الثلاثاء ١٧ آذار (مارس) ٢٠٠٩
مقالات ساخرة
بقلم وليد رباح

فنانه مع سبق الاصرار والترصد

(ازيك يا زيزي.. بتشتغلي ايه الايام دي.. يا ختي بلا وكسه.. قال باشتغل فنانه.. فنانه يعني ايه ؟ رقاصه ؟ ولا يعني رقاصه ؟ يا ختي انا بتعت كله.. رقص على هز وسط على مغنى على ما اعرفش ايه)

رحم الله الفنان الكبير يوسف وهبي. فقد وصل الى اسماعنا من مقولاته الاثرية.. شرف البنت زي عود الكبريت. يولع مرة وحدة بس (يا للهول) ولو عاش الفنان الاستاذ وهبي الى هذا الزمن لاستطاع ان يغير مقولته.. فقد (اخترع) الاطباء المحدثون دواء للشرف. بحيث يولع عود الكبريت مئات المرات.. ومع هذا تظل الفتاة (عذراء) وتستطيع ان تضع اصبعها في عين من ينكر ذلك..

اما نحن في الجالية العربية التي تعيش في المهجر.. فقد اصبحت لدينا الان غشاوة على العين والقلب معا.. فما ان يعلن متعهد عن استقدام فنانه.. حتى نركع على ارجلنا واقدامنا واكواعنا وكل ما فينا نرغب برؤية الفن الراقي والغناء (الرفيع) مع وضع نقطة اخرى على حرف الفاء.

وتشرب المقلب عن آخره.. فما ان تبدأ (الفنانة) بالزعيق حتى تقضي بعض الوقت نائما.. وعندما تستفيق تهرب من الحفلة ان كنت تقدر الفن.. وحتى النوم لا تستطيع ان تهنأ به.. فان رأت الفنانة ان (الشعب) نام ايقظته بهزة من وسطها وغمزة من عينها ولمسة من عصاها السحرية او فستانها الهفهاف الذي تلقيه عادة على اول زبون قريب منها.. فان رأت الفنانة ان (الجماهير) لم تعجب برقصها ذهبت الى الكواليس وغيرت الفستان بآخر يكشف بصورة اعمق عن تضاريس الجسد الطري والعود الندي.. وعينك ما تشوف الا النور.. يبدأ الجمهور بالزعيق والصراخ وكأن مسا اصابه وعد في قائمة المجانين.. فيكثر الهرج والمرج.. ويصعد الجمهور الى الكراسي والمناضد.. وان كانت هناك (ستات) يرمين بانفسهن الى باحة الرقص وهات يا وله.. ثم في نهاية الحفل يتحرك شارب الرجل الذي ترك زوجته لتذهب الى الحلبة فيغار على (شرفه) ويهجم بصورة جهنمية على مجموعة من الشباب غازلوا زوجته وهي ترقص او حاول احد لمسها او مداعبتها بقليل الكلام او كثيره، والخلاصة، طوشه أو عركة من الطوش المرتبة.. وتطل من الردهة فترى سيارات البوليس تطوق المكان.. وتسأل ما الذي اتى بالبوليس فيقول لك البوليس نفسه.. انها طوشة عرب.. وعرب يا رسول الله.

ولقد هرع الينا في الاونة الاخيرة جموع (الفنانين) من الوطن. بعضهم يعد من فناني الدرجة العشرين.. ولم يسمع بهم احد هناك.. يلمعهم المتعهد ويجعل محمد بن عبد الوهاب (المطرب وليس الشيخ) تلميذا لهم.. ولكنهم ما ان يصعدوا الى الميكروفون حتى تكتشف انك تستمع الى كلب يعوي او قطة تموء او حمار ينهق.. فتكفر بالطرب والمطربين وتتمنى ان لا تكون قد دفعت المائة دولار قيمة التذكره.. مع العشاء الذي هو عبارة عن قطعة من الدجاج مع قليل من الصلصة والتي لا تساوي نصف دولار في مجملها.. ومع هذا تصبر على الوضع وتأكل هنيئا مريئا.. الا ان الذي يزعجك كثيرا ان كانت المطربة او الفنانة طرية العود انها لا تنظر اليك وحدك.. ولكنها تنظر الى كل الموجودين في الحفل.. وتحاول دائما ان ترى الزبون (المدهن) فترمي شاشها عليه وتمتد الكهرباء منها اليه ويحدث (ما لا يحمد عقباه)

تصوروا.. لقد وصل ببعضهم الحال الى ان يكمن في الطريق بعد انتهاء الحفل لاخر لكي يكسر رأسه لانه تجرأ ونظر الى جسد الراقصة وهي تتلوى.. وقد ظن من يفعل ذلك ان تلك الراقصة له وحده ولا يشاركه فيها احد (طبعا يحدث هذا قبل ان تطير السكرة من رأسه) ومع ان الغباء يقطر من ذلك المعتدي الا ان الفنانة توزع ابتساماتها وقبلاتها بالتساوي.

دلوني على حفلة عربية مضت بخير (الا ما ندر) ولم تتكسر فيها الكراسي.. ولم تهرب فيها الفنانة من الباب الخلفي.. اننا فقط نرجسيون نريد كل شىء لنا وحدنا.

رحم الله الزمن الذي مضى.. فقد كان الفنان (طريشا او دهينا او ميكانيكيا) في النهار ومطربا في الليل.. ومع كل ذلك يبدع.
اما اليوم فقد تفرغ الفنان وتفرغت الفنانة.. ولكنك تستمع او تشاهد مجموعة من (الحرافيش) يطلق عليها اسم فنانين.. ويا روحي ع الحرافيش..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى