الخميس ٢٨ آذار (مارس) ٢٠٢٤

دمعٌ لمن غاب

محمد زياد شودب

ستكبرونَ على الترهيبِ والوجَلِ
مؤيدينَ بقولِ الله والرُّسُلِ
ستخذلونَ مرارًا لا مصادفةً
فهذه حكمةُ الدّنيا من الأزلِ
لوَّحتُ، لكنَّ أرْضًا فرطَ ما رفعتْ
ذراعَها، أبدلَتْها الآنَ بالأسَلِ
يا ربُّ، يا أطهرَ الأشياءِ في مُقَلِي
أدعوكَ دعوةَ مكسورٍ ومُبتَهِلِ
ضاقتْ علينا فجاجُ الأرضِ واندرستْ
كلّ الرُّسومُ، وما في الدارِ من أهَلِ
ولم تزلْ تمّحي فينا ملامِحُنا
محوَ الرياحِ لما يبقى من الطللِ
أحلامُنا عالياتٌ، والصعودُ إلى
أحلامِنا كانهيارِ الثلجِ من جَبَلِ
ما ثُبِّتتْ خطوةٌ منا على أملٍ
إلّا وراودها التشكيكُ بالأملِ
نزِلُّ خوفَ المجاهيلِ التي خفيتْ
(وقد يزلّ الفتى خوفًا من الزللِ)
ها نحنُ، والـ نحن باسم الفردِ في زمنٍ
لا فرقَ فيهِ، أجمْعًا كنتَ في رجلِ؟
أم كنتَ وحدكَ في أكفانِ نازلةٍ
تراشقتْكَ بما يكفي من النُبُلِ
ها نحنُ وقتَ انكسارِ الحبِ تكتبُنا
هذي السكاكينُ أمواتًا بلا جدَلِ
فتشتُ، فتشتُ عن سردابِ عاشقةٍ
وعاشقٍ يتحاشى الناس للقُبلِ
فلم أجدْ غير أنيابٍ مشهرةٍ
تغتالُ كلَّ اخضرارِ الأرضِ في عجلِ
دمعٌ لمن غابَ، من كانتْ أصابِعُهُ
على الزجاجِ، تحيي كلَّ مرتحلِ
دمعٌ لهُ وابتساماتٌ مكلَّلةٌ
بالماءِ نهرًا فدًى عن مائهِ الوشِلِ
وشاطئٌ أزرقُ الآمادِ وامرأةٌ
وليلةُ السُّرُرِ المهداةِ والعَسَلِ
دمعٌ له وهْو عالٍ في سرائرِهِ
ما بينَ منعرجٍ صافٍ ومغتَسَلِ
دمعٌ لطفلٍ رأى فيما رأى وطنًا
مكسرًا، وزمانًا ضاقَ بالعِلَلِ
فراحَ يكتبُ في لوحِ السَّماء رؤًى
مرفرفًا نحو ذاكَ العالَمِ الخَضِلِ
حيثُ البلادُ بلادٌ كلما ضحكتْ
مِلْنَا كما (مالَ رأسُ الشاربِ الثَّمِلِ)
يا ربُّ، والناسُ مصلوبٌ ومنتهكٌ
وغارقٌ يتحاشى سوءةَ البللِ
وناطقٌ أخرستْهُ النائباتُ أسًى
وشاعرٌ يتفادى لعنةَ الجُمَلِ
يا ربُّ ليسَ رثاءً أو مكابرةً
فمنْ سأرثي بهذا الحادثِ الجللِ
أرثي المساكينَ في أرض تظلّلُها
دماؤها حينَ ما للموتِ من بدلِ
أرضٌ لنا في هواها ألفُ سابقةٍ
وحاضرٍ وغدٍ كالأمنيات جَلِيْ
وبيتِ شعرٍ كتبناهُ على حجرٍ
بالدمِّ، تقرأهُ الدنيا بلا مَلَلِ

محمد زياد شودب

محمد زياد شودب، سوريا


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى