السبت ٢٧ آب (أغسطس) ٢٠١١
بقلم عبد الله بن أحمد الفيفي

قيامة المتنبي!

(رأى الشاعر المتنبي في المنام وهو يُنشده ويُحاوره فيقول:... )

وكما تُؤَسْطِرُكَ الرَّوابيْ والسُّهُــــــــــــوبُ لكَ صَهْوَةُ النَّشْوَى ورَجْوَى لا تَخِيْــــــــــــــبُ
لكَ مُهْـرَتِيْ ومُهَنَّدِيْ ولـيَ اصطبـــــــــــــــــــــــــــــــا رُكَ، يا سَـلِيْبَ الدَّارِ، والرَّأيُ الصَّلِيْـــــــــــبُ
لا، لا تَسَـــــــــــــــــــــــــــلْ عَـنِّيْ فـإنِّيْ ذاك إنْ جَـدَّ الزَّمانُ وسَطْوَتِيْ العَجَبُ العَجِيْــــــــــــــبُ
إنِّيْ التقيتُـكَ هاهـنا يومـًا فَهَـــــــــــــــــــــــــــــــــلاَّ قُـلْتَ ليْ: ماذا جَرَى؟ ولِمَ الهُــــــــــــــــرُوْبُ؟
قد كُنْتَ بارقَ صَحْـوَتِيْ إنْ أَمْحَلَــــــــــــــــتْ وجَـلاءَ أيَّــامٍ عَلَيَّ دمـًا تَصُــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوْبُ
نَعـلاكَ أفـلاكُ المَجَـرَّةِ تلتقــــــــــــــــــــــــــــــي وعلى خُـطَـــــــــى قدمَيــــكَ تَنْتَقِــلُ الدُّرُوْبُ
لِـمَ هذه الآفـاقُ ثَكْـلَــــــــــى؟ والقُـــــــــــــرَى مَنْكُـوْبَـــةٌ؟ والبَدْرُ ثَغـْــرٌ لا يُجِيْـــــــــــــــــــــــــــــــبُ؟
وتَلَـبُّـــــبِيْ بالحَـــرْبِ مِرْجَــلُـهــا دَمِــــــــيْ أَيْــــنَ الأُلـــَى دارُوا بِهــا دَهْــرًا تَجُــــــــــــــــوْبُ؟
إيْـــهٍ، وأيــنَ الخَـيْــلُ تَقْــذِفُ بالبُطــُـــــــــــــوْ لَــــةِ في فُــروجِ الأرضِ نَهْداهـــا وَجِيْـــــــــــبُ؟
لولا رَحِـيْقُ العُـرْبِ في أحداقِكُـــــــــــــــــــمْ مـا قُلْتُ بيـنكُمُ على الدُّنيـــــــــــــــــــا عَرِيْــــبُ!
لا وَجْهَ ثَمَّ، ولا لِسـانَ، وليس مَـــــــــــــــنْ يُلْقِـيْ على شِـيَةِ الغَرابَـةِ: يا غَرِيْـــــــــــــــــــــــبُ!
مُلْقًـى على كَـفِّ القِيامـــــــــــــــــــةِ ظامِــــــئًـــا يُرْوِيْ النُّسُـوْرَ نَجِيْعَهُ وهُوَ السَّـغُـــــــــــــــــوْبُ!
فحَمَـلْتُ قافِـيَــــــــةً أُعـالِـــــــــــــجُ في فَـمِـــيْ خَجَـلِيْ مِنَ الآتـِيْ على الماضِيْ يَلُـــــــــــوْبُ
والشِّعْرُ أشْجـَارٌ ؛ فكَمْ مِنْ شاعِــــــــــــــــرٍ مـا قــــــــالَ شِـعـــــــرًا غُـصْنَـــــــهُ مِنْـــهُ رَطِيـْــــــبُ
ولرُبَّـمـــــا يَهْــــذِيْ بِــــهِ مَــنْ ليـــس فـــــــــــي تِمْثَـالِــــهِ أبَـدًا نَـدًى مِنْـــــــــــهُ وطِـيْـــــــــــــــــــــــــبُ
يـا أيُّهـــــــــا ذا الطَّيــــــِّبُ المـتنبِّـــــئُ الــــــــــــ ـــــماضيْ مَضَى ونَدَاكَ حاضُرُكَ الجَدِيْـــبُ
اسْمَعْ ، أبا كُلِّ الطُّـيُــــــــوْبِ، لقد نَـــــــــزَا في أُمِّ ضَيْعَـتِنا السَّـــــــبـَنْتَى والنَّخِيْــــــــــــبُ
وتَطـايَرَتْ إبِـلِـــيْ وهَــــــــــــــامَ وراءَهـــــــــــــا مِنْ أهــــلِ داريْ كُـــــــــلُّ أَرْعَـــــنَ لا يَثُــــــــــــوْبُ
بِأَحِـــــــزَّةِ الثَّلَـبُوْتِ حُــــــــــــــزَّ تُراثُـنـــــــــــــــــا، وعَـــفَا لَبِيْدُ، وأَرْعَـــدَتْ مُـــزُنٌ ضُــــــــــــرُوْبُ
وتَقَطَّعـَـــــــــــــتْ مِـــــــنْ آلِ نُـعْـــمٍ نِـعْمَــــــةٌ ، وتَسـاقَطَ العُشـَّاقُ، وانْتُهِكَ الكَثِيْــــــــــــــــبُ
وعلى ثـَرانا أَمْطَرَتْ سُحُـبُ الهَـــــــــــــــوا نِ وأنبتَـتْـنــــــــا ليس نُـشْـــــــــــــــرِقُ أو نَغِـيْــــــــبُ
مـا عـادَ في رأسٍ أَذًى مِنْ نَخْـــــــــــــــــــوَةٍ، ما عـادَ في عَـيْنٍ قَذًى، وخَلَتْ قُلُـــــــــــــوْبُ
وتَرَهَّـبَ الثَّــــــــــــــــــــــــاوونَ في أسـلافِهِـــــمْ واسْتَرْهَـبَ الغـاويــــــــــــنَ رَبُّهُمُ القَشِـــــــــــــــيْبُ
أ ولم تَكُـنْ في (شِــــــــــــعْبِ بَوَّانٍ) على مَرْأَى المصائِرِ، يا فَتَى، تَرعَى شَـعُـــــوْبُ؟!
ارْجِـعْ فليسَ لنا بشِـعْرِكَ هـا هنـــــــــــــــــــا أُذُنٌ ، وماتَ الشِّعْرَ، وانْتَحَرَ الخَطِيْبُ!
أَطْفِـئْ قَوافِيَـكَ التي أشْـعَلْتَـهــــــــــــــــــــــــــــــــا مُدُنـًا، وهاكَ قناةَ شَـعْوَذَةٍ تَنُـــــــــــــــــــــــــوْبُ!
اكْـتُبْ رِوايَتَكَ العَجِيْبَـةَ إنْ تَشَــــــــــــــــــــأ فبِحِبْرِهـا يَتَلَـــــــوَّنُ الحُـلُــــــــمُ الكَـئِيْــــــــــــــــــــبُ
دَوِّنْ بهـــا مــا شِـــئْــتَ مِـنْ مَلْهـــــــــاتِـنــــــــــا فبـها تَرُوْحُ قَـوافِـــــــــــــــــــــــــــــلٌ (وبـنــا) تَـــــؤُوْبُ
يَتَحَدَّقُ الأُدَبـاءُ في حَـدَقِ السُّـهَـــــــــــــــــا كَـيْ لا تُرَى أســـــــــــماؤُهُمْ فتُرَى ثُـقُــوْبُ
أو فلتَكُنْ أُنْثـاكَ خَمْـرَ مُسَلْسَـــــــــــــــــــــــلٍ خَـدَرًا تُتَلْفِـــزُ حاضِـرًا خَطِــرًا يَطِـــــــــــــــــيْـبُ
تَسْـــقِيْ العُيُوْنَ عُيُوْنُـهــــا في مَهْمَــــــــهٍ مِنْ سُـكَّـــــــــــــرِ الآثــــامِ فـيهِ تُــــقًـــى نَـــــــذُوْبُ
صُـــــــغْ مِـــنْ ريــــاحِ الشَّــــرْقِ أُغــــنيـــــــــــــــــةً ولكنْ لا غِـنــــاكَ شَجَـــــا ولا فينــــــا طَـــرُوْبُ
ذُبِــحَ البَيــانُ، وأُحرقـــتْ خَــيلُ القــوا في، قيـلَ: قاتلــــةٌ، وفارسُهـــا رَهِــيْــــبُ!
لا شِعـْـــرَ في الشِّعْــــرِ، ولا النَّـــثْرُ بــــِـــهِ، وتَحَرْبَــــــــــــأَ المَوْهُــــــوْبُ فـينـــا والكَـــذُوْبُ
أُفٍّ لكُمْ! قــــامَ المُغَــــــنِّي مُغْـضَـبًـــــا، ومَضَـــى يَلُـــوْكُ حُروفَــــهُ، ورَنَــــا الرقيــــــــــبُ!
أَسَـفًـــا علــى تَصْـهَـــالِ أحـــلامـــــــي التـي دلّـــهـــتُهــــا بشَـبـــابِ أُنـثــــى لا تَشِــــيْـــــــــبُ!
أســــفـــي على أســــفـــي علــــيكُـــمْ أُمَّــــــــــةً لا تَسـتحـــقُّ مدامعــــي! فبمـــا أجــــيـــــــــــبُ؟!

1) رؤية المتنبي من قِبَل الشاعر حقيقة. ومن رؤياه استيقظ وهو يذكر مطلع النصّ، على الأقل، وقوافيَه البائيّة.

2) يبدو أن المتنبي نسي عَروض الخليل حين أنشدني في المنام! لأنه لم يَرِد قطّ للبحر الكامل التامّ ضربٌ مرفّل، بيد أن بناء القصيدة الموسيقيَّ- الذي لا أعرف له نظيرًا في الشِّعر العربي- سَلَك مع أبي الطيّب، واستمزجتُه منه!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى