السبت ١٩ تموز (يوليو) ٢٠٠٨

رضا عودة وإرهاصة بأديب استتثنائى

(اعترافات منهزم).. مجموعة قصصية استثنائية للأديب رضا عودة، صاغها بنفس هادئ صبور متأن، تلمس فى كل سطر من سطورها اجتهاد مؤلفها فى أن يعطيها ما يجب من رعاية وتفصيل دون إفراط ودون إلحاح وإسهاب.

"أضع يدي في يد "سهام"، نجول في شوارع ضيقة، مبلطة بأحجار بازلت سوداء ملساء، تنزلق رجلي فأتساند علي "سهام"، وعيني تتابعان رطوبة سارحة في جدران مبان قديمة، بشبابيك أدوارها الأولي الوطيئة المفتوحة، وتغرس عيناي في صور المسيح علي الصليب وتاج الشوك يكلل رأسه، المعلقة علي جدران غرف بطلائها المتساقط.

ننحرف شمالا ونكون أمام الكنيسة وعسكري شاب جالس علي كرسي أمام البوابة مسنود بجانبه بندقية آلية والسور العالي المنيع مرشق بزجاج مكسور مشدود عليه سلك شائك أيضا، أسأل"سهام" متي رشق السور بالزجاج المكسور ولماذا شُّد السلك الشائك؟، تبتسم ولا تجيب".

جو عام تجد نفسك محاطا به، تظنه حينا فيض من الماضى، وتكتشف حينا أنه آنى صرف، وتشك حينا فى أنه خيالى محلق فى أجواء الحلم. وفى جميع الحالات هو شديد الالتصاق بنا وبحياتنا ومشاكلنا وأفراحنا وعاداتنا.

"أمها ورغبتها المستميتة في تزويجها. قالت إنك وهم، قوقعة، ملتفا علي ذاتك، رافضا كل شيء، تخيلتك قوقعة في مستنقع آسن وضحكت حتى ظنت أمي إنني فقدت عقلي، هل غضبت؟ لا.. لم أتركها تستمتع بمضغ لحمك لهذا الحد، قالت أيضا إنك شبح وهي تريد لي رجلا من لحم ودم، يغضب، يرغب، يفرح، يشارك، يصخب، وليس قوقعة يمر بجوارها الناس دون انتباه. قلت، لها، إنها لا تعرف عنك غير المظهر الخارجي، لم تنجح في استكناه ذاتك، قلت أشياء كثيرة، قبلت خدها وأنا اضحك منفلتة من الباب طائرة إليك أعرف أنك هنا تبني في عقلك عالمنا المفقود".

شخوص تكاد تجزم أنك صادفتهم، قريبون منك، تلمحهم وأنت فى طريقك لعملك، وأنت فى محطة القطار، وأنت تطل من شرفتك.. شخوص هم نحن.. لكنهم بقلمٍ مبدعٍ صاروا شخوصا ساحرة متلألئة تخطف انتباهك وتثير فضولك لتكمل تعرفك إليها.

صُدِّرَت "اعترافات منهزم" بمقدمة كتبها الأديب المتميز إبراهيم حمزة، وكتب فى بعض سطورها:

"هذه القصص الراقصة بين الرواية القصيرة والقصص، تقدم تجارب تحمل عطر خصوصيتها......

كل قصة من قصص المجموعة تلقى خلفها بأحداث كثيرة وأفكار كثيرة، يـنقى الكاتب لغته وحدثه وشخوصه قبل ان يلقى بهم على مائدة قارئه؛ فتشعر أن أحداثا كثيرة لم تكتب وأفكارا هائلة سبقت؛ حتى يوصل لك قصته خالية من الزوائد الكتابية المؤلمة، هذه عبقرية من الكاتب...."

"اعترافات منهزم" تضمنت أربع قصص هى: سلوى، اعترافات منهزم، النورس، المسافر. وقد صدرت عن مركز نهر النيل للنشر فى مائة وثمانى وعشرين صفحة من القطع العادى.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى