الثلاثاء ١٥ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٣

شيءٌ مِن وَطنٍ...

جـودت عيـد
أنظرُ إليكَ من بعيدْ...
يستوقفني شموخُكَ!
أنا أعرفُكَ حقَّ معرفةٍ
في كلَِّ حين أعرفُكَ
في الغضبِ أعرفكَ
في الفرحِ في الوعيدْ
في البردِ ألتحفُكَ
أصنع منك قبَّعةً في القيظِ
أو مظلَّة!
أعيش دمعَكَ
أتنفس صدى شوارعَك/ شوارعي!؟
أشرب من مطرِكَ/ من مَطري!؟
أزرعُ الجبلَ بفرحِ البرقوق
أقوم من الوحل من بين الزَّنبق
أزاول طقوسَ العيدْ
يا أنتَ... الذي تلفّ جَسدي
ترسم وشمًا على كَتِفي
تأكل على طاولتي
ترقص في عرسي
تمشي في المهرجان أمامي
يا أنت... الذي لا تعرفني
تحدّق في عينَيَّ... ولا تراني
لا من قريبٍ ولا من بعيدْ
أُفُقُكَ الأزرقُ
يلوِّن ضفتيَّ نهرٍ ليسَ لي!
لا يقبلُ أسراري
لا يقبلُ أحزاني
لا يقبل جسدي
لا دمعي ولا عريي
منطقةٌ محظورة
لا أجدُ لي فيها متَّسعًا
بين المحتفلين باليوم السعيدْ
أنت لا تعرفُ يومَ ميلادي
ولا تعرفُ تاريخ مَماتي
لا تعرفُ أسمائي ولا وجوهي!
ليس لي طعمٌ
أحيانا لي لونٌ
أليس لي؟!
ليسَ لي مكانٌ في أجندَةِ بطولاتِك
بَحرُكَ يرفُضُ مُرجاني
يعتقل زبدَ أمواجي
لا يستقبلُ سفينتي ولا حتى مرساتي
يَمحو سِجِلاتي
لا يدوِّن أَخباري
في نشرةِ الغد ولا الأمس
ولا في صباح الجديدْ
قَبِلتُك... بكلّ شيءٍ
قَبِلتُك... بكل حال وحال!
قبلتُ فراغَك الأبيضَ
وما قبلتُ!
قبلتُ الخسارةَ وما قبلتُ!
قبلت كلَّ ما فيك من جبروت
وما قبلتُ!
قبلتُ البقاءَ... قبلتُ ألوانَك
وما قبلتُ!
كي تراني!
وحين "رأيتَني"... لم تَرَني!
 
في الصباح طلبتَ مني التحيَّة
في الظهيرة رفضتَني وقلت: "أنت غريبْ"
في المساء أنكرتَني
في العتمة سألتني: "لماذا لا تدخل البيتَ؟"
بيتَك!؟ بَيتي؟!
أنتَ لا تعرف أين بَيتي ولا تريد أن تعرف!
قَدَمي الأولى تذهب إلى هناك
قَدَمي الأخرى تذهب إلى هناك آخر
جسدي يذهب إلى هنا
أنتَ لا تسمعُ صوتي
فصوتي حشرجةٌ أخرى في التّيه
أحيانا صَوتي سيناريو مؤقت جدًّا
لِدُميةٍ نرفعُها على ما تبقى من الكَتفِ
نصفق لها حين تلتقط ما تلفظه أنت
من فتات وحَديدْ!
أحترق عند حدودِ السماء
أتفوَّق على ذاتي وأقوم
كطيرٍ خرافيٍّ من رمادٍ أعودْ
آكل اللَّوزَ
أشبعُ من رائحةِ الحبقِ
أعبرُ إلى مدارات الشَّمسِ
أبحثُ عن لَوني هناك
أرسمُ لي بيتًا
في تقاسيمِ وجهِك/ وَجهي!
في كل المنافي
أجدُني نشيدًا للعبور
أَلبِسُ ما أختارُ من ألوانٍ
أَصبغُ الفجرَ بما أريدْ
شئتَ أَم أبيتَ!
لوْني يمتزجُ في ترابِ هذهِ الأرضِ
لوْني يمتزجُ في سماءِ هذه الأرضِ
شئتَ أَمْ أَبَيتَ!
لوْني يمتزجُ في شمسِ هذه الأرضِ
لوْني يمتزجُ في بخورِ هذه الأرضِ
شئتَ أَمْ أَبَيتَ!
لوْني يمتزجُ في وجهِ هذه الأرضِ
لَوْني كالجذرِ، كالهواءِ، كالحجارةِ
باقٍ في هذهِ الأرضِ.
"لا تحية" أرفعها إليك أيها العَلم الأشمّ!
"لا تحية" أرفعها إليك أيها العَلم الأصمّ!
شئتَ أَمْ أَبَيتَ!
تحيةٌ واحدةٌ...
تحيةٌ واحدةٌ جامعة مقدسة أرفعها لشيءٍ من وطنٍ!
جـودت عيـد

مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى