الاثنين ٩ حزيران (يونيو) ٢٠٠٨

رشيد سوسان يصدر مجموعته الشعرية الأولى

ازدانت رحاب المشهد الشعري بشرق المملكة المغربية – الأسبوعَ الأولَ من الشهر الجاري – بمولودٍ شعري جديدٍ توفرت فيه مواصفات الفَرادة والألق الإبداعي. إنه مجموعة شـــعرية اختار لها صــاحبها من الأسامي تعبيراً شعرياً مشــحوناً بالإيحاءات والظِّلال نصُّه "إيقاعات نشيد العشق"، وهو العمل الشعري الأول للشاعر رشيد سوسان، صدر عن دار النشر الجسور بوجدة، في سبع وتسعين (97) صفحة من القِطْع المتوسط تقريباً.

تؤثث فضاءَ غلاف المجموعة الأول/الأمامي مجموعةُ عناصرَ تتمثل في اسم الشاعر الواقع أعلى صفحة الغلاف، وأسفله كُتِب عنوانُ المجموعة بخط بارز وبلون أزرق داكن، ونُصَّ على جنس العمل الأدبي بلفظة "شعر" مباشرة بعد عبارة العنوان، وأثبِتَ في أسفل صفحة هذا الغلاف رقم الطبعة وتاريخها، وتحتلّ الوسطَ لوحةٌ تشكيلية معبِّرة ومنسجمة تماماً مع فحْوى المجموعة، برع في رسمها الفنان محمد الصالحي. واللـــوحة تجمع بين البياض والسواد،و هـما لونان أساسيان كلاســيكيان، والحمرة وبعض الخضرة، وتصور طريقا غير مستقيمة ولانهائية، وطبعاً فهي موحية وتحتمل أكثر من قراءة وتأويل. ويغلب على الغلاف الأول اللون الأزرق الفاتح الرامز،عادةً، إلى الصفاء والتفاؤل والهدوء. ويتكون غلاف المجموعة الخلفي من ثلاثة عناصر رئيسة؛ أولها مقتطَعٌ من شعر الشاعر آثر المبدع إثباته في هذا الموضع بالذات لاعتبارات أكيدة، وثانيها الدار الناشرة للعمل، وآخرها ثمن البيع للعموم؛ وهو – للإشارة – في متناوَل القارئ المغربي، ولا يعكس أبداً قيمة المجموعة وما تحتويه من شعر راقٍ ومن كَلِم جميل عَزَّ مثيله في أيامنا هذه. وجاءت الصفحة الداخلية الأولى بيضاءَ، وتضمَّن وجه الثانية عناصر الغلاف الأول عدا اللوحة، على حين اشتمل ظهرها على مجموعة من البيانات القانونية وغيرها مما يُذكَر عادة في مثل هذه الأماكن. وخَصَّ الصفحة الثالثة بنص موازٍ تجلى في إهداء مقتضَب وجّهه الشاعر – شعراً – إلى بعض أقاربه. وأفرد الصفحة الرابعة – المُفْتَتَحة ببسْملة – بتنبيهٍ مهمّ، أشار فيه إلى زمــن نظْم نصوص المجموعة ومكـــانها. فهي مكتـــــوبة ما بين 1990 و2007، في مدن مختلفة من شمال المغرب وجنوبه وشرقه وغربه. وختم المجموعة بفهرس شامل، متبوعٍ بورقة بيضاء.

تتألف مجموعة "إيقاعات نشيد العشق" من ثلاثة دواوين شعرية مُصَدَّرة بافتتاحية أسْماها الشاعر رشيد سوسان "فاتحة النشيد". وعُنْوِنَ الديوان الأول بمفرَدَة " احتراق"، وفيه ستُّ قصائد تفعيلية هي: أماه لحنك في الفؤاد – آهات في تل النسيان – فيوضات الطيف الغادر – أشجان الفرات – سلم في عيني طفل فلسطيني – مدينة النحاس، والديوان الثاني بلفظة " لفحات"، وفيه ستة نصوص شعرية حرة هي: أنتِ الهدى يا غاليه – صرخات ملتهبة – مطر العراق – تحية – لنعش معاً ألق الغياب – احتفاء بالسراب، والديوان الثالث بكلمة " ترانيم"، وفيه ست قصائد كذلك،كلها تفعيلية باستثناء الأخيرة منها، وهي: حديقة الشعر – كتاب الكون – ألق الذكرى – نداء أمين – سحر كالشهب – نشيد العشق. مؤدَّى هذا أن الشاعر قد وازن بين الدواوين الثلاثة من الناحية الكَمّية. واللافت للنظر أن الشاعر لم يُذيِّل نصوصه بتواريخ نظمها ولا بأمكنته؛ بخلاف ما يفعل أكثر شعرائنا المعاصرين؛ لما لذلك من أهمية، وأن جلَّ هذه النصوص أهداها الشاعر إلى بعض معارفه ورفاقه.

والشاعر رشيد سوسان مبـــدع متميز وُهِبَ ملكة القريض وهو مـا يزال صغيراً، وصَقـــلها عن طريق قـــراءاته الكثيرة والمستمرة لشعر الشعـــــراء العرب القدامــى والمُحْدَثين والمعاصرين سواء أكانوا مشارقة أم مغاربة أم مَهْجَريين، وعن طريق احتكاكه بعدد من شعرائنا الكبار ومُجالستهم، ولاسيما شعراء الشرق المغربي المعـروفون. وقد لمس شاعريتَه تلك غيرُ واحد من نقادنا المتذوِّقين للكــــلمة الشعرية. وهو كذلك باحث رصين متمكِّن من إواليات البحث العلمي، متخصص منذ سنوات في الأدب المغاربي المعاصر؛ نقدِه وإبداعِه، يُحَضّر الآن أطروحة جامعية لنيل شهادة الدكتوراه،تحت إشراف الأستاذ القدير د. مصطفى اليعقوبي، وذلك في موضوع ذي صلة بالمصطلح النقدي. وللشاعر جملة وافرة من النصوص الإبداعية الشعرية التي سبق له أنْ نشرها في كثير من الصحف الوطنية والعربية، الورقية والرقمية. وشارك في عديد من المهرجانات والملتقيات الشعرية في مناسبات مختلفة. وله دراساتٌ نقدية أيضاً معظمُها غير منشور بعدُ.

إن المجموعة الشعرية التي نحن بصدد الحديث عنها في هذه العُجالة عمل إبداعي متميز، وإضافة مهمة إلى ريبرتوار الشعر المغربي المعاصر بخاصة والعربي بعامة. وتكشف القراءة الأولى لها عن سِحْرٍ يَسِمُها يَجْذِب القارئ جَذباً إلى قراءتها والاستمتاع بدُرَرها، وعن صدقٍ ورهافةِ حِسٍّ تحلّى بهما الشاعر في الواقع وجسَّدهما إبــــداعاً! ومما زاد المجموعة المذكورة جمالاً إخراجُها البديع، ووضوح خط نصوصها التي تكفل الشاعر نفسهُ بضبطها بالشكل التام... وستكون لنا عودة ووقفة أخرى مطوَّلة مع هذه المجموعة لاحقا إن شاء الله تعالى.

وفي ختام هذا التقرير الواصف الموجَــز، أترك القارئ مع هذا المقطع المقبوس من أحد نصوص الشاعر رشيد سوسان: (بتصرف)

في مساءِ الكلماتْ
تصبح الأغصانُ حُبْلى...
لا تعاني غُصَّةً،
لا تشتكي عُسْرَ الولادهْ.
في سماءِ الكلماتْ
تُورق الأشجارُ، لكنْ
لا ترى إلاّ خريفاً
و حقولاً...
لِتناسُخ الهَجَنْ!!
ثم احتفالاً
بالعَوادي... والسَّرَابْ.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى