الأحد ١٣ شباط (فبراير) ٢٠١١
بقلم رندة زريق صباغ

دعوة لاقتراف الخطيئة....!!!

هل يمتلك كل منا حسب رأيكم حياة تصلح لأن تكتب كسيرة ذاتية؟؟!

هل يمكن أن نمتلك ثروة من الروايات الحقيقية لو وجد كل منا-نحن الأناس العاديون- من يصغي إليه محولا أحداث حياته إلى رواية حقيقية بدل اللجوء إلى الخيال آو الاستعارة؟

فإذا كان الناس العاديون الذين لا يتعاطون الفعل الإبداعي يمتلكون الحياة القابلة للكتابة إن جد الجد فما هو حال المبدعين إذن؟!

تتساءلون ما الذي دعاني للتفكير بهذا الموضوع؟

أقول إنها كثرة الاتصالات أو الرسائل الالكترونية التي وصلتني حول مقالتي في ملحق الجمعة الماضي وكثرة التساؤلات بان كيف امتلك الجرأة لأتطرق لأمور خاصة وشخصية جدا؟!

ومن أين لي المقِدرة على هذا التحدّي والتصدّي!؟

ظننت للوهلة الأولى بان الإجابة واضحة يمكن اختصارها بكلمتين، لا مساحة مقدسة/ محرمة في الكتابة.. ومن اختار هذا المجال لا بد وان يدرك ذلك ويعيه جيدا!

بعد تفكير أعمق بالموضوع رأيت انه يستحق التوقف عنده والتفكير به والكتابة حوله وعنه أيضا مع الانتباه لفراغ الساحة الأدبية من السير الذاتية للمبدعين العرب عامة
ولا بد أن ندرك أنّ احد أهم أسباب ذلك هو عدم توفر الحرية لدى المبدع العربي...!

وما اقصده هنا هو الحرية الذاتية الداخلية التي بإمكانها أن تتحول إلى طاقة ايجابية تمنحه المقدرة والقوة على البوح بل والدفاع عن هذا البوح حتى المنتهى..!!

من جهة ثانية فإنني أدرك تماماً أنه وان وجد المبدع مساحة حريته الذاتية الكافية ليكتب سيرته الذاتية فانه يمتنع عن نشرها كما هي فسرعان ما يستيقظ الرقيب المجتمعي ليعطي ملاحظاته انطلاقاً من المحرمات....!حول الكتابة والبوح الذاتي فترتجف أنامل المبدع قبل أن تقطف الثمر...

فيضطر لإعادة النظر ومحاولة التمييز بين الثمار المحرمة والثمار المسموح تناولها...
المواد الممنوع نشرها وتلك التي يسمح بنشرها ويتقبلها الرقيب والمجتمع، وهكذا تفقد السيرة الذاتية-أن كتبت -تميزها ومصداقيتها!

حيث خضعت لمقص الرقيب الذي نما في أعماق المبدع العربي بطواعية كما في أعماق الأشخاص العاديين بفعل تكوينه والتربية القمعية التي نشأ عليها في البيت والمدرسة والمجتمع والدولة بشكل عام.

وهكذا فحتى إن اقترف المبدع العربي خطأ سرد أو كتابة سيرته الذاتية فانه يغربلها ثم ينخلها مبعدا عنها كل الأخطاء والآثام التي ارتكبها خلال سنيّ عمره ليبدو مثالا يقتدي به المتلقون متناسيا أنهم يدركون كونه إنسانا ولا يعقل أن يكون بهذه المثالية منذ نعومة أظافره وحتى شيخوخته المتقدمة!

وان ننسى فلا نسى بعض المسلسلات التلفزيونية محكمة الأحداث وواضحة العبرة آو الهدف...

فسرعان ما تكتشف كمتلق ذكي أنها مجرد صناعة تستخف بعقول المشاهدين....!

فحين كتب مشاهد مسلسل تلفزيوني يهدف لإمتاع المشاهدين وتقديم ما يودون أن يروا من مثاليات وأخلاقيات بدأت تتلاشى من عالمنا، يكون الهدف إعطاءنا فرصة للعيش في الأوهام...!
وهذه الأوهام تبعدنا عن الواقع المعاش الذي بات غير قابل للكتابة ولا للإنتاج التلفزيوني أو السينمائي...!.

أعي تماماً أن الاقتراب من موضوع السيرة الذاتية ذو شجون وليس بالأمر السهل لأنه ينقل الكاتب من حالة اعتادها إلى حالة عكسية تماما، فبشكل عام فان الكاتب هو الرائي الشاهد والراوي...!

يرقب الناس ويقرأهم فيحول ما قرأ ورأى إلى حبر على ورق يتلقاه الناس عن طريقه ...
فيحافظ على ذاته من خانة المشاهدة...!

كما يسمح لنفسه بنقل ما يشاهده إلى الورق بكل ما فيه من فضائح آو تحديات للآخرين بحجة الرغبة في تغيير الواقع لا نقله فقط...

وبادعاء أنه من واجب المثقف أن يعرّي الواقع لا أن يجمّله فقط....!

أما حين يقرر سرد سيرته الذاتية فإنه ينقل نفسه إلى خانة وحالة المرئي والمشاهد من قبل الآخرين الذين قدم نفسه إليهم على طبق من ذهب...!

وهي مقدرة وجرأة لا يقدر عليها إلا القلائل من الناس وحتى المبدعون أنفسهم....!
فرغم كونهم أكثر شفافية ومقدرة على التعبير الصادق ونقل الواقع وخلجات الذات إلا أنهم أكثر ضعفا وهشاشة أمام مرآة الذات... !

مرآة المجتمع... وطبعا أمام مقص الرقيب...أو الرقباء بل قل... منقصاتهم الكثيرة المتنوعة التي أصبحت كالإخطبوط تلتف حول الأعناق.. الأيدي.. الأفكار والعقول وطبعا حول المشاعر الصادقة الحقيقية فتقمعها وسرعان ما تخنقها!

وهكذا تضيع الفرصة للتعلم من ذوات الآخرين المبدعات...!

وهكذا تدرك بأنك لن تقدر على وضع ثقتك في سيرة ذاتية يسردها من لا يملك الجرأة والحرية الذاتية للتطرق للمحرمات رغم انف الرقباء بأنواعهم... !

ولا يملك المقدرة على ذكر أخطائه وفضائح أيامه بهدف المصداقية الإبداعية...!

وان كنت لا تثق بالمنتِِج ولا بالمنتَج فمن الأفضل الاستغناء عنه حفاظا على سلامته وعافيته الإنجابية...!

إذن فمن يملك الحرية الذاتية والمصداقية لن يخشى من التطرق ولو بالرموز لأمور شخصية وخاصة حين يدرك أنها تنطبق على الكثيرين لأننا جميعا أبناء مجتمع وحال واحدة...!

ومن نجح بالتواصل مع ذاته بعقله وقلبه في آن معا لن يخشى مقص الرقيب الأخرق الذي لا هدف له سوى النكوص ليس إلا...!

لن يخشى التفكير الحر والقول الحر الصادق الصريح... !

ولن يخشى تحوله من الرائي إلى المرئي وهو أعمق حالات الكتابة وأكثرها صدقا.. مصداقية....

أي أكثرها صعوبة...!

ويمكن التلخيص والقول إن النهر الصافي أسماكه مهددة...!

وأنا شخصيّاً فانً نهري صافٍ جداً...أوراقي بيضاء ناصعة...!

وبالتالي فانً رغبة كبيرة في كتابة سيرتي الذاتية تجتاحني مع بداية هذا العام أو بالأحرى العقد الجديد...!

خاصة مع تجربتي المهنية الغنية التي سأفيد من خلالها من يهمهم الأمر في التعرف عليها...!
وحياتي الاجتماعية ملاى بالتحديات والتصدي...!

حياة رائعة بكل ما فيها من تجارب وتعلّم إن حكيته للآخرين وكتبته فسوف يوفّر على المعنيين الكثير من الوقت،الطاقة،الجهد والتجارب....!

ومن هنا أدعو مبدعينا من أصحاب القلب والقلم ا

لنابض أن لا يخشوا ارتكاب خطيئة سرد وكتابة سيرهم الذاتية لنحظى بأدب روائي رفيع المستوى الإنساني على الأقل...!

تحية لمن بدونهم ما أمكنني الاستمرار...!
تحية إكبار ومحبة لأبي الرائع فضل..ا
تحية إجلال واندهاش لأمي العظيمة كميليا...ا
تحية احترام وحب لزوجي الحبيب غسان..ا
تحية فخر واعتزاز لبناتي الغاليات(وئام،ولاء ورجاء)...ا
تحية شكر وخجل لياسمينة الدار أخي فراس...!
وكل المحبة لزوجته رندة، أولاده(نور،جنان وأرز)...ا
تحية فرح واعتذار لوردة العائلة أختي وشاح...!
وكل المودة لزوجها أمير،أولادها(ملاك،سما والياس)...ا
تحية أمل وأمنيات لآخر عنقودنا وبسمة الدار أخي سراج...ا
تحية وتعظيم سلام لأصدقائي الراقيين المميزين...ا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى