الخميس ١٢ آذار (مارس) ٢٠٠٩
بقلم توفيق الحاج

متشائل 2009

نفسي أن انجح مرة..في عقد اتفاق تصالحي بين عقلي و قلبي فهما دائما ناقر ونقير وعلى خلاف مقيم كزوجين عجوزين لا يطيقا بعضهما بعضا وتزوجا على غلب..!!

.. قلبي أبيض وعلى نياته يصدق كل ما يقال خاصة من جميلات الجزيرة والعربية المتمكيجات اللائي يقدمن لنا وجبة الأخبار طازجة من غرف النوم 5نجوم في اترف الفضائيات،ويأمل بتحقق كل ما يقرأ في مطبوعات "الآن الآن وليس غدا " عن بشائر التصالح بين ميسرة أحمدقريع ، وميمنة ابو مرزوق والقلب المسكين الممزق من الشمال إلى اليمين يتمنى أن يرى قبلات حقيقية وأحضان ساخنة صادقة بين المجتمعين كما يحدث في الأفلام الممنوعة..!!

في ذات اللحظة يسخر عقلي من قلبي دائما ،ويقهقه على هبله المتوطن ،ويرى أن أمور الفهلوةالخطابية والأفلام الهندية السياسية ما عادت تنطلي عليه وما الأحضان والقبلات والدموع أمام الكاميرات إلا تمثيل في تمثيل..!!

طيب والأمر كذلك.. لماذا إذا السعي للمصالحة القاهرية بين مشعل وعباس وهما لا يزالا وحسب أخر التصريحات كما الزير و جساس..؟!!

الجواب فرضه التقاء المصالح المتناقضة وحسابات المستقبل في نفق التصالح بمعنى انه ليس أمام الطرفين للخروج من أزمتيهما إلا مد اليد للأخرى وتشكيل حكومة وحدة وطنية لا حبا في الوحدة الوطنية ذاتها وإنما لأنها الوسيلة الوحيدة لمواجهة أعباء المرحلة القادمة.. مع كل الاحترام لتمكينات حماس وكراماتها ،ولعلاقات سلطة عباس وسياساتها..!!

والصورة بوضوح كما يراها أي غزاوي بسيط..!!

هي كما يلي.. إننا لانزال تحت الحصار رغم كل إبداعات الرباط للخروج منه على مدى20 شهرا،ورغم احترامنا للقناعات القائلة عن انتصار مغمس بدم 1300 شهيد ..!!

إلا أن غزة المدمرة التي تصيف في عز الشتاء ورجعت بمأساتها العمرانية 40 عاما إلى الوراء باتت بحاجة ماسة إلى اعمار ، والاعمار يلزمه مال والمال من مليارات شرم الشيخ، وشرم الشيخ يتجاهل عن عمد حماس ،ويرفع في وجهها شروط تعجيزية..!!

والمال أن صدقت وعود المانحين يشترى به اسمنت ،والاسمنت لا يمر إلا من تحت إبط إسرائيل ،وإسرائيل و حماس يلعبان لعبة القط والفار والاثنان يريدان التهدئه والخلاف بينهما على تهدئه مع شاليط أو بدونه ، فاسرائيل تريد شاليط مع تهدئة من طرف واحد خالية الدسم ،وحماس تريدها تانجو كاملة الدسم مع المعابر ،وكذلك الخلاف على ثمن شاليط ،فهو حمساويا يعني تحرير مجموعة سجناء فلسطنيين من العيار الثقيل ،وإسرائيليا يعني تحرير أقل القليل..!! ،ولكن شاليط نفسه لا يساوي في النهاية عند إسرائيل أن تتنازل أو تغض الطرف عن الأنفاق و المعابر التي تتمسك بها كما كانت تتمسك جدتي بعصبة رأسها لتشدها بمفتاح الدار وقت يزعجها الصداع..!!

في خلفية هذه الصورة المتشابكة يتهيأ نتنياهو وليبرمان للدخول وتسخين الاوضاع من جديد وسط غفوة عربية واسترخاء عالمي .

لذلك توصلت قناعات حكماء حماس على استحياء إلى أن المصالحة الفلسطينية ولو المؤقتة هي السبيل الأمثل وغير المكلف لتجاوز عقبات كثيرة ،وكسب المزيد من الغزل الأوروبي بانتظار أن يتحقق لها من خلال اتصالات سرية ورسائل ودية إلى البيت الأبيض زواج عرفي من أمريكا مباركا قطريا ..غير محرج إيرانيا وسوريا،و ليس بمستوى زنا علني..!!

و كل ذلك يتيح الفرصة من أوسع الأبواب لعدم تشويه صورة الوجه الحمساوي المقاوم مع وقف التنفيذ في ظل تهدئة طويلة متوقعة في الضفة كما في غزة حتى مع كثير من الضغط لأجل قليل من الترويض الحلال..!!

أما بالنسبة لعباس ..فان أمانيه قد تبخرت بأن تتفكك حماس بعوامل التعرية أو بسقوطها في وحل الرصاص المنهمر ثلاثي الأبعاد ..عدا خيبة الأمل الراكبة جمل من ماراثون التفاوض مع ليفني واو لمرت..!!

وبالتالي فان ضعفا وانحطاطا في المعنويات قد أصاب العباسيين بلا شك ولولا وقوف القاهرة بقوة مع شرعية عباس لجرى ما جرى.. عدا التخوف الطبيعي من أن تسرق الضرة الناشزة بليل الانتباه من ضرتها العاجزة..!!

وكان لابد للتخفيف من ذلك أن تستعيد رام الله توازنها وتكسب نظريا جولة اعمار غزة بينما لم يلق المانحون بالا إلى احتجاجات "برهوم" عن تسيس إبليس..!!

عباس ضمن مليارات الاعمار ،وحماس تسعى للتعادل بضمان نجاحها في صفقة شاليط مع تهدئة مرضية..!!

ومن المضحك أن عباس وحماس ليس لديهما حتى الان أي ضمانات عالمية بعدم تكرار تدمير غزة مرة أخرى بعد اعمارها فيما لو صدق المانحون .

من هنا وهناك.. اقتضت مصالح الطرفين أن يتجها إلى القاهرة بعد مسلسل ممل من المماحكة من باب التكتكة والمناورة والمحاصصة التي بات يجيدها كل طرف كلعبة مصارعة رومانية ..جماعة رام الله كما جماعة دمشق..!!

من يتأمل تصريحات الناطقين باسم الزير أو حساس يرى أن البسوس لا تزال تجلس القرفصاء ،وتطل بوجهها القبيح مؤكدة أن لقاء تصالح المصالح من الهشاشة بمكان و بالإمكان بسهولة هدمه لأنه بالدرجة الأولى لم يأت من باب القناعة بأننا كفلسطينيين نستحق بعد قحط اسود من شؤم الفصائل وحدة وطنية صادقة تليق بجراحاتنا ..!!

ولو أن الطرفان أرادا فعلا مصالحة وطنية حقيقية لبدأا على الفور بإغلاق الأفواه الكبيرة التي لا تجيد إلا إثارة الخواطر وتعزز الانقسام ..!!

هناك فعلا في المعسكرين الفلسطينيين من يريد أن نضيع إلى الأبد في ثقب التشرذم والتراشق من اجل عيون هذا الوزير أو ذاك الأمير..!!

هذا عدا العقبات النفسية الكثيرة والارادات الخارجية التي توجج التباين الكبير بين واقعية الرئاسة وتجليات الخلافة..!!

نعم أني في قمة التشاؤل وأكاد أتمزق بين قلب يود أن يصدق كل ما يقال

،و عقل يشكك دائما ويسخر ممن يبيعون المية في حارة السقايين..!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى