السبت ١١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢٣
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

في ذكرى وفاة الموسيقار إبراهيم حجاج

الموسيقار إبراهيم حجاج من مواليد 14 أبريل عام 1916 في حي بولاق بالقاهرة وقد أحب الموسيقا منذ الصغر وكان في طفولته يجمع الزجاجات ويضعها بجوار بعضها ثم ينقر عليها بالمعلقة وكان يشعر بسعادة كبير من الأصوات الصادرة من تلك الزجاجات كما كانت تمر بالقرب من بيتهم فرقة الكشافة النوبية فتبهره بعزفه وكثيراً ما سار خلفها وضاع في الشوارع وقد لاقى أهله الأمرين عدة مرات في العثور عليه في أحد أقسام الشرطة أو في بيت أحد الغرباء عن طريق المنادى الذي كان يستأجر لمثل تلك الأغراض

عام 1930 التحق إبراهيم حجاج بمعهد الموسيقى الشرقية وهو الاسم القديم لمعهد الموسيقا العربية وكان عمره آنذاك 14 عاما حيث درس في قسم الموسيق الغربية بالمعهد فدرس آلة الكمان على الأستاذ الآرمنى أرميناك كما درس العلوم الموسيقية على الأستاذ الايطالى كانتونى الذى كان مديراً لدار الاوبرا المصرية آنذاك وبالاضافة إلى ذلك فقد درس علوم الموسيقى العربية على الأستاذ صفر على ودرس بعض الأدوار والموشحات على الأستاذ درويش الحريرى الذى كان حجة فى هذا الميدان ويرجع لهؤلاء الخمسة الفضل فى تكوين شخصية ابراهيم حجاج الموسيقية.

أثناء انعقاد المؤتمر الدولي للموسيقى العربية بالقاهرة عام 1932 أتيح لإبراهيم حجاج أن يستمع إلى العديد من الفرق الموسيقية الزائرة وقد لفت نظرة بشكل خاص الفرق الموسيقية لبلاد شمال افريقيا .. المغرب وتونس والجزائر حيث كانوا يقدمون ألحانهم وهو جالسون على الأرض بزيهم الوطنى كما أنه سمع أم كلثوم لأول مرة فى ذلك المؤتمر ثم تعرف عليها فيما بعد حينما اشتركت فى فيلم عايدة الذى قام إبراهيم حجاج بتوزيع أغانيه وذلك عام 1942 م.

فى الثلاثينات أدخلت وزارة المعارف المصرية تعليم الموسيقى فى مدارسها وقد أختير بعض طلبة معهد الموسيقى الشرقية للقيام بالتدريس فى عدد من المدارس وكان إبراهيم حجاج من بين من وقع عليهم الاختيار للقيام بتلك المهمة وعندئذ تقاضى أول أجر له عن عمل موسيقي وكان كمكافأة وليس كعمل ثابت وكانت الموسيقى فى المدارس اختيارية وهى عبارة عن تعليم مبادئ قراءة التدوين الموسيقى (النوتة) ومبادئ عزف الكمان أو البيانو وفى عام 1935 تخرج إبراهيم حجاج من معهد الموسيقى الشرقية وعين مدرسا رسميا للأناشيد فى وزارة المعارف بالتعليم الإلزامى حيث كان يتقاضى 3 جنيهات ونصف شهرياً بينما كان باقى المدرسين يتقاضون 10 جنيهات ولم يستمر حجاج فى هذا العمل أكثر من عام ونصف.

اسم إبراهيم حجاج بدأ يبرز فى مجال الموسيقى الغربية والتوزيع الموسيقي ولذلك رشحه الدكتور محمود أحمد الحفنى الذى يرجع إليه الفضل فى إدخال تعليم الموسيقى فى مدارس وزارة المعارف المصرية لتدريس الصولفيج والنظريات الغربية فى معهد الاتحاد الموسيقي وكان يقع فى شارع حسن الأكبر بحى عابدين بالقاهرة وكان يديره الفنان الراحل إبراهيم شفيق حيث كان التعليم فى ذلك المعهد مختلطاً من الطلبة والطالبات وكان إبراهيم حجاج يتقاضى جنيهاً ونصف شهرياً ولكنه كان سعيداً إذ رأى الطلبة يرغبون فى معرفة علوم الموسيقى التى كانت حديثة فى ذلك العهد فى مصر والتى كان يريد إبراهيم حجاج نشرها بين أكبر عدد من الناس وكان من نتيجة نجاحه فى هذا العمل ازدياد هذا الطلبة الذين أقبلوا على تعليم الموسيقى على يديه فكانت حصصه تمتد معهم لساعات طويلة كما أنه بدأ يعطى دروساً خاصة لبعض الفنانين المرموقين.

عام 1946 قام إبراهيم حجاج بالتدريس فى معهد الموسيقى الشرقية الذى تخرج فيه فعمل كأستاذ للصولفيج والنظريات وفى عام 1947 ألف كتاب ( النظريات الموسيقية ) ليفيد منه كل دارس للموسيقى.

كون إبراهيم حجاج فرقة موسيقية عربية كانت تقدم الموسيقى العربية التقليدية فى الإذاعة المصرية ولما ضاق بهذا اللون من الموسيقى قام بحل تلك الفرقة وكون أوركسترا صغير ضم الآلات الوترية وآلات النفخ الخشبية والنحاسية واستعان بعازفين أجانب ومصريين ثم قدم برنامجاً عن الموسيقى العالمية بجانب مؤلفاته فما كان من مسئول الاذاعة إلا أن ألغى عقد إبراهيم حجاج ومنع التعامل معه فى الاذاعة المصرية طوال فترة بقائه فى ذلك المنصب وإزاء هذا الموقف اضطر إبراهيم حجاج إلى الاتجاه لتأليف موسيقى الأفلام السينمائية.

عام 1951 أنشأت الإذاعة المصرية اوركسترا سيمفونى وفرقة للموسيقى العربية وقد تولى قيادة الفرقة عزيز صادق وعبد الحليم نويرة وعلى فرج وعطية شرارة وإبراهيم حجاج وقد ضمت تلك الفرقة موسيقيون موهوبون اشتهروا فيما بعد فى الحياة الموسيقية والعربية ومن هؤلاء نذكر محمد عبده صالح وعبد الفتاح منسى وجورج ميشيل وعبد الفتاح صبرى وأنور منسي وأحمد الحفناوى وإبراهيم عفيفى وقدمت تلك الفرقة انتاجا موسيقيا جديداً للموسيقيين.

تولى إبراهيم حجاج إنشاء وقيادة اوركسترا الفرقة القومية للفنون الشعبية منذ إنشائها وظلت الفرقة تجرى تدريباتها لمدة 3 سنوات حتى قدمت عرضها الأول عام 1961 على مسرح البالون وحضره الرئيس جمال عبد الناصر ثم سافرت الفرقة للاشتراك فى مهرجان الفنون الشعبية فى تونس بعد ظهورها بشهر ونصف ومع ذلك فقد حصلت على المركز الثالث فى المهرجان.

شارك الموسيقار إبراهيم حجاج بنصيب وافر من الإنتاج الموسيقي على مدى حوالى نصف قرن من الزمان سواء فى كتابة موسيقى الأفلام أو المسرحيات أو البرامج التليفزيونية أو الاذاعية أو بتوزيع موسيقي أو أغانى غيره من الموسيقيين وكذلك تلحينه الكثير من الأعمال الغنائية بالاضافة إلى كتابته لعدد كبير من المقطوعات الموسيقية

كانت آخر مؤلفات الموسيقار إبراهيم حجاج موسيقى مسلسل ابن تيمية إخراج جلال غنيم ويوم 10 نوفمبر عام 1987 توفى إبراهيم حجاج فى مدينة القاهرة إثر أزمة قلبية فاجأته وهو يؤلف الموسيقى وهكذا أسدل الستار على حياة أحد عظماء مؤلفى الموسيقى المصريين الذى ينتمى إلى الجيل الثانى من مؤلفى الموسيقى المصريين رحمه الله رحمة واسعة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى