الخميس ٢٠ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٧
حوار مع الباحث محمد السموري

حول اشكالية الصمّت والتراث

حاوره :الشاعر محمد المطرود

بعد كتابين في مواضيع مختلفة وذات نكهة مميزة اختار لهما الباحث عنوانين غير دارجين كثيرا وإن وجدت عناوين مشابهة فإن طريقة معالجة الأستاذ السموري اختلفت مع غيرها ( ثقافة الصمت، وفلسفة الصمت ) الأمر الذي حدا به الى شق طريق مختلف وإشكالي نوعا ما ، والغوص في التراث ، كمساهمة لاستنهاض النائم، والجمالي ،وكشفه ومن ثم وضعه على طاولة النظر والرؤية والنقد للاستفادة منه وانتاج الذات التي أهملت .

هو الآن بصدد اصدار عدد من مخطوطاته التراثية : تاريخ الرقم سبعة - الكرم عند العرب – اشتغالات المعنى في تجليات الاسطورة

وبهده المناسبة . كان لنا معه اللقاء التالي

 المطرود : ثقافة الصمت ، وفلسفة الصمت عنوانان قريبان من بعضهما لماذا ?

 السموري :كثيرا ما تعرضت لهذا السؤال بمناسبة وبغير مناسبة وهو سؤال مبطن قد يتهمني فيه كل من لم يقرأ فصولهما بأنها طريقة ماكرة لإصدار كتابين أو جزأين لموضوع واحد ،أصدرتهما لأغراض معينة , وأعتقد أن هذا المطب قد وقع به بعض ممن اكتفوا بقراءة العنوان ومشاهدة الأغلفة،أما الكتاب الأول فلسفة الصمت فيعنى بالانتروبولوجية الوصفية والثاني بالنقد الثقافي ذلك لأن قضية الصمت واشكاليته شائكة وتحتمل المزيد ,الموضوع الأول تطرق إلى معالجة الصمت في إطار فلسفي وتضمن عناوين فرعية تراعي هذه المعالجة مثل : - مدخل إلى فلسفة الصمت -الصمت واللاشعور- الصمت في التحليل النفسي - : أشكال الصمت -الصمت الصامت الصمت الناطق-الوسواس والصمت -القراءة الصامتة -المسيرة الصامتة -دقيقة الصمت - لغة الإشارات والرموز- فلسفة الصمت في لغة الإشارات والرموز -دراسة الملامح-التعبيرات الحركية -تعبيرات الوجه -القوام والمشي وطريقة النوم- التحليل النفسي للرموز-علم قراءة الخط -فن قراءة الكف -فن التقفي -الصور الرمزية للأحلام -الخجل والصمت: الصمت المقدس: - الصمت في أخلاق وطقوس الصوفية - الكرامة: من طقوس الصوفية - المدد - النظرة - الحضرة - الوجد والمواجيد - الرابطة - الورد - الشطح والحلول والاتحاد والغناء - من أقوال أهل التصوف في الصمت - نظرية الأعداد ومرجعيتها الرمزية -المرجعية الدينية للأعداد -المرجعية الأسطورية للأعداد -رموز الأعداد في التراص الشعبي-الأعداد المتحابة .وغيرها
أما الكتاب الثاني ( ثقافة الصمت ) فاختص بوردوات الصمت في المشهد الثقافي ولا سيما الأدبي منه فجاءت عناوينه الفرعية ضمن هذا السياق ومنها على سبيل المثال : 1- الصمت لغة اتصال -2- هل الصمت لغة ؟3- أهداف التواصل الصامت 4- وسائل الاتصال لدى الحيوان- مثنوية اليمين واليسار في التراث العربي- في السيرة النبوية الشريفة - في العادات والتقاليد الاجتماعية -الأعسر والعسروية -في الاجتماع والسياسة —في الشعر العربي- ثقافة الصمت في خطاب الصورة- وجماليات الخطاب البصري-ثقافة الصمت في صمت الثقافة- في أدب الحب العذري - الصمت في الأمثال العربية - المسرح الإيمائي - الموسيقا الصامتة - الإشارات الصوتية والأثر النفسي - المسكوت عنه في الخطاب الثقافي - المسكوت عنه في الخطاب السياسي - مؤامرة الصمت ( من تجليات الثقافة في الصمت ) - الثقافة وسؤال الصمت- المثاقفة وغربة المثقف العربي - ثقافة التسويق وثقافة التسويغ - لماذا ينتحر المثقفون - أغلفة الوهم - وهم اسمه الإرهاب - ديمقراطية الوهم - مقولات مغلفة بالوهم - هل ثمة ضرورة للوهم؟وغيرها .

أرأيت يا صديقي ( مطرود ) أن الكتابين لا يجمعهما سوى ( الصمت ) وآه من الصمت فلو أتيح لي من وقت لأصدرت كتابا ثالثا عن الصمت في الرواية والقصة والمسرح ورابع عن الصمت في الأسطورة والتراث العربي وهكذا .

 المطرود أنت تستند على التراث ،هل من شروط أو خطوط عريضة تضعها نصب عينيك في تعاملك معه ؟

 السموري :التعامل مع التراث أمر في غاية الخطورة لأن التراث بقدر ما يحمل من الجماليات فانه لا يخلو من القبائح والباحث في التراث يجب أن يمتلك الحيطة والحذر الشديدين لأنه سيجد أمامه المشوّه والمدسوس والاسرائيليات ، والخرافات وسيجد الأكاذيب والتلفيقات ، والتفسيرات الخاطئة والمنحرفة وكثير من التزوير والتحميل الجائر , فهناك كتب لأسماء مؤلفين وهميين ، و سوى ذلك ، ويمكن أن تؤدي به بعض المنزلقات الى تنصيبه شاهد زور على قضايا ما أنزل الله بها من سلطان ، هنا أضع لنفسي كثير من الشروط وأولها التأني والتروي والحيطة والحذر فالباحث التراثي عليه أن يمتلك ثقافة واسعه بمختلف صنوف المعرفة وأولها التاريخ والأدب , فضلا عن امتلاك موهبة نقدية لكي يستطيع التفريق بين الغث والثمين وقلت في ندوة للتلفزيون السوري : أنا أشبّه التراث بالموقد ففية رماد لا ينفع،وفيه نار تحرق، وكذلك فيه نور يشع.

الشرط الآخر هو: الموضوعية والعلمية وهذا شرط عام لكل كاتب في التراث وغير التراث فالكاتب الذي يتوخى الإفادة من كتابته عليه أن يخرج عن أطر التقوقع ويضع المادة لذاتها سواء وافقت مزاجه الشخصي أو أهواءه الخاصة أم لا ،وعليه أن لا يتأطر ايديولوجيا فيخضع الأشياء لهواه وسياسته.والخلاصة : أنا أقوم بتوثيق تراث وطني وأمتي وليس تراث عشيرتي وقبيلتي .ففي بحثي المسوم ( التاريخ الشفهي للجزيرة السورية ) ابتعدت عن توثيق حروب القبائل ورفضت معالجتها واكتفيت بعبارة ( تذكر ولا تعاد ) هذه هي شروطي لنفسي .

 المطرود :كتب أخرى غير صادرة ( مخطوطات ) هل لنا أن نعبر إليها فنسمع منك عرضا لا يذهب ترقبنا لاصدارها .
 السموري :لدي كتاب مخطوط بعنوان (الكرم عند العرب) وهو دراسة تراثية تستمد مادتها من التقاليد العربية في الضيافة تختلف عن ( قرى الضيف )الكتاب المعروف، وذلك لكونها تدرس التراث الشعبي اللامادي وتقوم بتوثيق معارف أهل الجزيرة بهذا الصدد , وترصد الطقوس والمناسبات التي نألفها اليوم وضرورتها تأتي من أهمية توثيق التراث وحفظه في مواجهة الزحف العولمي الهدام الذي يستهدف ثقافتنا وهذا الكتاب هو قيد الإصدار في عاصمة عربية
أما الكتاب الثاني المخطوط فهو( تاريخ الرقم سبعة )وهو تكملة لما بدأت به من جهد متواضع ضمنته كتاب ثقافة الصمت بعنوان نظرية الأعداد , طالما هذه القضية قد أرقت الباحثين كثيرا وأشغلتهم كثيرا ويأتي جهدي هذا ضمن كل الجهود التي بذلت وتبذل لمحاولة البحث عن سرّ الأرقام المقدسة وقد حوى الكتاب معلومات معرفية للناشئة ومادة أولية للباحثين للسير في ركب الرقم سبعة فهو يحتمل المزيد ويحتمل أكثر من كتابتي وحاليا هو قيد الاصدار في دمشق ، أما الكتاب المخطوط الثالث ( اشتعالات المعنى في تجليات الاسطورة ) فيبحث عن توضعات الاسطورة في ثنايا ثقافتنا المعاصرة ويتكىء كثيرا على الجوانب اللغوية وتأويلات المفردة العربية واحتمالات استعمالها واعتقد انه جهد فريد لم يشتغل عليه أحد قبلي على كثر الدراسات في الاسطورة واللغة العربية والأمثلة عن توضعات الاسطورة في ثقافتنا المعاصرة كثيرة جدا ومادتها متوفرة خاصة في ثقافة الفئات الشعبية وأهل الأرياف ( أهلي ) وهذا المخطوط قيد الانجاز . أما موضوع( التاريخ الشفهي في الجزيرة السورية) فهو في بدايته .

 المطرود: استاذ محمد القامشلي وأنت ابنها مدينة غنية بكل تفاصيل الحياة تراثا وواقعا حدثنا عن بعض جمالياتها ،وعلاقاتها مع التراث ، والمفردات الاخرى .

 السموري :أنا ابن قرية رحية السودة جنوب القامشلي وهي أقدم منها وعندما انتقلت الى القامشلي عام 1972 بقصد الدراسة كانت قرية كبيرة ولا تختلف عن قريتنا إلا من حيث الشوارع المستقيمة والانارة وعدد الحوانيت وكثرة البرتقال والرمان والتفاح والمشبك ( الطيب وناهي ) لم نكن نعرف ولم يحدثنا أحد أن في القامشلي يومها اثنيات كثيرة بل كان كل أهل القامشلي أهلا لها فقط ، فعندما نأتي المدينة متسوقين ننام في بيوت أصدقاء أهلنا مثل كريفنا اليهودي أو الأرمني والكردي الذي أمسك بنا عند طهارتنا فأصبحنا عائلة واحدة , وكان أهلنا يعلموننا وقت المراهقة أن ابنة الكريف من المحرمات،وهي أختنا مثل أخت الرضاعة وهم أيضا كانوا يزوروننا في القرية فنذبح لهم الخواريف ونهديهم السمن والجبن والخاثر والصوف والبيض والدجاج ( بضاعتنا ) والتاجر من أهل المدينة الذي يتجول في القرى أسمه( الحوّاج ) كنا نتنافس على استضافته , من جانب آخر لا تختلف العادات والتقاليد والأمثال والمعارف والممارسات كثيرا بيننا على اختلاف أشياء أخرى لم نكن نشعر بها وقد شبهت القامشلي بالمزهرية التي تبدو أجمل كلما تلونت وتعددت أزهارها كان ذلك في فلم سينمائي أخرجه نبيل المالح عن المدينة وشاركت في حواريته واسمة( بورتريه من القامشلي ) وإن شاء ستبقى القامشلي كذلك , وهناك سر من أسرار القامشلي الكثيرة وهو أن الذي يزورها سيعود اليها ثانية رغم أنفه .

 المطرود: الكتابة مُخلصة , وهي حالة راقية من حالات اشتغالا الحواس جميعها ما الذي تحقه في الكتابة ؟

 السمّوري : أحقق فيها انعكاس القراءة والتصورات والأحلام وتحقيق الذات والكتابة عندي لم تكن يوما من الأيام مهنة , ولا زلت أؤمن بمقولة: أن تكون قارئا جيدا خيرا من أن تكون كاتبا فاشلا، أنا لا أصنع الكتابة ،بل الكتابة هي التي تحركني، ولم أقرر يوما كتابة مقال ،بل المقال هو الذي يأتي إليّ ويحركني ، يولد المقال عندي أحيانا في الشارع أو المقهى وتتعسر ولادته القسرية ، هو كالقصيدة تماما والقصة والكتابة البحثية كالكتابة الابداعية ، وأرفض كثيرا وبقوة مقولة بعض المتصابين أن الكتابة البحثية ليست ابداعا , واعتقادهم أن الباحث متى قرر انجاز العمل اتيح له ذلك على خلاف الشاعر الذي ينتظر عبقر فالباحث له عبقره الخاص وإن كان اسمه الجن الأزرق أو الأحمر, ولكن عملنا بات عرضة لكل من هب ودب لاقتحامه واستسهاله وقد نشرت مقالا مطولا بعنوان ( ادعياء الثقافة ومحنة انفلات المعايير ) تحدثت فيه أن المتسلقين على المشهد الثقافي حالهم حال الحرامية , والزعاروالسرسرية، لكنهم أخطر على المجتمع منهم

 المطرود: ما هي طموحاتك كمنجز كتابة , ومجز حياة ؟

 السموري : أطمح إلى إعادة القدسية للكلمة , والهيبة للثقافة وذلك باحترامها ولا سيما في هذا الزمن الاستهلاكي الذي يزيح في كل يوم الثقافة الى الخلف وينظر اليها باستعلاء وازدراء ، وليت هؤلاء وانصارهم يدركون أنهم ليسوا بهائم خلقوا للعلف , ويدركون حاجتهم للقراءة . وينزلون عن استكبارهم على الكتاب , ويعلمون أنهم في غي كبير . إن رواد الابتذال والاستهلاك والاستسهال في وطننا يزداودن باطراد ملفت ومخيف , وأرجو من الانظمة العربية أن لا تتعامل مع الثقافة برفع عتب تسوده الشكلية والمظهرية والتزييف وفي الحقيقة هي تولي السياسة قدرا أهم وأولوية وبهذا تقولبت الجماهير العربية سياسيا ولكنا تقوقعت ثقافيا وهي تدرك أو لاتدرك أن الثقافة هي المفتاح للوعي الشامل والذي به يكمن الخلاص من المشكلات السياسية منها وااقتصادية وغيرها.

 وختاما تشكرك على رحابة صدرك وصراحتك واستقبالك لها في بيتك داعين لك بطول العمر وأعمال أخرى
 شكرا : الشاعر والصديق العريق محمد المطرود

حاوره :الشاعر محمد المطرود

مشاركة منتدى

  • السلام عليكم
    تحية طيبة
    كيف لي ان احصل على الكتابين لكوني مهتم بشأن الصمت؟ وكيف استطيع التواصل مع المؤلف ؟ هل لي بالايميل او رقم الهاتف واكون ممنون جدا
    احمد من العراق

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى