الثلاثاء ٨ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١١
بقلم
عيون الشمس
عيونُ الشَّمسِ تصحبُني صباحا | وتلقي الضَّوءَ كاشفةً جراحا |
تُذكِّرُني بأمجادِي وتبكي | وترفعُ فوق وادينا نُواحا |
فيهتزُّ الفؤادُ لها مجيباً | ويصبحُ صمتُهُ بوحاً مُتاحا |
ويذكرُ عهدَ أبطالٍ سيبقى | كنهرٍ ظلّ مشربُهُ قَراحا |
فأرضُ العُرْبِ شاهدةٌ وكانتْ | نشيدَ النّاسِ تتلوه امتداحا |
ركبنا المجدَ والتّاريخُ يرعى | فأشهدناه دعوتَنا صلاحا |
فكيف بنا وقد تاه المسيرُ | وأضحى عزُّنا صيداً مُباحا |
ومن أدمَى تماسكَنا المهيبَ | دماءً أخلفتْ ريحاً وفاحا |
فأين غناءُ أقوامٍ تلاشتْ | وقد أمستْ نشيداً مُستباحا |
وأين رباطُ ماضينا المتينِ | وأين دواءُ من كانوا صِحاحا |
وأين نشيدُنا في «ابنِ الوليدِ» | وهل تضوي عزائمُهُ رَواحا |
ألا نمضي إلى إشراقِ فتحٍ | سرى زمناً وأورثنا مَراحا |
وأين يقينُ «عقبةَ» في ضميرٍ | إذا أسقاه يرويه ارتياحا |
بلادُ المغربِ اعتنقتْه رمزاً | وبابُ الفتحِ قدْ لاقى افتتاحا |
وأين مُجيرُ من نادتْ فأمضى | جيوشَ الحقِّ مُردِعةً قِباحا |
«أمعتصمَ العروبةِ» جاء يومٌ | تقاتلنا فلم نرحمْ نياحا |
وأين «صلاحُنا» البطلُ المُفَدَّى | وبوحُ القدسِ يسألُنا سَراحا |
فلم تغضبْ رياحُ القومِ يوماً | ولا سَمِعَتْ مسامعُنا صِياحا |
وأين الغيثُ يا«قطزَ» التَّحدي | ألا من قطرةٍ تُحيي كفاحا |
فمسجدُنا الأسيرُ لكم يُنادي | أُسرتُ فمن سيحملُ لي سلاحا |
وبعد جراحِ بغدادَ ارْتضينا | لها قهراً وظلماً واجتياحا |
فقد غرب الَّذي عادى عُلاها | ليسطوَ ثعْلباً يُلقي جُناحا |
أعاصمةُ الخلافةِ نرْتضيها | كنجمٍ قد هوَى ثمّ استراحا |
وما يجري بمصرَ على عيونٍ | تشاطرُ حزنَها ليلاً صباحا |
وقد وضع الحقودُ لها شباكاً | لعلّ الجوعَ يُفنيها افْتضاحا |
مناهلُها لكلِّ النّاسِ غيثٌ | وصوتُ الحقدِ يُسمعُها نِباحا |
فلن تأسى ومشربُها مَعِينٌ | وكان شرابُهُ سمّاً ورَاحا |
قِفوا يا أمّةً صبرتْ طويلاً | لعلّ مدادَ حقدٍ أن يُطاحا |
إذا ما الأمُّ قد وقعتْ وقعنا | وإذ وقفتْ نرى عزّاً بَراحا |
وكم صبرتْ بني غازي على صمتٍ | وأضحتْ بعد ملحمةٍ فِصاحا |
أيا ليبيا تَبَدّى الليلُ فجراً | عسى يا فجرُ تُصْبحُ مُسْتراحا |
وتونسُ أفْزَعتْ ظلماً تولَّى | أحالتْ نومَ أوطانٍ رياحا |
فمعدنُهمْ نفيسٌ من قديمٍ | ومن يبعِ الهوى يُجنِ الرَّباحا |
وصنعاءُ الّتي فقدتْ زهوراً | لكم صبرتْ وقد كبحتْ جِماحا |
حضارتُهمْ لها نورٌ تجلّى | ونصرُ اللهِ آتيهمْ فِساحا |
وفي البحرينِ عاصفةٌ تبدّتْ | ولولا اللهُ لاجتاحتْ بِطاحا |
وفي السُّودانِ كاد لداءِ همٍ | يدمرُهُ ولا يَلقَى لَقَاحا |
ولكنّ الّذي زرع التَّشاكي | أراد الحقَّ أن يبدو مِزاحا |
أيرضينا عيونُ دمشقَ تبكي | ولا نُبدِي لِشكواها اقتراحا |
ينيرُ دموعَها صحوٌ شريفٌ | وبات قوامُها صدقاً صُراحا |
ألا يكفي بلادَ العُرْبِ داءٌ | لهُ جرحٌ يفيضُ ولا أراحا |
ألا يكفي دَمٌ أضحى قِصاصاً | أباد أمانَ أمصارٍ وساحا |
فلن نرضى بغيرِ الشَّعبِ يقضي | قضاءَ الحقِّ يُلبسُهُ وشاحا |
ولن نرضى على ظلمٍ تمادَى | ولم يلدِ الهوى إلا سفاحا |
فكونوا أمَّتي سدّاً منيعاً | أحيلوا دمعةً يأستْ نجاحا |
بوحدتِكمْ سيشفي اللهُ قلباً | يتوبُ لهُ ويملأُه انْشراحا |
بوحدتِكمْ سيطوي اللهُ بغضاً | سرى زمناً وأمطرنا فِتاحا |
تحابوا نملأِ الوجدانَ نوراً | نصادقُهُ فيمنحُنا فلاحا |
تحابوا تُصبحوا نغماً فريداً | قصيداً يمنحُ القاصي سماحا |
بحولِ اللهِ موكبُنا سيمضي | ويشفي كلَّ من يشكو جراحا |