الثلاثاء ٨ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١١
بقلم محمد محمد علي جنيدي

عيون الشمس

عيونُ الشَّمسِ تصحبُني صباحا وتلقي الضَّوءَ كاشفةً جراحا
تُذكِّرُني بأمجادِي وتبكي وترفعُ فوق وادينا نُواحا
فيهتزُّ الفؤادُ لها مجيباً ويصبحُ صمتُهُ بوحاً مُتاحا
ويذكرُ عهدَ أبطالٍ سيبقى كنهرٍ ظلّ مشربُهُ قَراحا
فأرضُ العُرْبِ شاهدةٌ وكانتْ نشيدَ النّاسِ تتلوه امتداحا
ركبنا المجدَ والتّاريخُ يرعى فأشهدناه دعوتَنا صلاحا
فكيف بنا وقد تاه المسيرُ وأضحى عزُّنا صيداً مُباحا
ومن أدمَى تماسكَنا المهيبَ دماءً أخلفتْ ريحاً وفاحا
فأين غناءُ أقوامٍ تلاشتْ وقد أمستْ نشيداً مُستباحا
وأين رباطُ ماضينا المتينِ وأين دواءُ من كانوا صِحاحا
وأين نشيدُنا في «ابنِ الوليدِ» وهل تضوي عزائمُهُ رَواحا
ألا نمضي إلى إشراقِ فتحٍ سرى زمناً وأورثنا مَراحا
وأين يقينُ «عقبةَ» في ضميرٍ إذا أسقاه يرويه ارتياحا
بلادُ المغربِ اعتنقتْه رمزاً وبابُ الفتحِ قدْ لاقى افتتاحا
وأين مُجيرُ من نادتْ فأمضى جيوشَ الحقِّ مُردِعةً قِباحا
«أمعتصمَ العروبةِ» جاء يومٌ تقاتلنا فلم نرحمْ نياحا
وأين «صلاحُنا» البطلُ المُفَدَّى وبوحُ القدسِ يسألُنا سَراحا
فلم تغضبْ رياحُ القومِ يوماً ولا سَمِعَتْ مسامعُنا صِياحا
وأين الغيثُ يا«قطزَ» التَّحدي ألا من قطرةٍ تُحيي كفاحا
فمسجدُنا الأسيرُ لكم يُنادي أُسرتُ فمن سيحملُ لي سلاحا
وبعد جراحِ بغدادَ ارْتضينا لها قهراً وظلماً واجتياحا
فقد غرب الَّذي عادى عُلاها ليسطوَ ثعْلباً يُلقي جُناحا
أعاصمةُ الخلافةِ نرْتضيها كنجمٍ قد هوَى ثمّ استراحا
وما يجري بمصرَ على عيونٍ تشاطرُ حزنَها ليلاً صباحا
وقد وضع الحقودُ لها شباكاً لعلّ الجوعَ يُفنيها افْتضاحا
مناهلُها لكلِّ النّاسِ غيثٌ وصوتُ الحقدِ يُسمعُها نِباحا
فلن تأسى ومشربُها مَعِينٌ وكان شرابُهُ سمّاً ورَاحا
قِفوا يا أمّةً صبرتْ طويلاً لعلّ مدادَ حقدٍ أن يُطاحا
إذا ما الأمُّ قد وقعتْ وقعنا وإذ وقفتْ نرى عزّاً بَراحا
وكم صبرتْ بني غازي على صمتٍ وأضحتْ بعد ملحمةٍ فِصاحا
أيا ليبيا تَبَدّى الليلُ فجراً عسى يا فجرُ تُصْبحُ مُسْتراحا
وتونسُ أفْزَعتْ ظلماً تولَّى أحالتْ نومَ أوطانٍ رياحا
فمعدنُهمْ نفيسٌ من قديمٍ ومن يبعِ الهوى يُجنِ الرَّباحا
وصنعاءُ الّتي فقدتْ زهوراً لكم صبرتْ وقد كبحتْ جِماحا
حضارتُهمْ لها نورٌ تجلّى ونصرُ اللهِ آتيهمْ فِساحا
وفي البحرينِ عاصفةٌ تبدّتْ ولولا اللهُ لاجتاحتْ بِطاحا
وفي السُّودانِ كاد لداءِ همٍ يدمرُهُ ولا يَلقَى لَقَاحا
ولكنّ الّذي زرع التَّشاكي أراد الحقَّ أن يبدو مِزاحا
أيرضينا عيونُ دمشقَ تبكي ولا نُبدِي لِشكواها اقتراحا
ينيرُ دموعَها صحوٌ شريفٌ وبات قوامُها صدقاً صُراحا
ألا يكفي بلادَ العُرْبِ داءٌ لهُ جرحٌ يفيضُ ولا أراحا
ألا يكفي دَمٌ أضحى قِصاصاً أباد أمانَ أمصارٍ وساحا
فلن نرضى بغيرِ الشَّعبِ يقضي قضاءَ الحقِّ يُلبسُهُ وشاحا
ولن نرضى على ظلمٍ تمادَى ولم يلدِ الهوى إلا سفاحا
فكونوا أمَّتي سدّاً منيعاً أحيلوا دمعةً يأستْ نجاحا
بوحدتِكمْ سيشفي اللهُ قلباً يتوبُ لهُ ويملأُه انْشراحا
بوحدتِكمْ سيطوي اللهُ بغضاً سرى زمناً وأمطرنا فِتاحا
تحابوا نملأِ الوجدانَ نوراً نصادقُهُ فيمنحُنا فلاحا
تحابوا تُصبحوا نغماً فريداً قصيداً يمنحُ القاصي سماحا
بحولِ اللهِ موكبُنا سيمضي ويشفي كلَّ من يشكو جراحا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى