلّق على المعبر، في انتظار السّماح لها بالسّفر لتشارك لعرض مسرحيّة أو دورات تدريبيّة وغير ذلك.. فكن ورودًا على السّياج تنزف!

 ما هي نشاطاتك ومشاريعك القادمة على هذا الصّعيد؟
 حاليًّا أجهّز لفيلمي الثاني "صالون"؛ الذي يتحدّث عن مشاكل النساء في غزة من وجهة نظرهنّ، وفيلم "قدم في الهواء الطلق"، عن الدّبكة الفلسطينيّة من خلال شاب يتحدّث عن حياته وتجربته في تدريب الشباب على الدّبكة.

 كيف تصنفين نفسك بين شعراء الحداثة، وهل أنت مع الحداثة التي يتبنّاها جزءٌ من المثقفين؟
 كلّ ما يحدث أنني أحاول أن أكتبني، سواء على هيئة امرأة أو وطن ومنفى أو غائب على هيئة طير، كيف وبأيّ شكل أو صورة، إنّها فعلتي وحدي مع الشعر فعل خطيئة أو فعل ناسك، فالشعر لا يعرف حدود ولا يشبع أو يظمأ ولا يفتر أو يتعب، هو فقط يقاوم عوامل قتله وتشريده من وطنه السّماء، عليه أن يحارب ليصمد ويبقى، أمّا نحن فلا عزاء لنا، وينتصر النصّ حتى على شاعره، ويُقدّم العزاء ويتفقدّه في كلّ زيارة، هو يبقى ونحن ننتهي..

باعتقادي الشعر لا يصنف هذه الهالة الواسعة من اعتراض، الشعر في حالاته العديدة والمتعددة للتصنيف ضيقة وتخنق الشعر والشعراء، وباعتقادي كلّ كتابة جميلة مدهشة هى شعر بحدّ ذاتها، هي ما يُبهرنا ويُعيدنا لقراءته مرّات عديدة، أمّا محاربة الشاعر والحُكم عليه لا أراها مُنصِفة، وقد أكتب شعرًا موزونًا لإرضاء النقاد بصور قويّة، لكن هل هذا ما أريده للشعر إرضاء للآخرين؟ الشعر دائمًا غاضب لا ينتظر إرضاءً من أحد، إنّه فقط يرمي دهشته ويمرّ.

أنا أؤمن بالحداثة التي تُحدث تطويرًا في الشعر وتغييرًا، وليس فقط حداثة تسعى لتغيير فقط في الشكل، أمّا وإن قصدتِ تأثيرًا ثقافيًّا وعولمتها على ثقافة أخرى لوجود احتلال ينسف كلّ شيء، ويسرقه من حضارة وثقافة شعب بأكمله، فهذا شيء آخر، هو سطو ثقافة على ثقافة أخرى بواقع القوة والطرد والقتل والتجريف وسرقة تراث وحضارة وقرى شعب آخر، وتهديد هُويّته في القدس، وإلغاء أسماء شوارعها ومدنها، وتغيير جغرافيّتها بالكامل، لتشبه فكر وشكل محتل لا أرض له ولا مكان، ليبني فوق هُويّة شعب أعزل مدينته ودولته ومخططاته، فهذا شيء آخر.

النصّ يصل سواء كان نصًا حداثيًّا أو غير حداثيّ. باعتقادي الأهمّ من ذلك هو قوّة النصّ ودهشته وليس ارتكازه على الصّورة القديمة أو الحديثة، فهناك اختلاف بين نصّ باهت وآخر ينشب أظافره بالقارئ، إنه يشتبك مع الجمهور ويُلاحقه في نومه بمذاقه السّحريّ المدهش.
كلّ ما يحدث على الأرض العربيّة يؤثر فيها ويغيّر من إشارات الشعر وغيره من الفنون، وسيحدث تغيير جذريّ، وسينزف الشعر ويخربش في ذات اللحظة، ويمزق كلّ ما هو تقليديّ ويحتفظ بالجذور راسخة، وإن أحدث التغيير فسيكون لسلامة القلب والشعر والمتلقي.

 أنت عضو في اتحاد كتاب الإنترنت العرب. هل باعتقادك استطاعت هذه الاتّحادات لملمة الضّياع الثقافيّ والأدبيّ على السّاحتيْن العربيّة والفلسطينيّة؟
 طالما أنّ الوضع السّياسيّ يختزل الانقسام والتصنيف على أكثر من اتجاه لن يلملم هذا الضياع شيء، بل بالعكس، سوف يعكس أكثر على المثقفين والمشهد من انقسامه، وعلى بعض من يسوق المشهد لحزب معين أو لجهة يعمل لديها..

أما على مستوى السّاحة العربيّة، باعتقادي موقع التواصل الاجتماعيّ فعَل ما لم يفعله أيّ اتحاد كتاب في التعريف بالشعراء والرّوائيّين والكتاب وغيرهم، ونقل صوت الشاعر بشكل أسرع وأوسع من اتحادات تقتصر على نفسها المسافة والتعريف بالشعراء، أو مشاركتهم وتواصلهم مع العالم الخارجيّ.

 إذن؛ أين المشكلة؟ وبماذا تتمثل؟
 المشكلة ليست بالمشهد بقدر ما هى بأشخاص يتلاعبون بالمشهد وبالمثقفين، لصالح شخصيّات على حساب شخصيّات أخرى، لا يهمّها المشهد بقدر ما تُعنى بالتفسّخ الحاليّ والمصلحة الشخصيّة، لكن أيضًا، لا نستطيع تحميل اتحادات الكتاب كلّ تمزق بالمشهد، فأيّ اتحاد يحتاج لمَن يُسنده ويدعمه، وهذا شبه معدوم في ظلّ انقسام يتآمر على المرايا والفنّ وعلى نفسه.

 أيّهما يشدّك أكثر، القصّة الإنسانيّة أم القصيدة الشعريّة؟
 القصيدة هى قصّة إنسانيّة، وكلّ قارئ يُفسّرها حسب تجاربه وأوجاعه، وهي أي القصيدة تحكي بطريقتها عن قصّة، لكنها برأيي تأخذ شكلاً مختلفًا وأكثر تعقيدًا عن القصّة، وبرأيي القصيدة معادلة تركيبتها ليست سهلة، أمّا القصّة فهي تعود بنا لقصص الجدّات في اللذة والمحاكاة، والمكان الذي يشعّ بالألفة والمحبّة، والرّابط الذي يمسكنا بحبّ مع الجدّة التي نرتمي في حضنها فور وصولها، أمّا النصّ فنخلقه ونصنعه، ورغم صناعته فهو يأخذ من مشاعرنا ومن الحنين والتجربة وأشياء كثيرة ليدمجها بالنصّ، فيكون حيًّا من لحم ودم وروح، والنصّ الذي لا يصل للمتلقي هو نصّ ميت بدون حياة، لا يصف ولا يشفّ معاناة القارئ.

القصيدة هى معرفة القارئ بها ومعرفتها به عن دراية وحياة سابقة بينهما، ولا أنكر أنّ النصّ الضعيف يحتاج لمَن يسعفه فيموت بذات اللحظة لحظة ولادته، لكن الشاعر المتمكّن من أدواته، يحذف ما يزيد عن الحاجة في النصّ، وإن كانت أولى المحاولات بالقصّ صعبة جدًّا، حتى يدرك بأنّه لا محالة من هذا الفعل الذي يُهذّب النصّ ويُقوّيه، أمّا إذا تركه ضعيفًا، فكلّ ما بوسعنا هو قراءة الفاتحة على روحه، ونهيل التراب فوقه، فالنصّ الرّكيك لا يحتاج لمدافعين، بل يحتاج فقط للحظة يلتقط أنفاسه ويموت بسلام دون رجمه بالحجارة أو قتله حيًّا.

 تنشرين في العديد من الصّحف والمواقع. ما رأيك باتجاه الشعراء والمثقفين إلى الإنترنت على حساب الإعلام الورقيّ؟
 الإعلام الورقي لم يترك فرصة للغالبيّة في النشر، إذ غالبًا ما يحتاج لواسطة كي ينشر، وقديمًا كنت أعتقد أنّ النصّ هو الحَكَم الوحيد للنشر، لكن تبيّن لي بعد فترة وجود الواسطة والمعرفة بين الكاتب ورئيس التحرير هذا في الغالب.

برأيي الإنترنت أكثر انتشارًا رغم وجود بعض السّلبيّات في النشر، والشاعر والكاتب يحتاج لأيّة وسيلة لإيصال صوته ورسالته للجمهور، وإن انعدمت انتهى. صحيح أنّ النشر الورقيّ له نكهته ورونقه، لكن حاليًّا حسب الثورة المعلوماتيّة، فلقد لحق الأدب بسباق الإنترنت سواء عن طيب خاطر للكاتب أو العكس، ويكفيه مثلاً أنّ الفيس بوك يفتح جميع الأبواب أمامه، ليتعرّف على شعراء وكتاب من جميع البلدان، ويُقرّب بينه وبين من لا يعرفه منهم، ليصبح ضمن أصدقائه في الصّفحة.

قليل من الفنانين والعامّة من يقرأ الجريدة، وللأسف صارت عادة قديمة للجيل القديم رغم أن الجريدة كانت بالنسبة لجيلي هى وصفة انتظار لذيذ، لِما سنقرأ في صفحة الأدب، ونبقى على انتظار وصولها حتى نهدأ ونعيد قراءة كلّ ما في الصّفحة، نتلقفها بيننا كزائر غائب وبعيد قرّر الزيارة ونحن في انتظاره، هو مكمّل للآخر سواء الورقيّ أو الإلكترونيّ.

 هل ما زالت الجريدة ذاك الزائر العزيز وهي التي تقف على الحواجز، وتمنع من الدخول إن لم يكن بفعل الاحتلال كان ذلك بفعل الانقسام؟
 الجريدة كزائر عزيز ننتظره ونحتفي به، لكنها اختفت من صباح غزة والضفة بفعل الانقسام والتحيّز للحزبيّة لا التحيّز للوطن. أذكر في إحدى الدّورات مع صحافيّة أجنبيّة أحضرت معها جريدة القدس والأيّام، كان يومها احتفاء بغائب عاد مع صديقه الأجنبيّ، ودخل غزة الممنوع منها منذ سنوات الانقسام والعزلة، وكذلك في الطرف الآخر من الجسد منعت جريدة الرّسالة وكلّ ما له علاقة بالآخر، في كلا الجانبين المنقسمين والمتصارعين على وطن تَغير عليه الطائرات، وتقتل هنا بالصّواريخ وهناك بالرّصاص وغيره..

 بين المستوى اللّغويّ للإعلام الورقيّ والمستوى اللّغويّ للإعلام الإلكترونيّ بون واسع. هل أنت مع وجود رقابة على الإعلام الإلكتروني؟
 أنا مع وجود رقابة على الإعلام الإلكترونيّ، لكن الثورة المعلوماتيّة الهائلة ووجود مواقع لا حصر لها، سواء كانت تستحقّ أو لا تستحق، ومع وجود الفيس بوك، فكلّ لحظة نجد مجموعة تعلن عن نفسها، سواء مجموعة أدبيّة تهتمّ بالشعر والقصّة، أو مجموعات ضدّ نظام أو مع أشخاص وغير ذلك. لن يستطيع أحد أن يوقف هذا السّيل أو يتحكّم فيه، وصعب جدًّا، خصوصًا أنّ المثقف لا يتحكّم بالإعلام الإلكترونيّ، ولا السّياسيّ ولا غيره، وأحيانا هو أشبه ما يكون بسوق كبير وإن كان أجمله ما يختصّ بالثقافة والإبداع، لكنّه لم يَسلم من السّرقات والتشويهات والقتل للفنّ والإبداع.

 كيف تقيّم نجوى شمعون الإقبال على القراءة في غزة؟
 الكتاب هو طريقتنا لملامسة الرّوح، والقراءة تعتبر قليلة في وجود الإنترنت والمواقع التي نجد فيها آلاف الكتب، وليس هناك من طريقة لمعرفة الاقبال على القراءة، في ظلّ قصف متكرّر وخوف وامتلاء بالعجز والموت.

القراءة ليست في غزة وحدها آخر اهتماماتنا، بل في العالم العربيّ، ولكن مع وجود هذا التشوّه للقراءة يوجد مقابلها اقبال الناس على الأمسيات الثقافيّة، حتى النساء الأميّات والرّجال يحضرون مثل هذه الأمسيات عن حبّ ورغبة في الاستماع للشعر، وحسب ما رأيت في أمسياتي وأمسيات غيري، فإنّ الشعر روح الشعوب، وقد يكون تسارع كلّ شيء في الحياة قد قلّل من إمكانيّة الاستحواذ على كتاب بين الأيدي ليدلّلنا، ومتعة القراءة لربّما قلّت لسوء حياتنا واندراجها في التواءات سياسيّة معتمة، فأصبحنا نسير في نفق لا يمكن معه التمتّع بصحبة كتاب.

 لمن تقرأ الشاعرة نجوى شمعون من الشّعراء؟
 أقرأ للشاعر الذي يُفقدني صوابي ويُدهشني منذ بداية القصيدة لنهايتها، فأصبح في ألف ليلة وليلة، إنّها القصيدة التي تأتي عن قصد لقتلنا رغم أننا أحياء، لكنها تسلبنا كلّ شيء بغمضة عين، لنعود لقراءتها مرّات عديدة لنسأل عن كاتبها. إنّها القصيدة التي تترك عسلها على فمنا وتسافر بنا بجناح الرّغبة والحبّ، وعادة أقرأ لمحمود درويش وزاهي وهبي وإبراهيم جابر ابراهيم وأحمد دحبور، وبعض الكتابات التي تقرص القلب وتوجعه، سواء لشاعرة أو لشاعر حتى لو كان مبتدئًا في العزف.

 لو خيّرت ما بين العمل كباحثة اجتماعيّة وما بين الشعر والكتابة كمهنة، أيّهما تختارين؟
 دائمًا ننحاز للشعر، صحيح أنّ العمل له أسبابه التقليديّة، لكن الشعر دائمًا يتجدّد ويتغيّر ويأخذ صفة الألوهيّة، ويمكر بنا حين نكتب عن الحبّ، ويجعلنا في حالة دفاع عمّا كتبنا، وحينما ولدت، اعتقدت القابلة أنّ أمّي ستلد طفلين، ولم تدرك أنّ طفلاً آخر يرافقنا كان ملتصقًا بالمشيمة، ويكتب الشعر ويضحك.

الشعر والكتابة حتى اللحظة لا أعتقد ولا أتصوّر أن يتحوّلا لمهنة، فما يربطني بالكتابة والشعر روح الشعر، وباعتقادي إذا ارتبطت المادّة بهما سأفقد أجمل ما في الشّعر روحه البيضاء الخالية من رائحة المادّة، وإن دخلت في مكوّناته سيضعف، كما لو أنّ ريحًا أطاحت به فتحوّل لرماد أو تراب، ترفعه الرّيح وتحطّ به في أيّ مكان.

 نختتم باختصارك عن مسيرتك الأدبيّة والصّحفيّة؟
 أنا امرأة حلمها الوطن والحب ولها سيرة الغائب.

بدأت الكتابة بسنّ مبكّرة جدًّا، وأكتب الشعر والقصّة والمقالة، ولي مسرحيّة واحدة، وكان لفترة ما بداية رواية فضّلت أن ألغيها لسبب بسيط، وهو أنّ الرّواية برأيي تحتاج لجوّ يُتيح لها النموّ والسّرد الصّحّيّ لمواصلة الأحداث في الرّواية، ورغم أنّ كتابة الشعر تشبه كتابة معادلة، إلاّ أنّ جوّ الرّواية يختلف، عليّ أن أدخل النصّ وأعانق شخوص روايتي بحذر وبحب، وسيكون عليّ أن أعيش أوجاعهم وكرههم وخيباتهم وانتصارات الحبّ، أو خيباته المتدفّقة كشلاّل، وكلّ هذا يحتاج منّي أن أبقى وفيّة لهم حتى تكتمل الرّواية، دون خدش بملامح أبطال الرّواية، أو أن يُشتبه فيهم بحصار غزة الطويل..

صدر لي ديوان "كما ينبغي لي" 2005، المركز الدراسات والتوثيق بغزة، ولي أكثر من مجموعة في انتظار طباعتها

طموحي المشاركة بأمسيات ومهرجانات عالميّة للشعر، وكتاباتي هي عن المرأة ممزوجة بتراب الوطن وبالمنفى وبالغياب وبالشرف والحصار والحرب والحبّ.

أمّا الصّحافة فكانت أغلب المقابلات عن النساء والإبداع، وقضايا تمرّ بالمرأة العربيّة ولا تتركها غير مقتولة أو مسلوبة التفكير.

اتّجهت لأكثر من فكرة للكتابة عن المرأة العربيّة المبدعة، خصوصًا في كتاب لم يكتب له الحياة "كتاب مد وجزر في حياة المرأة العربيّة المبدعة"، وكتاب "الشعر في زمن الحرب"، وذلك لأسباب أهمّها المرأة المبدعة من ناحية، وعدم وجود تمويل من مؤسّسة ثقافيّة تهتمّ بذات الشّأن.

أمّا فكرة كتاب "الشعر في زمن الحرب"، فقد سُرقت الفكرة وتمّ تنفيذها من قبل مؤسّسة ثقافيّة، كنت قد أرسلت بالإيميل فكرة كتابي لشعراء للمشاركة بالملفّ..

وما زال في الجراب أحلام تتوق للخروج من عباءة المكان، لتصدح بعيدًا شمالاً لهجرة أسوة بالنوارس، ولن تكتفي بما أريق من عسل في المشهد على اتّساعه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى