الاثنين ١٤ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١١
بقلم شاكر فريد حسن

رحيل عبد العزيز ابو هدبا

نجم ادبي فلسطيني آخر ينطفئ ويغادر عالمنا، هو الباحث والمؤرخ الفلسطيني الاستاذ عبد العزيز ابو هدبا، احد رواد وسدنة وحراس روضة التراث الشعبي الفلسطيني، الذي غيبه الموت يوم الجمعة الماضي.

عرفنا عبد العزيز ابو هدبا باحثاً بارزاً في القضايا التراثية، ومؤلفاً شعبياً بالمعنى العريض لهذه الكلمة. اهتم منذ شبابه المبكر بالثقافة الفولكلورية والتراثية الشعبية،وامتلك قدرة هائلة على البحث والتنقيب، ايماناً منه بضرورة صيانة المخزون الشعبي الفلسطيني وحماية تراثنا من الضياع وعمليات التزوير والطمس والتذويب.

وعرفناه انساناً محافظاً على القيم العربية الاصيلة، والزي الشعبي الفلسطيني، خلوقاً، كريماً، متواضعاً، عزيز النفس، شهماً، محباً لوطنه وشعبه، عالماً بكل ما في هذا الوطن من خير وبقاء، متمسكاً بالجذور،ثابتاً على مواقفه الوطنية والقومية، ولم يعرف انتماءً آخر سوى فلسطين.
عبد العزيز ابو هدبا من مواليد القدس سنة 1935، ومن مؤسسي لجنة الابحاث الاجتماعية والتراث الشعبي الفلسطيني في جمعية انعاش الاسرة. كتب ووضع ونشرالعديد من الدراسات والمقالات في التراث بمجلة "التراث والمجتمع" وغيرها من الدوريات والمجلات والصحف الفلسطينية. وشارك في الكثير من المشاريع والنشاطات والفعاليات حول الموروث الشعبي الفلسطيني، التي كانت تقيمها المؤسسات الفلسطينية المتخصصة، التي تعنى بمسألة التراث، واشرف على تحرير واعداد صفحة "تراث الشعب" في صحيفة "الشعب" المقدسية المحتجبة، في ثمانينيات القرن العشرين الماضي. كما ساهم في تقديم برنامج عن تراثنا الشعبي في تلفزيون فلسطين وفضائية الشارقة وابو ظبي، وتقديم برامج تراثية في اذاعة صوت فلسطين.

ترك وراءه كتباً واعمالاً ودراسات تراثية هامة تثري الوعي الجمعي الفلسطيني، منها:" التراث الشعبي الفلسطيني – جذور وتحديات وتاريخ، والانجاب والطفولة، ثلاثون ليلة وليلة في المضافة الفلسطينية، قرية ترمسعيا " وغيرها.

وللراحل ايضاً دراسة طويلة وبحث موسع حول تأثير الانتفاضة الفلسطينية على عاداتنا وتقاليدنا في الافراح والاتراح، نشرت في الكتاب الموسوم "الادب الشعبي في الانتفاضة" الصادر عن مركز احياء التراث العربي في الطيبة، ومن اعداد الدكتور عبد اللطيف البرغوثي. وفي هذا البحث القيم يشير ابو هدبا الى ان حديثه عن العادات والتقاليد في ظل الانتفاضة هو بمثابة تقديم صورة جلية وواضحة ومتحركة للحياة في مجتمعنا الفلسطيني في ظرف خاص ومميز.
لقد رحل عبد العزيز ابو هدبا بهدوء وصمت، بعيداً عن الضوضاء والصخب والضجيج الاعلامي، وبعد ان اعطى وقدم بسخاء، وتصرف بنبل ووفاء وسمو اخلاق،وحياة بسيطة عاشها بتواضع جم وقناعة تامة. فسلاماً لهذا الرجل الذي افنى عمره في خدمة التراث والقضية الوطنية، ولكل كواكب ورموز فلسطين في مختلف مجالات ريادتهم وعطائهم، الذي كتبوا وسطروا بلغة الموت والشهادة خطاب ونص الحلم والحرية، سلاماً لهم جميعاً حتى مطلع الفجر.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى