الأربعاء ٢٢ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٨
بقلم أحمد مظهر سعدو

في حضرة المسؤول وعصابته

شاءت الأقدار أن أكون موجوداً في جلسة يحضرها زبانية مسؤول وآخرين شهود على ما يجري حيث يتربع على ناصيتها ذلك المسؤول، بجبروته وعنفوانه الكاذب، نافشاً ريشه رافعاً ذؤابة انتفاجه، مستزلماً لرهط من شريحة فاسدة، نخرها الفساد، وجابت الدنيا شرقاً وغرباً باحثة عن مواطن سهلة لنهب ما برح ينخر في جسم الوطن عبر إداراته ومؤسساته ووزاراته.

في جلسة التحضير لمؤتمر الفساد كان الجميع قد جمعوا أداة الشغل وعدده، وتنكبوا سيوف العهر المتناقض مع أية قيمة أخلاقية، دأب المجتمع العربي على تعليمها للفرد قبل الجماعـة.. كـان المسؤول ينطق " وما ينطق عن الهوى "؟! بل هو كلام " لا يدخله الباطل من بين يديه ولا من خلفه "؟! كما يرى زبانية المسؤول ويؤمَّنون عليه .. فيجعل من الحق باطلاً، ومن الباطل حقاً .. وهذا المسؤول ويا فرحة أهله به ، فقد باع العلم والمعرفة والموقع الأكاديمي الذي أتى من خلاله وعبر بوابته إلى موقعه – أعزه الله بهذا الموقع؟! ولا فجعه بإحالته إلى بيته في يوم قريب ..!! .

استمعت إليهـم طويـلاً وهم يتلاطمون يمنة أو يسرة، قابعـين بين ظهراني منفعة، ومصلحة سلطوية، تستنزف أموال الناس، عبر نهب منظم لميزانية جارية أحياناً، واستثمارية أحياناً أخرى، وفرحهم لرسوَّ العرض على صاحب لهم كانوا قد عملوا جاهدين على أن يحصل على تعهد مرموق بأموال "مليونية" تكون حصتهم منها بعشرات الملايين.

فـي حضرة المسؤول كنت أبحث في عيون الحضور وأدقق في إيماءات الركـب، وأنصـت إلـى كيفية الدخول في أحاديث لا هدف لها إلا التطمير للمسؤول، وإرضاء غروره، طمعاً بهبرة أكبر من ضحية جديدة، بل ضحايا جددِ لا غرو أنهم سيكونون أكثر ظلامة من الذين سبقوهم في الإيمان!؟.

وعندما هممت بمشاركتهم حديثهم الفاسد هذا، عدت الهوينا وتراجعت عن إقحام نفسي بحديث الإفك، وحوار الطرشان، الذي لا ناقة لي به ولا جمل.. لكني أبداً ما ترددت عن ربط ما رأيت بحالة فوات كبرى تلف الوطن الصغير ومن ثم الكبير، ضمن سياقات نهبوية منظمة وحالات شفط بسمات مستدامة، تنهل من معين اقتصـاد وطني قالـوا عنه أنه اجتماعي للسوق، هروبـاً مـن توصيفات السوق الحـرة أو اقتصاد السوق.. " دعه يعمل دعه يمر " هذه السياقات لا هم لها إلا تراكم رصيدها في بنوك الخارج قبل الداخل، حرصاً على مسيرة مستقبل لا يعرف أحد ماهية خطوطه، أو رسم مؤشراته وآلياته.

في حضرة المسؤول وعصابته المنظمة، وضمن تلافيف عصابة مكتملة الخطوط والأهداف.. لاح في مخيالي وطن مسجى، وانبلاجة صبح لابد آتية.. واضمحلال فساد فاق كل متوقع حتى بات الوطن يتبوء منه وبه مراتب متقدمة بين أسماء الأوطان في هذه المعمورة المترامية الأطراف.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى